آخر الأخبار
الرئيسية » تربية أخلاقية وأفعال خيرية » غسان تويني في الذكرى الـ13 راحل يستحيل غيابه

غسان تويني في الذكرى الـ13 راحل يستحيل غيابه

 

نبيل بومنصف

 

تدفقت علينا في مطالع هذه السنة ادبيات عريقة استفاق عليها اللبنانيون دفعة واحدة، مع تلك النعمة الكريمة التي جاءتنا بعهد جديد وحكومة جديدة بعثا في اللبنانيين الأمل العريض في قيامة “الدولة ” والمؤسسات الدستورية، وإعادة الاعتبار إلى أصول ديموقراطية كادت أن تدفن في عقود ظلامية من تشويه جوهر لبنان وحقيقته وأصالته.

 

 

في تلك الفورة من استعادة الطموحات إلى إنعاش الدولة، لم تمر لحظة واحدة إلا وكان غسان تويني في قلب استعادة الادبيات المتصلة بقيم وممارسات التاريخ وثوابته وممارسات الإرث الفكري والصحافي والوطني والقومي وأصوله أيضاً وأيضاً، الذي خطه غسان تويني سحابة عقود طويلة من عمره المهني والفكري والسياسي والإنساني والإبداعي، حتى اختصر بشخصه و”نهاره” العريقة الأصيلة إبنة العقود التسعة مأثرة المرجع الأكبر من كبير ، الذي لا مرجع يتقدمه أو يشبهه أو يضاهيه في عالم الفكر والصحافة والديبلوماسية، ناهيك بحياة أسطورية في تحمل المصائب والنوائب نادراً ما عرفت البشرية بطولة مماثلة في الإيمان الذي جعله يسلم بقدريتها.

 

 

في الآونة الأخيرة، صعدت إلى سطح الجمهورية الموعودة بالعودة والإنعاش أبهى ما حفره كبير الكبار من رجالات لبنان وأعظمه في مقالاته ومقابلاته وكتبه ومحاضراته، إن في مسائل الحريات أو في مسألة جوهرية قاطعة هي صلب أزمة الأزمات وأساسها منذ اتفاق القاهرة وقبله وبعده، وكل الأثقال القاتلة التي تحملها لبنان أو حُمّلت له قسراً وقهراً وغيلة، أي حروب الآخرين على أرضه.

ضجّ لبنان بعبق غسان تويني سواء علناً أو ضمناً ، مباشرة أو مداورة ، بتذكر الكبير الذي لا كبير يكبره، أو بتجاهل أو بعفوية، بكل النشوة الوطنية التي استفاقت على ركام حرب طاحنة استحضرت في السنتين الماضيتين ولا يزال الكثير منها الآن يستحضر ذيول حروب الدول الإقليمية والحسابات الدولية وتداعياتها على أرض لبنان، تلك الحروب وتلك الآفة القاتلة التي نذر غسان تويني حياته الفكرية والصحافية والديبلوماسية لمواجهتها بكل عظمة إيمانه بلبنان الحر المستقل، رمز الميثاقية المشعّة الحضارية والمتحصن بدولة حصينة مارس غسان تويني إيمانه وفعله وصحافيته حتى العظم في إثباتها في كل موقع تقلب فيه . هذه القيمة التاريخية التي يستحيل ان تواكبها مواصفات مستأهلة لشخص من جسدها بكل سحر الانجذاب إلى شخصيته الكاريزماتية وصوته المغناطيسي الآسر ، غسان تويني المهاب المستهاب والجامع بسحر نادر بين تلك المهابة وتلك السخرية العذبة، استبق كل لبنان قبل وأبان وخلال وبعد الحروب والسلم والمهادنات وما بينها، وأطلق فينا ما يتجاوز النبوءات في كل مراحل دروب الصليب التي أُخضع اليها لبنان. ومن قال أن درب الصليب الخاصة بغسان تويني كانت أقل فجاعة واختباراً إلهيا قدرياً وإنسانياً من درب صليب بلاده؟

 

 

ذاك الكبير الذي نفتقد في كل ثانية ولحظة، ونغرق في يتم حقيقي من الكبار في غيابه وغياب أمثاله ونخاف خوفاً عظيماً على قلة نادرة باقية بيننا من قماشته الفذة، غسان تويني معلمنا في “النهار” وفي الصحافة وفي الوطنية والقيم الكبيرة جمعاء، لا نفتقد غيابه في الذكرى الـ13 لمجرد الذكرى فحسب، بل لأننا نستشعر بعد هذه السنوات أنه “مستحيل الرحيل” وأن من كان غسان تويني فأي وفاة تُعتدّ في إرثه؟

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-النهار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الذبح الذي لم يُرِدْه الله: هل أمر الله إبراهيم بقتل ابنه؟

    د.وائل عبد الكريم     مقدمة غالبًا ما تُفهم قصة “ذبح الابن” في القرآن على أنها تجسيد للطاعة المطلقة، لكن قراءة دقيقة للنصوص ...