القاهرة | بعدما تبخّرت الوعود الأميركية، للدول العربية وعلى رأسها مصر، بإدامة الهدنة لأطول مدة ممكنة، تجدّدت، على المستويَين السياسي والاستخباري على السواء، المباحثات الهادفة إلى تجديدها، توازياً مع استئناف النقاشات حول مخطّطات التهجير الإسرائيلية، والتي تعدّها الدولة المصرية التهديد الأكبر لأمنها القومي. وقُبيل استدعاء رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، للوفد التفاوضي الاستخباراتي من العاصمة القطرية الدوحة نهاية الأسبوع الماضي، جرى التحذير من قِبَل المصريين من أن استئناف عمليات الإجلاء من مدن القطاع المختلفة، وتفريغ هذه الأخيرة من سكانها لمصلحة حشدهم على الشريط الحدودي، «أمر لن تسمح مصر بحدوثه». كما شدّدت القاهرة على ضرورة إدخال مساعدات كافية لجميع النازحين على الشريط الحدودي، ونفاذ المساعدات أيضاً إلى بقية المناطق، بما «يضمن بشكل جزئي استقرار الأمن القومي المصري»، وخصوصاً في ظلّ المخاوف من أن يولّد نقص المساعدات انفجاراً تجاه الحدود المصرية.وإذ تستمرّ مصر في التنسيق بخصوص ذلك مع «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) والمنظّمات الإغاثية الدولية، فقد بحث رئيسها، عبد الفتاح السيسي، الوضع الإنساني مع نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، في لقائهما قبل أيام على هامش «قمة المناخ» في دبي، حيث انتزعت موقفاً أميركياً متجدّداً برفض التهجير ورفض السيطرة الإسرائيلية على قطاع غزة. لكن موقف واشنطن لا يزال، بالنسبة إلى القاهرة، ضبابياً ورخواً وغير كافٍ لوضع حدّ للممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، فضلاً عن أنه لا يقدّم أيّ رؤية للحلّ، باستثناء الرفض الكامل لعودة حركة «حماس» إلى حكم القطاع. وفي ظلّ هذا الوضع، تحاول مصر عرض مخارج على الأميركيين، من بينها صيغة جديدة للحكم ما بعد الحرب، لا يكون للحركة دور قيادي فيها، ساعيةً، في إطار الدفع بتلك المقترحات، إلى الاستفادة ممّا تحقّقه المقاومة في وجه الهجوم الإسرائيلي. كذلك، تدفع مصر في اتّجاه إرساء هدنة طويلة الأمد، تكون هي إلى جانب قطر وأطراف أخرى، ضامنين لها، في مقابل استمرار الإفراج التدريجي عن الأسرى العسكريين في إطار صفقات تبادل جديدة وممتدّة زمنياً. أيضاً، تقترح مصر بدء التنسيق بين السلطة في رام الله والفصائل في غزة، توازياً مع تهدئة الخطاب الإعلامي، بما يسمح بإطلاق مسار لإعادة سيطرة الأولى على القطاع، ويتيح بالتالي «سحب هذه الورقة من أيدي الإسرائيليين» وفق ما تدافع به القاهرة. وفي سياق سعيها لتسويق هذا المقترح، تحذّر مصر من أن البديل من مبادرتها سيكون مزيداً من التصعيد، ولمدّة زمنية أطول، في ظلّ بدء فصل الشتاء، وما يولّده من معاناة إضافية للنازحين.
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية