آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » فالق الشرق العظيم…..(الجزء 6 والأخير)

فالق الشرق العظيم…..(الجزء 6 والأخير)

| باسل علي الخطيب

 

الأردن هو فائض جغرافيا يمكن أن يستوعب أي فائض ديموغرافيا، الدولة في الاردن ليست دولة بقدر ماهي كيان قابل لإعادة التدوير في اللحظة الجيوسياسية المناسبة، عدا عن ذلك الاردن هو الدولة الوحيدة في المنطقة مع الكويت التي يمتلك فيها الأخوان المسلمون كتلة وازنة فيما يسمى البرلمان هناك، وهذا لوحده كاف لإعاقة ترسيخ مفهوم الدولة. وتحديد ماهية الهوية الوطنية….

لا أعتقد أن الكيان الاردني هو دولة قابلة للاستمرار….

 

في مصر يبقى الجيش نعمة مصر ونقمتها في آن واحد، الدولة في مصر تعتمد جداً على الجيش في مختلف المجالات، وهذا يجعل الجيش دولة ضمن الدولة في مصر، مما يعيق تكريس الطابع المدني للدولة، مع أن مصر هي أقرب بلدان المنطقة العربية إلى مفهوم الدولة، بسبب عراقة هذا المفهوم لديها….

عدا عن ذلك، وهذه نقطة مهمة، لقد ضعضعت اتفاقية كامب ديفيد الهوية الوطنية المصرية، وحجمت من دور مصر الدولة في محيطها الجيوسياسي القريب والبعيد، ولاول مرة في تاريخ الدولة المصرية الممتد لآلاف السنين فقدت هذه الدولة بوصلتها الجيوسياسية، فلطالما كانت سوريا صمام الأمن القومي المصري، ولا أدل على ذلك أن أكبر معركة في التاريخ القديم، ألا وهي معركة قادش عند تل مندو جنوب غرب مدينة حمص، قد خاضتها مصر ضد الحيثيين في سبيل هذا العمق الاستراتيجي.، ولكن الدولة المصرية الحالية المحكومة بالثقافة الكافورية الإخشيدية، لاترى المجال القومي لمصر أبعد من رفح والعريش، أو من اغاني ومسلسلات محمد رمضان……

مصر على صفيح ساخن جداً، وعوامل انفجار الوضع فيها تحتاج قراراً خارجياً، واعتقد أنه قد اتخذ، ومحاولة التشبيك مع تركيا، والتي هي غباء استراتيجي مابعده غباء ستسرع تنفيذ القرار….

 

لايوجد أساس تقوم عليه الدولة في كل مشيخات الخليج إلا العائلة الحاكمة، كيانات ومشيخات الخليج تمتلك كل مقومات الإبهار البصري ولكنها تفتقد أدنى مقومات الدولة….

 

حاولت السعودية تعويض هذا النقص باعتماد المذهب الوهابي أساسا” جامعا”، ولكن المذهب وكل مخرجاته قد تم استهلاكها إلى الحدود القصوى، والأساس الذي كان قائماً على أساسه تداول السلطة ضمن العائلة الحاكمة قد تصدع إلى غير رجعة….

يحاول ولي العهد في السعودية عبر سياساته إعادة تعريف الدولة هناك، وماحصل حتى تاريخه في السعودية يمكن اعتباره ثورياً بكل مافي الكلمة من معنى، ولكنه نهج محفوف بالمخاطر، لانه ليس قائماً أو مدعوما بتيار فكري أو ثقافي، أو حتى بإطار ايديولوجي، إنما هو عملية نقل نقاط ارتكاز النظام من اللحى إلى خشبات المسارح…

 

حاولت كل مشيخات الخليج ترسيخ مفهوم المواطنة عبر تحقيق الرخاء المادي لمواطنيها اعتماداً على العائدات الهائلة للنفط والغاز، من دون أن يكون ذلك مدعوماً بسياسات اقتصادية تفضي إلى وجود قاعدة صناعية وعلمية، وعدم وجود نهج فكري وثقافي يعرف الشخصية الوطنية، والتي انحصرت في الكوفية والعقال وساعة الرولكس وسيارة اللكزس، مما يجعل مفهوم المواطنة وبالتالي الدولة هشاً وقابلاً للانهيار حالما تنخفض عوائد النفط والغاز….

لا أعتقد أن دولاً كقطر أو البحرين أو الكويت ستبقى على الخريطة لفترة طويلة، مصير قطر والبحرين أن تبتلعهما السعودية، و سيحصل تقاسم للكويت من قبل السعودية والعراق…

يمكن القول وبشكل نسبي أن الإمارات قد وجدت تعريفاً لنفسها، تشبه الامارات ارام ذات العماد، وهذا دور قد اختطته لنفسها ببراعة، والكل يحتاج هذا الدور….

