| نقولا طعمة
الوادي مُترامٍ، قسم منه أملاك خاصة، والقسم الآخر عام. منطقة جرداء تجاور بلدة بنشعي، المقرّ الرئيسي للوزير اللبناني السابق سليمان فرنجية، الذي يتمتع بنزوعٍ بيئي، وطبيعي منذ نعومة أظفاره، حيث أمضى الكثير من وقته في الطبيعة التي يحبّ.
خلال 30 عام، ولدت “غابة بنشعي”، وتحوّلت الأرض الجدباء التي تزيد مساحتها على 200 هكتار، إلى غابة طبيعية تحتوي ما يزيد على المليون شجرة. أهميّة النشوء تؤشر إلى أن الإرادة الطيبة، متى توافرت، صنعت الخير والعجائب.
الوادي مُترامٍ، قسم منه أملاك خاصة، والقسم الآخر عام. منطقة جرداء تجاور بلدة بنشعي، المقرّ الرئيسي للوزير سليمان فرنجية، الذي يتمتع بنزوعٍ بيئي، وطبيعي منذ نعومة أظافره، حيث أمضى الكثير من وقته في الطبيعة التي يحبّ.
وأن تتمدّد بقعة واسعة جرداء إلى جانبه، منظرٌ لم يرق له. أوائل تسعينات القرن الماضي، وضع نصب عينيه تحويله إلى غابة، ناظراً فيه إلى يومه، ومصمّماً على المضي حتى النهاية، غير آبه بالمدة الزمنية المستقبلية التي يستغرقها، همّه البدء، والمبادرة، فكانت أولى الشجرات التي غرسها في الامتداد المترامي، لا تُرهِبه المساحة الشاسعة، ولا يتردّد أمامها خائفاً من عِظَم المسؤولية.
راحت الشجرات الأولى تتكاثر مع كل دفعة من الأشجار التي تمكّن فرنجية من الحصول عليها من مصادر مختلفة، وكلّف فريقاً من مؤسّسته بمتابعة أمور الغابة، وتأمين الأغراس، وتنميتها، وتوسيعها، إلى أن اصبحت اليوم غابة واسعة، تمتد من ارتفاع 150 متراً عن سطح البحر، إلى 300 متر، لتلامس الوديان المحيطة من وادي القراقير، إلى وادي جوعيت، وتلامس محمية حرج أهدن، بلوغاً إلى بنشعي”، بحسب ما أفادت الناشطة البيئية الدكتورة سناء بو ديب.
مع الوقت، وإضافة الى أن الغابة أصبحت ملجأ للحيوانات البريّة المحليّة، تمّ ادخال حيوانات برية إليها كالخنزير البري بأعداد كبيرة جدّاً، والخروف البريّ، والماعز البريّ. كما تعتبر غابة بنشعي المكان المحبّب للقنفذ، والسنجاب المستوطن فيها بكثرة، والثعلب، والضبع.
وبالنسبة للطيور، تنتشر في الغابة الحجلان، ومنها 5000 حجل أطلقها الوزير فرنجية في الغابة، والشحرور، وأبو زريق، وأصبحت محطة آمنة للطيور المهاجرة في ترحالها الموسميّ بين الشمال والجنوب، ومحطة دائمة للطيور القاطنة.
أمّا أشجارها فهي الأشجار اللبنانية المتلائمة مع البيئة والمناخ المحليّ، ومع ارتفاعات الموقع، تحديداً الصنوبر (Pine)، والكينا (Eucalyptus)، والسرّو (Cypress).
ولا تعتبر الغابة محميّة بيئية لأنها أملاكٌ خاصة، بحسب يو ديب، وليس هنالك قانون لذلك، فبقيت خاضعة لقانون الحماية الطبيعية، وآثر المعنيون بها تسميتها “غابة بنشعي”، والقيّمون عليها يحرصون على التعامل معها بمفاهيم، وأسس الحماية البيئيّة التامة.
و المدّة الزمنية التي استغرقها الموقع ليصبح غابة كاملة الأوصاف، “هي قصيرة في عمر الغابات”، بنظر بو ديب، لكنّ سببه هو العناية الكبيرة التي نالها الموقع من المهتمين بها بإشراف فرنجية، فقد “كان الغرس يتم بطرق علميّة، تراعي الأصول، والاهتمام اللاحق بها يدفع بنموّها السريع، ويمكن القول إن توافر إدارة بيئية صحيحة وحريصة، سرّع في تنمية الغابة لتصبح موقعاً لبنانياً بيئياً رائداً، كما قالت.
ومنعاً لامتداد الحرائق إلى الغابة، على ما يحدث سنويّاً في مختلف المناطق اللبنانية مهدّدةً الثروة الحرجيّة، جرى شقّ الطرقات الزراعية الموصلة لمختلف أجزائها للاهتمام بها، وتشحيلها، وتنظيفها من الحشائش المتيبّسة، والاستفادة من مخلّفاتها في التدفئة الشتوية.
تعتقد بو ديب إنه “يمكن الاستفادة من الغابة في كثير من الأمور، ومنها مثلاً، إنشاء مناحل لاستخراج العسل، كما أن مكوّنات الغابة توضع بتصرف المدارس، والمعاهد المختصّة لدراسة النباتات، والحيوانات فيها، مثل الدراسة التي وضعت عن الضباع، فاتخذت ضبعة من الغابة مرتكزاً للدراسة”.
للغابة أهمية أخرى لم تكن متوافرة عندما كانت مجرّد أرض جرداء، وهي تجميعها للمياه، وتغذية الآبار والبرك الجوفيّة من سيولها.
سيرياهوم نيوز3 – الميادين