بعد صيف مضطرب توقّف فيه نبض المسرح تحت وطأة الحرب، ينهض مسرح كركلا من جديد في ربيع 2025 ليُعلن عودة الحياة الثقافية في لبنان، واضعاً نصب عينيه حلماً طالما ألهب الخيال: “ألف ليلة وليلة”. العرض المنتظر افتُتح ليل أمس الجمعة على خشبة مسرح كركلا في حرش تابت، بحضور رئيس الحكومة نواف سلام ونائب الرئيس طارق متري والرئيس فؤاد السنيورة ووزراء الثقافة غسان سلامة والسياحة لورا الخازن لحود والمال ياسين جابر والخارجية يوسف رجي.
ليست “ألف ليلة وليلة” مجرد عمل مسرحي، بل احتفاءٌ بصمود الفنّ أمام العتمة. الحكاية التي جالت العالم من الأسواق الشعبية إلى قاعات الأدب المرموقة، ومن السندباد إلى شهرزاد، تعود لتُروى بلغات متعددة: كوريغرافيا، موسيقى، أداء، وفولكلور.

في هذا العمل، يستحضر كركلا سحر المشرق بلغة بصرية مذهلة: أزياء تنبض بالألوان، إيقاعات شرقية تحتضن أنغاماً غربية، وتكوينات راقصة تنبض بالحياة. على أنغام “شهرزاد” لرمسكي كورساكوف و”بوليرو” لموريس رافيل، تتلاقى حضارات، وتلتقي الأسطورة بالواقع، لتعيد كتابة الحكاية.
في قلب المسرحية، تعود القصة التي يعرفها الجميع ولكن لا يملّ منها أحد: شهريار، الملك الذي جُرح قلبه بخيانة، يعلن انتقامه من كل نساء الأرض، حتى تظهر شهرزاد. ليست كباقي النساء، فهي لا تواجه الموت بالدموع، بل بالحكايات. تسرد له كل ليلة قصةً تأخذه من قسوة الواقع إلى رحابة الخيال، ومن ظلام الغدر إلى نور التسامح. وبعد ألف ليلة، لا تنقذ حياتها فقط، بل تنقذ روح الملك ومملكته، وتزرع في القلب الإيمان من جديد.

العمل يحمل توقيع كوكبة من كبار الأسماء: السيدة هدى حداد، جوزيف عازار، غابريال يمّين، سيمون عبيد، ليا بوشعيا، وعميد الفولكلور عمر كركلا. يشاركهم أيضاً فرنسوا رحمة، جورج خوند وأديب أبو حيدر. الموسيقى والإشراف العام لعبد الحليم كركلا، بينما تتولى أليسار كركلا تصميم الكوريغرافيا، ويقف على الإخراج المسرحي إيفان كركلا.
بـ”ألف ليلة وليلة”، لا يعيد كركلا عرض حكاية قديمة، بل يعيد إحياء الأسطورة بلغة الزمن الحاضر، ويذكّرنا بأن الفن، حين يتنفس، يزرع الأمل في القلوب ويمنح للحياة مجدها من جديد.





اخبار سورية الوطن 2_وكالات_النهار اللبنانية