سعاد سليمان
نحن في غابة .. غابة مليئة بالذئاب , والضباع , والصيصان , والحشرات ..
هنا .. لا تعيش الذئاب دون طعام , وطعامها أمامها , وكذلك الضباع .
تحاول الطيور أن تهرب , تطير ..لكن نسور السماء تصطادها !!
هي غابة , والحياة للأقوى .
هو قانون الحياة , قانون وجد منذ وجود الخليقة .
حاول الأنبياء عبر التاريخ , وبعض الفلاسفة تنظيم عمل الكون ..
لكن حين تضيع البوصلة , يضيع حتى كلام الأنبياء , وتلعن الفلسفة والفلاسفة , وتسقط الحصانة عن كل فرد .
نعم الحياة للأقوى !!
فاليوم ضاعت البوصلة , سرقها اللصوص .. قد يكونوا رموها في البحر , ووصلت إلى القاع دون عودة ..
لذلك نرى رجلاً جائعاً يجلس على رصيف بانتظار لقمة من إنسان ..
ونرى طفلاً حافياً يمشي فوق ماء المطر على طريق موحل , ولا يهتم !!
همّه ما يجده في كيس مهملات مرميّ بوقاحة فوق رصيف ..
نرى عجوزاً يفترش زاوية من رصيف , وكأنه في بيته ..
و يا دار ” ما دخلك شر ” !!
اليوم .. كل الوجوه عابسة ..
لا أحد يبتسم ..
لم ألحظ سناً في وجه مار وسط السوق المزدحم ..
وحده رجل كان يصرخ بابنه أن ينتبه من مرور سيارة قادمة ..
كان يفتح فمه الفارغ من الأسنان كمغارة علي بابا ..
وقد فتحت أبوابها لحظة غضب , وخوف , وأغلقتها حين مرت السيارة بهدوء وبطئ ..
فالسرعة اليوم باتت مدروسة إذ أنها تحرق البنزين الغالي الثمن , والوجود , وتحريك السيارة يحتاج لخبير في علم الطرقات , بين صعود الطريق , ونزوله !!
الغابة اليوم تمضي كائناتها كما يسير الوقت ..
الخوف سيده , والغضب ..
إذ لم تكفينا صعوبة الحياة حتى جاء الزلزال , وتردداته , وحكاياته , وفلسفة البعض الذين أوجدوا أنفسهم كملائكة أو مخترعين , علماء , خبراء ومرتزقة .. الزلزال الذي قض مضاجع البشر , وسرق الأحلام بعد أن سرق الكثير من الأرواح بكبسة زر كونية .
(سيرياهوم نيوز ٤-خاص)