| مايا سلامي
في ظلمة وقسوة الحرب أطلت للمرة الأولى بصوتها ووجهها الجميلين حاملة رسالة محبة وسلام لبلادها التي عاشت في قلبها رغم المسافات الكبيرة التي أبعدتها عنها، فعشقت التراث السوري الأصيل واللغة العربية وحملت على عاتقها نشرهما بأبهى حلة وصورة فغنت الفصحى والآشورية والسريانية، واستطاعت أن تشق طريقها لوحدها في عالم الغناء والموسيقا بعيداً عن شركات الإنتاج التجارية حيث أرادت أن تكون أغنيتها مشروعاً ثقافياً وحضارياً فدخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأول فنانة من الشرق الأوسط تمول أغنيتها الأولى، ثم توالت نجاحاتها بعد ذلك وأصدرت عدة ألبومات غنائية كما أحيت الكثير من الحفلات في دول عربية وأجنبية مختلفة.
إنها الفنانة السورية فايا يونان التي أحيت مساء أمس الأول حفلاً غنائياَ على خشبة مسرح الأوبرا في دار الأسد للثقافة والفنون بدمشق، وقدمت باقة مميزة من أعمالها بالإضافة إلى قصيدة جديدة من ألحانها حملت عنوان «دمشق» جاءت باللغة العربية الفصحى إلى جانب «ماكنت أدري»، «فصول الحياة»، «في الطريق إليك»، «أحب يديك»، «ياقاتلي»، وأغنية «يمكن نسي» و«مثل اليوم» التي كتبت كلماتها، وشارة مسلسل «شبابيك»، كما تنوعت لهجات باقي الأغنيات ومنها «يا ذهب»، «طير قلقان»، «ديما ليا»، «زمرينا ورقدينا»، «بيناتنا في بحر»، «كيفنا تنيناتنا»، «خلخالها»، «زنوبيا»، وختمت حفلها بأغنية «بالفرح بالعز الديار معمرة».
وغالبت فايا دموعها في بداية الحفل بابتسامتها العفوية وروحها المرحة التي كانت واضحة طوال الأمسية بتفاعلها ومزاحها مع جماهيرها المحبة التي أتت من مدن مختلفة متلهفة لسماع صوتها الملائكي يشدو فبادلوها بطيب الكلمات عند نهاية كل أغنية وتمنوا لو أن هذه الأمسية لا نهاية لها.
ظاهرة شبابية
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» بينت وزيرة الثقافة د. لبانة مشوّح أن فايا يونان شقت طريقها بالفن واختارت لنفسها نهجاً في الكلمات والموسيقا، منوهة بأن هذا النهج متنوع جداً في النغم وفي الأنماط الموسيقية وحتى في الكلمات فمنها العامي والخفيف والطقطوقة ومنها أغاني القصيدة الجميلة الفصيحة.
وأوضحت أن فايا ظاهرة شبابية للفن العربي الحديث المتطور الذي خرج عن العباءة التقليدية ويلقى إقبالاً شديداً، مؤكدة أن وجود شباب لا يتجاوز عمرهم العشرين عاماً في هذا الحفل يثلج الصدر وهو دليل على أن الموسيقا الجيدة غير الصاخبة، الرومانسية، الهادئة، المتزنة، الراقية، والمختلفة تجد لها جمهوراً وأذناً مصغية وإقبالاً شديداً.
وأضافت: «الذائقة الفنية للشباب متطورة وليس كما يروج البعض بأنه ذوق مسف ومنحدر، فشبابنا يستسيغون الكلمة الجميلة فصيحة كانت أم عامية واللحن الجميل الراقي وإن كان متجدداً وغريباً عن الأنماط القديمة، هذا هو شباب اليوم وهذا هو العصر، علينا أن نتقبل وأن نحب وبعد عشر سنوات سيصبح هذا النمط نمطاً كلاسيكياً».
