رغم تصاعد وتيرة الاتصالات والاجتماعات التي يشارك فيها مسؤولون من عدّة دول بهدف تثبيت التهدئة في قطاع غزّة، والتمهيد للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، لا تزال عقبات جوهرية تهدّد مسار المفاوضات، في مقدّمها ملفّ مقاتلي «كتائب القسام» العالقين في المنطقة التي يحتلّها جيش الاحتلال الإسرائيلي في رفح. ويأتي ذلك في وقت يستمرّ فيه العدو في ادّعاء وقوع اشتباكات متكرّرة مع المقاومين في تلك المنطقة، متّخذاً من هذه الادّعاءات ذريعة للاستمرار في خرق الاتفاق، وتنفيذ عمليات قصف واغتيال واستهداف واسعة في مختلف أنحاء القطاع؛ علماً أنّ «القناة 12» العبرية، نقلت تقدير الجيش «مقتل نصف مسلّحي حركة حماس المحاصرين في أنفاق رفح».
وفي المقابل، أفادت مصادر «الأخبار» بأنّ الاجتماعات التي عُقدت في القاهرة مع وفد قيادة حركة «حماس» شهدت تشديداً من الوسطاء على «ضرورة التزام الفصائل الفلسطينية باتفاق وقف إطلاق النار»، وذلك رغم استمرار الانتهاكات الإسرائيلية. ومن دون تقديم أي ضمانات، أكّد الوسطاء أنهم «يبذلون جهوداً لدفع واشنطن إلى ممارسة ضغوط على تل أبيب»، غير أنّ تلك الجهود لم تُفضِ إلى نتائج ملموسة بعد. ومن جهتهم، جدّد مسؤولو «حماس» تأكيدهم التزام الحركة بالاتفاق القائم، ومطالبتهم الوسطاء بالقيام بدورهم في منع الانتهاكات الإسرائيلية المتكرّرة. ووفق ما قاله مسؤول مصري لـ«الأخبار»، فإنّ القاهرة والوسطاء يعتقدون أنّ ثمّة «عقبات يتحمّل فيها الطرف الفلسطيني جزءاً من المسؤولية»، مشيراً تحديداً إلى الخلاف القائم حول «لجنة التكنوقراط» التي ستتولّى إدارة قطاع غزة، والتي لم يُحسم أمرها بعد بين حركتَي «فتح» و«حماس». وأشار المسؤول إلى أنّ «استمرار الوضع الراهن فلسطينياً أمر غير مقبول».
وعقب الاجتماعات مع ممثّلي «حماس»، استضافت القاهرة لقاءً ضمّ الوسطاء الضامنين للاتفاق – باستثناء الطرف الأميركي -، شارك فيه مدير المخابرات العامة المصرية حسن رشاد، ورئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن، ورئيس المخابرات التركية إبراهيم كالين. وتركّزت المباحثات على سبل الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، في ظلّ غياب أي خطط تفصيلية وخطوات محدّدة لذلك.
تُبدي القاهرة رفضاً قاطعاً للتوجّه الإسرائيلي حيال ملفّ إعادة الإعمار
وفي ضوء تعثّر الانتقال إلى المرحلة الثانية، تحدّث مسؤول في وزارة الخارجية المصرية إلى «الأخبار»، عن «إخفاق» في إنجاز ترتيبات انعقاد «مؤتمر إعادة إعمار غزة»، الذي كان مقرّراً قبل نهاية الشهر الجاري، ما دفع القاهرة إلى تأجيله إلى موعد لاحق. وعزا المسؤول المصري هذا الإرجاء إلى «جمود الاتفاق» عند المرحلة الأولى، كاشفاً أنّ الاتصالات التي أُجريت مع المانحين تركّزت على ضرورة توفير ضمانات تتيح توظيف المنح المالية بطريقة آمنة، وتمنع تعرّض مشاريع الإعمار لاستهداف من قبل إسرائيل. وأضاف أنّ «الرياض وأبو ظبي، أبدتا استعداداً للمشاركة في المؤتمر، لكن من دون التزامات مالية مسبقة، إلى حين تحصيل الضمانات».
وفي السياق نفسه، تُبدي القاهرة رفضاً قاطعاً للتوجّه الإسرائيلي حيال ملفّ إعادة الإعمار، حيث تسعى سلطات الاحتلال إلى الترويج لفكرة بناء «تجمّعات سكانية» في المناطق الواقعة شرق الخطّ الأصفر، وهي مناطق لا تزال تحتلّها إسرائيل، منذ بدء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار. وترى مصر أنّ هذا التوجّه «لا يمكن القبول به»، مؤكّدة أنه «لن يحظى بموافقة فلسطينية كونه يمثّل خرقاً واضحاً للاتفاق الذي جرى توقيعه في شرم الشيخ».
وكانت كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب، تدفع نحو «إقامة مجمّعات سكنية مؤقّتة في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل شرق قطاع غزة، في محاولة لتوفير مأوى للفلسطينيين بعد التدمير الواسع الذي لحق بالبنية التحتية». ووفق الصحيفة، فإنّ هذه المجمّعات، أو ما يُطلق عليه المسؤولون الأميركيون اسم «مجتمعات آمنة بديلة»، يُفترض أن يستوعب كلّ منها ما بين 20 إلى 25 ألف شخص، وأن تتضمّن عيادات ومدارس وهياكل سكنية مؤقّتة، على أن تُقام بشكل عاجل في مناطق قليلة السكان، بعدما تمّ تفريغها بفعل العدوان. ويأمل المسؤولون الأميركيون أن تسهم هذه المجمّعات في «تشجيع الفلسطينيين على الابتعاد عن مناطق سيطرة حركة حماس»، والانخراط في «برامج إعادة تأهيل فردية»، بالاستفادة من ما تصفه واشنطن، بـ«فرص أمنية واقتصادية أفضل». غير أنّ ذلك الطرح يلقى رفضاً واسعاً من الجانب الفلسطيني والمصري، كونه يُعدّ التفافاً على جوهر الاتفاقات التي أُقرّت سابقاً بشأن مستقبل قطاع غزة، ومحاولة لتثبيت واقع احتلالي جديد تحت غطاء «إعادة الإعمار».
أخبار سوريا الوطن١- الأخبار
syriahomenews أخبار سورية الوطن
