محت كانبيرا لموقف واشنطن تجاه بكين أن يهيمن على دبلوماسيتها. وكانت أستراليا على استعداد لتكون بمثابة البيدق الأكثر عدوانية تجاه الصين في آسيا والمحيط الهادئ.
قالت افتتاحية صحيفة “غلوبال تايمز” الصينية الناطقة بالإنجليزية إنه بدعوة من عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي، تقوم وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ بزيارة الصين يومي الثلاثاء والأربعاء. هذه هي الزيارة الأولى لوزير أسترالي للصين منذ عام 2019، وستتزامن مع الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين غداً الأربعاء.
وأشارت الصحيفة إلى أنه مع الاستئناف التدريجي للاتصالات الثنائية بين الدولتين مؤخراً، مثل الاجتماع بين القادة الصينيين والأستراليين في بالي بإندونيسيا، بدأت العلاقات بين البلدين تعود إلى الدفء من التجمد. كما اتخذ الجانبان خطوات صحية لاستعادة الاستقرار، وهي علامة إيجابية للصين وأستراليا والمنطقة.
وقالت الافتتاحية: مضى على العلاقة بين الصين وأستراليا نصف قرن، وهناك العديد من التجارب التاريخية والدروس الواقعية التي يجب تعلّمها. ومن الواضح أن هناك نية خاصة وراء اختيار وزيرة خارجية أستراليا لزيارة الصين في مثل هذا اليوم الخاص: من المرجح أن تحقق وونغ نتائج جيدة نسبياً في مسار الأمل باستعادة العلاقات بين الصين وأستراليا ببعض الصبغات الاحتفالية. أصبح التدهور المفاجئ للعلاقات الثنائية في السنوات القليلة الماضية حالة بارزة في تاريخ العلاقات الدولية المعاصرة، لكنها أبعد ما تكون عن كونها سائدة في تاريخ العلاقات بين البلدين الممتدة على مدى 50 عاماً. يمكن تفسير ذلك على أنه كانبيرا تاهت في لحظة قصيرة بلا تفكير وجعلت علاقتها مع بكين صعبة.
وأضافت: يسعدنا أن نرى أن إدارة أنطوني ألبانيز قد أبدت بعد توليها المنصب استعدادها لتحسين العلاقات بين البلدين وتطويرها، وقد استجابت الصين بشكل إيجابي. بالإضافة إلى ذلك، يدعم الرأي العام الأسترالي بشكل عام جهود ألبانيز لتعزيز العلاقات بين الصين وأستراليا، بينما رحب بعض الشخصيات السياسية الأسترالية السابقة أو أقروا بسلسلة من الاتصالات الثنائية بين البلدين. يشير هذا إلى أن المجتمع الأسترالي يرغب في تحسين العلاقات مع الصين. بمعنى ما، يعد هذا كذلك تحركاً طبيعياً للدبلوماسية الأسترالية لتصحيح الانحراف بعد أن وصل إلى أقصى الحدود.
ورأت “غلوبال تايمز” أن الصين وأستراليا قد نجحتا في العمل بشكل جيد خلال معظم العقود الخمسة الماضية، ولطالما كانت العلاقات بينهما من أفضل العلاقات بين الصين ودولة متقدمة. وقالت إنه لم يكن هناك أبداً تضارب أساسي في المصالح بين الصين وأستراليا، بل كان هناك صداقة تقليدية بين الشعبين، وهيكل اقتصادي متكامل، وتوافق مشترك على دعم أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
وأضافت الصحيفة أنه لأمر مخزٍ أن مثل هذه العلاقة لم يتم التعامل معها بشكل جيد، بل تم تقويضها بدلاً من ذلك. الإدارتان الأستراليتان السابقتان، تحت حكم مالكولم تورنبول وسكوت موريسون، تتحملان على التوالي المسؤولية التاريخية عن ذلك. في ظل تدهور العلاقات بين الصين وأستراليا في السنوات الأخيرة، يمكن أن يتسم نهج الحكومة الأسترالية بالسمات التالية: أولاً، خلقت كانبيرا عن عمد، وحرّفت وضخمت الاختلافات والتباينات بين الصين وأستراليا، مما تسبب في المشاكل من لا شيء.
ثانياً، كان لديها خوف لا يمكن تفسيره من التطور السلمي للصين، وتعاملت مع الصين على أنها خصم أو حتى عدو وليس شريكاً متعاوناً.
ثالثاً، سمحت كانبيرا لموقف واشنطن تجاه بكين أن يهيمن على دبلوماسيتها. نتيجة لذلك، كانت أستراليا على استعداد لتكون بمثابة البيدق الأكثر عدوانية تجاه الصين على رقعة الشطرنج الأميركية في آسيا والمحيط الهادئ. إذا كانت مثل هذه الحكومة لا تحترم الصين أو حتى نفسها، فإن الصين، بالطبع، لن تدللها أبداً.
وتابعت الصحيفة: لقد ألحقت السياسات الراديكالية والضيقة والخاطئة والغبية التي انتهجتها الإدارتان الأستراليتان الأخيرتان تجاه الصين، ضرراً خطيراً بأجواء الصداقة والتعاون التي تراكمت في العلاقات بين الصين وأستراليا على مدى عقود. يجب أن يؤدي هذا المأزق إلى جعل كانبيرا تستخلص الدروس من البلدان المتقدمة الأخرى. فالتقلبات والمنعطفات والصعوبات التي واجهتها العلاقات بين الصين وأستراليا في السنوات الماضية غير ضرورية على الإطلاق ومصطنعة كلياً.. وإذا استمر شخص ما في القفز في مثل هذه الحفرة وكرر نفس الأخطاء، فسيكون إما غبياً أو شريراً.
وتوقعت الافتتاحية الصينية أن تخرج العلاقة بين البلدين من المأزق وتعكس مسارها. ونبهت إلى أن الصعوبات التي تواجه العلاقات الثنائية لم يتم القضاء عليها كلياً، ولا تزال هناك الكثير من الشكوك. وقالت: نعتقد أنه لإصلاح العلاقات بين الصين وأستراليا، يتعين على كانبيرا أن تظهر حسن النية اللفظية وأفعال جوهرية. ويشمل ذلك اتخاذ وجهة نظر عقلانية بشأن التنمية السلمية للصين، ووقف التحقيق المُسيَّس في استثمارات الصين في أستراليا، والتوقف عن الاستغلال التعسفي للعلاقات السياسية، بل عن تشكيل مواجهات في المنطقة ضد الصين. هذه كلها معاني “العلاقات المستقرةمع الصين”.
وختمت “غلوبال تايمز” افتتاحيتها بالقول إنه خلال اجتماع رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز مع الرئيس الصيني شي جينبينغ في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، قال ألبانيز إن أستراليا ستظل ملتزمة بطموحها الأساسي وراء إقامة العلاقات الدبلوماسية وتسهيل النمو المستقر للعلاقات الأسترالية الصينية. في الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، نأمل أن تدفع زيارة وونغ كلاً من أستراليا والصين إلى الالتقاء في منتصف الطريق ودفع العلاقات بينهما إلى مسارها الصحيح. وكما قال دبلوماسي أسترالي سابق: يجب على البلدين السعي إلى “البناء على” علاقتهما بدلاً من مجرد “استعادة” العلاقات.
سيرياهوم نيوز1-الميادين