كما كان متوقعاً، فاز مرشح «الحزب الديموقراطي التقدّمي»، لاي تشينغ – تي، في الانتخابات الرئاسية في تايوان، بعدما حصد 40.1% من الأصوات، فيما نال أقرب المنافسين له، هو يو – إيه، من حزب «الكومينتانغ»، 33.5%، ليحل المرشح عن «حزب الشعب التايواني»، كو وين جي، في المرتبة الثالثة بنسبة 26.5%. وفيما من المقرر أن يتولى لاي منصبه في الـ 20 من أيار القادم، فإنّ ولايته ستكون، على الأرجح، مليئة بالتحديات الداخلية والخارجية، بدءاً من عدم حيازته للأغلبية البرلمانية، حيث سيصطدم بمعارضة داخلية، تحبّذ حتى علاقات أقرب مع الصين، وصولاً إلى تمسك الأخيرة الراسخ بإعادة التوحيد السلمي للجزيرة، من دون استبعاد خيار اللجوء إلى القوة العسكرية، ما جعل البعض يستشرف أفقاً «خطيراً للغاية» بين تايبيه وبكين في الفترة القادمة.وفيما تستأنف واشنطن تبادلاتها الديبلوماسية الهادفة إلى تحسين العلاقات مع بكين، وبالرغم من انخراطها في حربين في غزة وأوكرانيا، جنباً إلى جنب مع المشاكل الداخلية التي يواجهها الرئيس الأميركي، جو بايدن، وأبرزها أزمة الهجرة عبر الحدود مع المكسيك، فقد سارع الأخير وغيره من المسؤولين الأميركيين إلى تهنئة لاي بفوزه، والإشادة بما وصفوه بـ«الديموقراطية الصلبة» في تايوان، فيما يستعدّ وفد أميركي مكوّن من مسؤولين سابقين لزيارة تايبيه قريباً جداً. ومع أنّ الإدارة الأميركية بدت حريصة على عدم التمادي في إغضاب بكين؛ إذ أكّد بايدن، في تصريحات له عقب صدور النتائج، أنّ «الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان»، فيما أعلن وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، بدوره، أنّ «الولايات المتحدة ستعمل مع لاي وجميع قادة الأحزاب في تايوان لتعزيز علاقتنا غير الرسمية طويلة الأمد، بما يتفق مع سياسة الولايات المتحدة تجاه (الصين الواحدة)». في المقابل، تقدمت وزارة الخارجية الصينية بشكوى ديبلوماسية إلى الولايات المتحدة، في أعقاب تصريحات الأخيرة وممارساتها الاستفزازية، مشددة، مرة جديدة، على ضرورة أن تتوقف واشنطن عن «إرسال إشارات خاطئة إلى القوات الانفصالية» في الجزيرة.
قد تستغلّ واشنطن انتخاب لاي لاستكمال التعاون مع الجزيرة «في مجالات أكثر حساسية»
واللافت أنّ المخاوف الصينية إزاء ولاية لاي، الذي وصف نفسه، ذات مرة، بـ«العامل البراغماتي من أجل استقلال تايوان»، تنسحب أيضاً على العديد من الباحثين الغربيين في الشأن الصيني. في السياق، يؤكد إيفان ميديروس، أستاذ الدراسات الآسيوية في «جامعة جورج تاون» الأميركية، في حديث إلى صحيفة «نيويورك تايمز»، أنّه لا يمكن للسنوات الأربع التي ستلي الانتخابات الأخيرة، «أن تشهد علاقات مستقرة بين الولايات التحدة والصين في مضيق تايوان». ومثل هذه المخاوف مردّها، بشكل أساسيّ، أنّ واشنطن ستستغل، على الأرجح، انتخاب لاي، الذي عمل مع الأميركيين عن كثب عندما كان نائباً لرئيسة تايوان السابقة، تساي إنغ ون، لاستكمال التعاون مع الجزيرة بوتيرة أسرع، «وفي مجالات أكثر حساسية»، بحسب الصحيفة نفسها، بما قد يشمل زيادة التعاون في مجال الأمن السيبراني، وتعزيز شبكات الاتصال بين واشنطن وتايبيه، بما هو أشبه، أو بدرجة أقل يمهّد الطريق، أمام تبادل المعلومات الاستخبارية. كما يمكن أن تحاول واشنطن نشر معدات لوجستية عسكرية في الجزيرة، في استكمال للاستراتيجية التي يتبعها البنتاغون في جميع أنحاء منطقة المحيطين الهندي والهادئ. ويتابع أصحاب هذا الرأي أنّ «الوجود المتزايد للمستشارين العسكريين الأميركيين، ومعظمهم من الضباط المتقاعدين»، الذين يطلق عليهم بعض المسؤولين التايوانيين «معلّمو الإنكليزية»، لا يخفى على أحد، مشيرين إلى أنّه تحت قيادة لاي، قد يكون المزيد من هؤلاء في طريقهم إلى الجزيرة، ما ينذر بأنّ التوترات حول تايوان، أي القضية المحورية بالنسبة إلى «الجمهورية الشعبية»، ستبقى موجودة، وقد تزداد وتيرتها، حتى إشعار آخر.
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية