باسمة اسماعيل:
في زمن طغت فيه الشاشات على تفاصيل الحياة اليومية، تعود الصحافة الورقية لتعلن حضورها من جديد، محملة بعبق الذاكرة وسحر الحبر، عبر صدور صحيفة الثورة السورية بحلة ورقية متجددة، وتزامن هذا الإصدار مع الذكرى السنوية الأولى لعيد التحرير، ما أضفى عليه رمزية خاصة باعتباره حدثاً إعلامياً طال انتظاره لدى عشاق الصحف الورقية.
إعادة إحياء لطقس يومي محبب
شهد الوسط الإعلامي السوري عودة لافتة للصحافة الورقية مع إصدار عدد جديد من صحيفة الثورة السورية، بعد سنوات من التوقف عن الطباعة.
هذه الخطوة، التي رآها كثيرون إعادة إحياء لطقس يومي محبب، جاءت في توقيت ذي دلالة وطنية، ما منحها زخماً إضافياً وفتح الباب أمام نقاش واسع، حول أهمية الصحافة الورقية ومكانتها المستمرة رغم التطور الرقمي المتسارع.
عودة بلمسة من الذاكرة
وفي حديثه ل “الحرية” عبّر الصحفي والفنان الكاريكاتيري جورج إبراهيم شويط – عضو اتحاد الصحفيين العرب بأمريكا- عبّر عن فرحه لهذه العودة بعد انقطاع دام أكثر من خمس سنوات، وكان إطلاق جريدة الثورة السورية تزامناً مع عيد التحرير، يعد حدثاً إعلامياً مهماً، طال انتظاره، خاصة من قبل الذين عاصروا ولمسوا هيبة ووقار ومتعة وسحر القراءة في الصحف والمجلات الورقية.
وأكد أن لعالم الورق جاذبية لا تتكرر في الوسائط الرقمية الحديثة.
ويرى شويط أن صدور الجريدة بحلة جديدة، يعيد الوهج لتجربة القراءة الورقية التي رافقت أجيالاً كاملة، معبراً عن أمله في أن تستمر جريدة الثورة السورية، في تقديم صورة مشرقة عن الإنجازات الوطنية في المجالات الخدمية والاقتصادية والتعليمية والصحية والثقافية وغيرها.

نبض الحروف يعود
وفي تصريحها ل “الحرية” وصفت الكاتبة أمل حورية، رئيس مكتب مجلة المعلم العربي باللاذقية، هذا الحدث بأنه عودة لنبض الحروف بين يدي القارئ، مشيدة بالبعد الحميمي للصحيفة الورقية التي كانت ترافق الكثيرين مع فنجان القهوة وصوت المطر، مستعيدة ذكريات الأجيال التي تربت على رائحة الحبر وتقليب الصفحات، معتبرة أن الجريدة الورقية ليست مجرد وسيلة إخبارية، بل “طقس يومي” ورافعة للوعي الوطني، لما تتمتع به من ثقة ومباشرة في نقل الأخبار.
ودعت حورية إلى أن تلعب الصحيفة دور السلطة الرابعة، في كشف الأخطاء وتصويب المسار، مؤكدة أن حمل الصحيفة لاسم “الثورة السورية” يمنحها بعداً رمزياً يذكر بتضحيات الوطن وأبنائه.

توثيق للأجيال القادمة
ومن جهته بيّن الإعلامي مؤتمن حداد صاحب صفحة اللاذقية بيتنا، في حديثه ل “الحرية” أن توقيت الإصدار الجديد “اختيار موفق” يتزامن مع احتفالات التحرير، مؤكداً أن الصحافة الورقية تمثل أرشيفاً حقيقياً للأجيال المقبلة.
ويرى حداد أن العدد الأول بصيغته الجديدة، يعد مرجعاً مهماً لتوثيق أهم الأحداث المعاصرة، مشيراً إلى أهمية تعميم هذه الخطوة على بقية الصحف السورية، لتعزيز حضور الورق في المشهد الإعلامي.

آراء المواطنين
إلى جانب الأصوات الإعلامية والكتاب، عبّر العديد من المواطنين الذين التقتهم “الحرية” عن سعادتهم بعودة الجريدة الورقية، كلّ من زاويته الخاصة:
أبو محمد، موظف متقاعد، قال: كبرنا مع صوت تقليب الورق كل صباح، هذه العودة تعيد إلينا جزءاً من ذاكرتنا الجميلة، الشاشة لا تعطيك الشعور نفسه ولا دفء الصفحة بين يديك.
رنا معلمة لغة عربية، أشارت إلى أن الجريدة الورقية تمنحها ثقة أكبر في المعلومات، فحينما أقرأ صحيفة ورقية، أشعر بأنني أمام مصدر واضح ومسؤول، الورق لا يمرر الأخبار بلا تدقيق.
أما الطالب الجامعي محمود، عبر بكلمات جميلة: لم أكن من جيل الصحف الورقية، لكنني أحب فكرة الاحتفاظ بعدد مميز أو مقال مهم، وأشعر بأن الجريدة شيء يمكن اقتناؤه وتوثيقه.
أم علي، ربة منزل، تحدثت عن طقس القراءة في الصباح الذي كان له رونقه أيام زمان، مع فنجان القهوة، مبينة لا شيء يعوض جريدة ورقية، حيث تشعر أنك تبدأ يومك بخبر موثوق، لا بضجيج وسائل التواصل.
صاحب مكتبة، علق قائلاً: عودة الصحف تعني عودة الزوار إلى المكتبات، الورق ليس فقط ثقافة، بل حركة اجتماعية كاملة.
حنين لزمن
هذه الآراء عكست حنيناً عاماً لزمن كانت فيه قراءة الجريدة، جزءاً من الهوية اليومية للسوريين، ووسيلة لتبادل الحديث وربط المجتمع بخيط وطني واحد.
إرث لا تنجح التكنولوجيا في محوه
عودة جريدة الثورة السورية بورقها وصوت صفحاتها، ليست مجرد حدث إعلامي، بل استعادة لعلاقة إنسانية عميقة بين المواطن والكلمة المكتوبة. إنها عودة الذاكرة، وعودة الطقس الصباحي الجميل، وعودة الثقة بمصدر وطني مسؤول.
خطوة يأمل كثيرون أن تتوسع لتشمل جميع الصحف السورية، حفاظاً على إرث لا تنجح التكنولوجيا في محوه مهما تقدمت.
syriahomenews أخبار سورية الوطن