يمكن أن نقول إن سلطنة عمان هي المثال الفريد في المنطقة، وقد تكون أكثر دول المنطقة حسماً لمفهوم المواطنة ومفهوم الدولة، ويبدو أن التمايز عند شعبها ونظامها السياسي في كل النواحي، الإثنية والدينية والتاريخية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، قد سمح لهذه الدولة والشعب أن يصلوا إلى مفهوم نهائي للدولة – الوطن….

 

اليمن يعيش مخاضاً رهيباً، وقد تكون مخرجات هذا المخاض تحولاً تاريخياً في حال استطاع اليمنيون تحقيق الانتصار على العدوان السعودي، إذ سيؤدي ذلك إلى انتقال مركز القرار اليمني ولأول مرة في التاريخ الحديث من الرياض إلى صنعاء وبشكل نهائي، وهذا سيكون مدماك أساسي في ترسيخ الدولة في اليمن، وإن كان اليمن بسبب ما عليه من سطوة المفهوم القبلي سيبقى بعيداً جداً عن مفهوم الدولة الحقيقي. مع الآخذ بعين الاعتبار أن اليمن لايمكن أن يبقى موحداً، فيمن الجنوب لايلتقي مع يمن الشمال ولن يلتقي، وسيكون هناك يمنان……

 

يجب أن لانغفل في هذا السياق أن أغلب دول المنطقة هي كيانات وظيفية، الكيان الوهابي أنشأ في سياق تحضير الأرضية لإنشاء الكيان الصهيوني، وكانت وظيفة الكيان الوهابي طوال تاريخه المحافظة على الكيان الصهيوني، وهذا ما فعله بإتقان…..

هذا التوصيف ينطبق على كل مشيخات الخليج، فكل كيان منها أنشأ حيث وجد بئر نفط، وهي ليست أكثر من أرصدة بنكية هائلة جاهزة دائماً للتمويل حيث يطلب الأمريكان وفي كل المجالات.

 

الصفة الوظيفية تنطبق بامتياز على الكيانين اللبناني والأردني، مع محاولة بعض لبنان التحرر من هذه الصفة…

 

يمكن تقسيم بلدان المنطقة إلى ثلاث مستويات، الدول الكبيرة، وأقصد بها إيران وتركيا والسعودية ومصر ، الدول المتوسطة وهي سوريا والعراق واليمن، والدول الصغيرة، وهي بقية الدول. المفارقة أن حروباً طاحنة دارت رحاها في العشرية الأخيرة على أراضي الدول المتوسطة فقط، وهي الدول التي يمكنها أن تكون واسطة العقد في حل مشاكل المنطقة، وكل منها، أقصد سوريا والعراق واليمن يقع على حدود دولة كبيرة سعت لكي لاتنهض جارتها حتى لاتلحق بمصافها، لأن ذلك يحد من الطموحات الجيوسياسية للدولة الكبيرة، مع عدم إغفال في هذا السياق الدور السلبي لمصر في السودان، وما آلت الأمور من تشظي وفوضى، على فكرة لايجب إغفال العاملين الأمريكي والصهيوني في كل الحروب التي ذكرناها أعلاه، ولكن هذا موضوع بحث آخر…..

 

تحتاج المنطقة إلى ضابط إيقاع، وضابط الإيقاع هذا لايستطيع أن يكونه الأمريكان، فالأمريكان لايحلون الأزمات التي سبق وخلقها كلها الانكليز، الولايات المتحدة بارعة في إدارة واستثمار الأزمات وليس في حلها، عدا عن ذلك هي تنسحب من المنطقة، ضابط الإيقاع هذا لا يمكن أن يكون روسيا، رغم الحضور القوي لروسيا في الفترة الأخيرة، ورغم أن روسيا تمتلك علاقته جيدة إلى ممتازة مع كل دول المنطقة، وهذا مالم تكن تمتلكه الولايات المتحدة، ضابط إيقاع المنطقة لايمكن أن يلعبه أحد غير الجمهورية العربية السورية، وانا تقصدت إطلاق المسمى الكامل لسورية في هذا السياق، فسورية هي الدولة الأكثر علمانية في المنطقة، هي الدولة الأكثر تنوعاً في المنطقة، هي الدولة الأكثر إسلاميةً و مسيحيةً في المنطقة……

(سيرياهوم نيوز3-خاص)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

اثبتوا….

  باسل علي الخطيب     أثبتوا…. مابكم؟… هذه هي الحرب… ” أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما بأنكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم ...