أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت السبت أن الحرب مع حركة “حماس” في غزة “دخلت مرحلة جديدة”، بعد ليلة من القصف الكثيف للقطاع المحاصر والاشتباكات على الأرض مع مقاتلي الحركة.
وحذّرت الأمم المتحدة الجمعة من أنها تخشى “وابلاً غير مسبوق من المآسي” في القطاع الصغير الممتد على مساحة 362 كيلومترا مربعا والذي يقطنه نحو 2,4 مليون نسمة، وتسيطر عليه حركة “حماس”.
و شدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على أن إلحاق الهزيمة بحماس “تحد وجودي” لإسرائيل، مشدّدا على أن “90 بالمئة” من الميزانية العسكرية للحركة مصدرها إيران.
وقال نتانياهو في مؤتمر صحافي في تل أبيب إن “الحرب في قطاع غزة ستكون طويلة وصعبة ونحن جاهزون لها”، مضيفا أن الجيش “سيدمّر العدو على الأرض وتحتها”.
وبات القطاع مقطوعاً عن العالم مع توقف الاتصالات وخدمة الانترنت منذ الجمعة.
ويشن الجيش الإسرائيلي عمليات قصف مدمرة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر ردا على هجوم غير مسبوق شنته حركة حماس داخل إسرائيل وأسفر عن مقتل 1400 شخص معظمهم من المدنيين بحسب السلطات.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة “حماس” السبت، أنّ حصيلة القصف الإسرائيلي الكثيف ارتفعت الى 7703 شهيدًا بينهم 3500 طفل، وهي أكبر حصيلة منذ الانسحاب الاسرائيلي من القطاع الفلسطيني في 2005 بعد احتلال دام 38 عاماً
وشنّ الجيش الإسرائيلي قصفاً متواصلاً وغير مسبوق من حيث الكثافة على قطاع غزة ليل الجمعة السبت أوقع المزيد من الضحايا وخلف دماراً هائلاً، وحصلت اشتباكات عنيفة على الأرض بين جنوده ومقاتلين من حركة حماس.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن جنوده يواصلون عملياتهم البرية في غزة مساء السبت، بعد قيامهم بعدة توغلات في القطاع الجمعة.
وجاء في بيان للجيش مساء السبت أنه “منذ ساعة مبكرة من مساء الجمعة، تعمل قوة مشتركة من الدبابات والمهندسين والمشاة على الأرض في شمال قطاع غزة”. وقال قائد الجيش الجنرال هرتسي هليفي في خطاب له “تنفذ قواتنا عمليات برية في قطاع غزة” بغطاء مدفعي “قوي ودقيق”.
وأعلن الجيش السبت أنه ضرب 150 “هدفاً تحت الأرض” في شمال غزة خلال ليل الجمعة السبت.
وجاء في بيان نشر بعد ليلة من الضربات الإسرائيلية الكثيفة على قطاع غزة “خلال الليل ضربت الطائرات المقاتلة (في الجيش الإسرائيلي) 150 هدفا تحت الأرض في شمال قطاع غزة من بينها انفاق يستخدمها مسلحون ومواقع قتال تحت الأرض ومنشآت أخرى. وقد قتل عدة مسلحين من حماس”، وفق البيان.
وقال الجيش الإٍسرائيلي من جهة أخرى إنه قتل المسؤول في حماس عصام أبو ركبة المكلف “المظلات الشراعية الآلية والمسيرات ومعدات الرصد والدفاع الجوي”.
وقال محمود بصل مدير إعلام الدفاع المدني في قطاع غزة لوكالة فرانس برس “مئات البنايات والمنازل دمرت كليا وآلاف الوحدات تضررت” جراء القصف الليلة الماضية، مضيفا أن عمليات القصف الكثيفة أدت إلى تغير “معالم غزة ومحافظة الشمال”.
– “ساحة معركة” –
وفي مخيم الشاطئ للاجئين قرب مدينة غزة، أحدث القصف أضرارا كبيرة.
ووصف علاء مهدي (54 عاما) من مخيم الشاطئ ما حصل في المخيم من دمار جراء القصف الاسرائيلي ليل الجمعة السبت بأنه “زلزال”، وأضاف “ما حصل في الشاطئ زلزال بل أعنف من زلزال، لو كان زلزالا ربانيا لكان أهون مما تسبب به قصف البحرية والمدفعية والطيران، كلهم قصفوا الناس المساكين … هذه مجزرة، إنه إعدام بشري”.