خصوصية الحفل
وفي تصريح لوسائل الإعلام تحدثت فايا يونان لـ«الوطن» عن خصوصية هذا الحفل، قائلة: «على مسرح دار الأوبرا قدمت أول حفلة خاصة لي عام 2015 وأتيت إلى هنا بحب وشغف كبيرين لألتقي بأهل بلدي لكنني لم أكن أملك في ذلك الوقت رصيداً غنائياً كافياً، واليوم أعود إلى هذا المكان بعد ثلاثة ألبومات وعدد كبير من الأغاني المنفردة حتى إنني وجدت صعوبة في اختيار برنامج الحفل».
وأضافت: «رمزية هذا الحفل تعني لي الكثير فعندما غنيت هنا منذ ثماني سنوات لم أكن أملك الخبرة الكافية واليوم أتيت بعد حفلات عديدة في دول مختلفة فشعرت وكأنني عائدة إلى بيتي وكنت أحلق بعيداً من الفرح، والجمهور غمرني بمحبته، وهذا الحفل واحد من الحفلات التي لن أنساها في حياتي».
الغناء والتمثيل
وفيما يتعلق بأنباء بطولتها في مسلسل تاج، أوضحت: «سأتشرف بخوض هذه التجربة مع نخبة من عظماء الدراما السورية مثل المخرج سامر برقاوي والفنان بسام كوسا الذي أعتبره مدرسة بحد ذاته في التمثيل، والفنان تيم حسن الرقم الصعب بالدراما العربية، وأنا متحمسة جداً لهذه التجربة لأنها ستعلمني الكثير».
وأكدت أن التمثيل لن يبعدها عن الغناء لأنه حلم الطفولة وشغفها المستمر، كاشفة عن حماسها الشديد للتمثيل لأنه عالم جديد يعلم الفنان الكثير ويصقله.
مشروعها بالغناء
وعن مشروعها بالغناء باللغة العربية الفصحى، بينت: «عندي عشق للغة العربية الفصحى لأنها تلغي الفروق بين البلدان العربية الأخرى فهي اللهجة الجامعة، كما أنني أشعر بأن هناك أفكاراً تترجم بشكل أجمل عندما تقال بها، وبالمقابل أحب الغناء أيضاً باللهجة المحكية وخاصة اللهجة الشامية لكونها لغة الشارع التي نغازل بها بعضنا البعض».
وعند سؤالها عن سر انتشارها السريع، أجابت: «بدأت بالغناء منذ ثمان سنوات وسرعة انتشاري طبيعية جداً بالنسبة لشخص يمتلك الطموح، وما زلت حتى هذا اليوم أشعر وكأنني في بداية الطريق وما زال عندي الكثير من الأحلام التي لم أحققها بعد، لذلك لا يوجد هناك سر معين سوى إصراري وشغفي ووجود فريق من حولي يدعمني ويساعدني حتى أصل».
كما تحدثت عن مشروعها بالغناء بلهجات مختلفة، قائلة: «في ألبوم «أصواتنا» غنيت باللهجة التونسية والمصرية والجزائرية والعراقية والخليجية وكانت المرة الأولى التي أغني فيها لهجات جديدة غير اللهجة الشامية فكانت تجربة غنية جداً بالنسبة لي لأنني تعلمت فيها إيقاعات جديدة كما كانت طريقة الغناء والعُرب جديدة بالنسبة لي، وهناك لهجات أخرى أنوي الغناء بها في المستقبل مثل اللهجة المغربية كما سأغني بلهجتي الجزراوية أيضاً».
وفيما يتعلق بمقارنتها بفيروز أكدت أنها لم تجرؤ يوماً على مقارنة نفسها بأيقونة مثل فيروز، مبينة أن محبيها هم الذين أطلقوا هذه الفكرة.
وأضافت: «عندما بدأت بالغناء كأي هاوٍ كنت أغني للسيدة فيروز التي كبرت على صوتها وتأثرت بها كثيراً وكل الفنانين يغنون لها بحفلاتهم لذلك أنا شخصياً لا أتبنى هذه المقارنة».
سيرياهوم نيوز1-الوطن