وقال جهاد مهدي، أحد سكان مدينة غزة “أصبح الناس في الشوارع جثثاً تسير”.
وقال حسن حمود الذي ما زال يسكن في مدينة غزة أيضاً “نفضل أن نموت في منازلنا بدل الذهاب إلى الجنوب”.
وكرّر الجيش الإسرائيلي السبت الطلب من المدنيين في مدينة غزة “الإخلاء الفوري” والتوجه إلى الجنوب.
وجاء في منشورات أسقطتها مقاتلات الجيش الإسرائيلي “إلى سكان قطاع غزة وشمال غزة ومحافظة غزة، منطقتكم أصبحت ساحة معركة الآن، الملاجئ في شمال غزة ومحافظة غزة غير آمنة”.
وتواصل عمليات القصف على غزة السبت، بينما أُطلقت رشقات صاروخية من غزة في اتجاه جنوب اسرائيل ما أسفر عن وقوع ثلاثة جرحى بحسب أطباء.
وأعلنت حماس أنها استهدفت مدينة ديمونة في جنوب إسرائيل التي تضم منشآت نووية إسرائيلية بحسب تقارير أجنبية، رداً على “الجرائم ضد المدنيين” في غزة. ولم ترد تقارير عن آثار أو أضرار أو ضحايا.
كذلك، أكدت حماس التصدّي لتوغل بري في بيت حانون (شمال) وفي البريج (وسط).
– “قلق” عائلات الرهائن –
وبعد تكثيف عمليات القصف، أعربت عائلات الرهائن المحتجزين لدى حماس وغالبيتهم من الإسرائيليين عن “قلقها” وطالبت الحكومة بتفسيرات بعد عمليات القصف الكثيفة للجيش على قطاع غزة.
ووفقا للجيش، تحتجز حماس 229 شخصاً، من إسرائيليين ومزدوجي الجنسية وأجانب منذ السابع من تشرين الأول/اكتوبر، وقد أفرجت الحركة عن أربع نساء.
وأفادت حماس الخميس بمقتل “نحو 50” من هؤلاء جراء القصف الإسرائيلي.
أعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس في تسجيل صوتي السبت أنها مستعدة لإطلاق سراح الرهائن الذين اختطفتهم خلال هجومها على اسرائيل في السابع من الشهر الجاري مقابل اطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين.
وقالت إيفات كالديرون، التي يعتقد أن قريبها عوفر كالديرون محتجز في غزة مع أفراد من عائلته لوكالة فرانس برس، إنها تؤيد هذا النوع من التبادل.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لعائلات الرهائن التي التقاها إنه سيبحث “كل الخيارات” لإطلاق سراحهم.
وقبل الاجتماع، وبينما كانت العائلات تنتظر خارج مبنى وزارة الدفاع في تل أبيب، قال إيلان زكريا (50 عاما) وهو عم إيدن زكريا الذي يعتقد أنه محتجز في غزة لوكالة فرانس برس “لماذا لا تطلقون سراح الرهائن؟ تريدون حقوقاً؟ كهرباء؟ ماء؟ مساعدات إنسانية؟ طعام؟ أفرجوا عن الرهائن! أمر بسيط جدا! معادلة بسيطة!
وأضاف “دعوا الصليب الأحمر يدخل ويفحص شعبنا، يفحص أطفالنا، والجنود، والجرحى، والمسنين. يجب عليهم فحص الجميع وإعداد قائمة بالأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدة طبية.
وقال روبنشتاين، المتحدث باسم أسر الرهائن والمفقودين، إن الضربات على غزة “أمر يعرض الرهائن للخطر”
وترافقت عمليات القصف ليل الجمعة السبت غير المسبوقة من حيث حجمها وكثافتها منذ بدء الحرب، مع قطع الاتصالات والانترنت عن غزة.
وأفاد صحافيو وكالة فرانس برس في القطاع أنه لا يمكنهم إجراء الاتصالات إلا في المناطق التي تلتقط فيها الشبكة الإسرائيلية.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني ووكالات تابعة للأمم المتحدة من بينها منظمة الصحة العالمية، إنها فقدت الاتصال بفرقها في غزة.
وقالت منسقة الشؤون الإنسانية الأممية في الأراضي الفلسطينية لين هاستينغز إن العمليات الإنسانية وأنشطة المستشفيات “لا يمكن أن تستمر بدون اتصالات”.
– نقص في عقاقير التخدير –
وأحكمت إسرائيل الحصار البري والجوي والبحري الذي تفرضه على القطاع منذ 16 عاما، مانعة عنه الماء والكهرباء والمواد الغذائية منذ التاسع من تشرين الأول/أكتوبر.
وقال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني الجمعة من القدس “سيموت كثير من الأشخاص قريباً… جراء تداعيات الحصار المفروض على قطاع غزة”.
وأكّدت منظمة أطباء بلا حدود السبت أن بعض العمليات الجراحية تجرى في قطاع غزة من دون تخدير عام للمرضى بسبب نقص عقاقير التخدير.
وتحدّث رئيس بعثة أطباء بلا حدود في القدس المسؤولة عن الأراضي الفلسطينية ليو كانز لوكالة فرانس برس عن عملية أجريت هذا الأسبوع على “طفل يبلغ من العمر 10 سنوات”. وقال “اضطررنا إلى بتر نصف قدمه اليسرى تحت تأثير تخدير جزئي، على أرضية المستشفى في الممر لأن جميع غرف العمليات كانت ممتلئة”.
منذ 21 تشرين الأول/أكتوبر، دخلت 84 شاحنة محملة مساعدات إنسانية من مصر إلى غزة، بحسب الأمم المتحدة في حين أن هناك حاجة إلى مئة شاحنة على الأقل يوميا، وفق المنظمة الأممية.
وقد توقف 12 مستشفى من أصل 35 في قطاع غزة عن العمل.
– احتجاجات –
في نيويورك، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة قرارا غير ملزم يطالب ب”هدنة إنسانية فورية”. وقد رحبت حركة حماس بالقرار ورفضته إسرائيل.
ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان السبت الغرب بأنه “المذنب الرئيسي في مجازر غزة”.
وقال “عمليات القصف الإسرائيلية التي تكثفت مساء أمس (الجمعة) على غزة استهدفت مجددا نساء وأطفالا ومدنيين أبرياء وعمقت الأزمة الإنسانية الحالية. على إسرائيل أن توقف هذا الجنون فورا وتضع حدا لهجماتها”.
وردت إسرائيل باستدعاء طاقمها الدبلوماسي من تركيا.
وجاء في منشور لوزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين على منصة إكس “نظرا للتصريحات الخطيرة الواردة من تركيا، أمرت بعودة الممثلين الدبلوماسيين المتواجدين هناك من أجل إجراء إعادة تقييم للعلاقات بين إسرائيل وتركيا”.
ودانت المملكة العربية السعودية “أي عمليات برية تقوم بها إسرائيل”.
وحذّرت من “خطورة الاستمرار في الإقدام على هذه الانتهاكات الصارخة وغير المبررة والمخالفة للقانون الدولي بحق الشعب الفلسطيني الشقيق”.
ويخشى المجتمع الدولي اتساع نطاق النزاع في الإقليم، في حين وجهت إيران الداعمة لحماس تحذيرات عدة للولايات المتحدة.
والتوتر مرتفع جدا أيضا في الضفة الغربية المحتلة، حيث قُتل أكثر من مئة فلسطيني في أعمال عنف منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وفي منطقة نابلس في شمال الضفة الغربية المحتلة استشهد فلسطيني برصاص مستوطن إسرائيلي السبت، على ما أعلنت وزارة الصحة التابعة للسلطة الفلسطينية.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان بهذا الشأن “في وقت سابق اليوم (السبت)، ورد تقرير بشأن مواجهة عنيفة بين عدد من الفلسطينيين والمدنيين الإسرائيليين” بالقرب من مستوطنة راشليم الإسرائيلية. وأضاف “ورد في وقت لاحق بلاغ بشأن مقتل فلسطيني. وفتحت الشرطة الإسرائيلية تحقيقاً في الواقعة”.
ويرتفع منسوب التوتر أيضاً، عند الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان، حيث تَحدث عمليات قصف وإطلاق نار يومية بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله المدعوم من إيران وحليف حماس.
وأعلنت قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان (اليونيفيل) السبت أن مقرها العام أصيب بقذيفة، تعمل على التحقق من مصدرها، مشيرةً إلى وقوع بعض الأضرار من دون إصابات.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم