أكدت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية أنّ السعودية حذّرت الولايات المتحدة الأميركية، من المبالغة بشأن احتمال التوصل إلى اتفاق تطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، مضيفةً أنّ الاستراتيجية السعودية تجاه الاحتلال “انقلبت رأساً على عقب”، بسبب الغضب من الحرب على غزة.
وأضافت الصحيفة أنّ الرياض وجدت نفسها عالقةً بين الدعم الشعبي المتجدّد للفلسطينيين، والضغوط التي تمارسها واشنطن من أجل تطبيع العلاقات مع الاحتلال.
ووفقاً لها، يشعر القادة السعوديون بالقلق إزاء التهديد الذي تفرضه الحرب على غزة على فرصها في استئناف عملية التطبيع مع الاحتلال، وخططها للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والتماسك الداخلي.
في السياق نفسه، أشارت “فايننشال تايمز” إلى دعوات المسؤولين السعوديين المتكررة إلى وقف الحرب، واتهام الاحتلال بارتكاب جرائم حرب في القطاع، موضحةً أنّهم يخشون من أن تؤدي الصور التي تظهر حجم الإجرام الإسرائيلي إلى “تطرّف الشباب السعودي”، على حدّ قولها.
وأوضحت الصحيفة أنّ السعودية لطالما اعتُبرت “الجائزة الكبرى لإسرائيل”، مشيرةً إلى أنّ قرار الرياض تطبيع العلاقات مع الاحتلال سيكون ذا آثار بعيدة المدى، نظراً لكونها الاقتصاد الأكبر في العالم العربي وموطناً لأقدس موقعين في الإسلام.
“لا يمكن تصوّر محادثات التطبيع في ظل الحرب”
“فايننشال تايمز” لفتت إلى أنّ السعودية كانت تتجه نحو صفقة كانت ستستبدل بمعاهدة دفاع أميركية جديدة، واتفاق مع الولايات المتحدة يقضي بنقل التكنولوجيا النووية، مقابل التطبيع، خلال الأشهر التي سبقت الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وكان من المقرر أن يسافر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى العاصمة الرياض في ذلك الشهر، بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن الفلسطينيين، إلا أنّ هذه الخطط “انقلبت رأساً على عقب”، عندما شنّت المقاومة في غزة هجومها على المستوطنات الإسرائيلية.
في الوقت نفسه، “لم يستبعد السعوديون خيار التطبيع، إلا أنّ المحادثات لا يمكن تصوّرها في ظل احتدام القتال”، بحسب ما أوردت الصحيفة.
إضافة إلى ذلك، اتخذت الرياض “خطوات لا رجعة فيها نحو إقامة الدولة الفلسطينية، كشرط مسبق لأي اتفاق”، وفقاً لـ”فايننشال تايمز”.
وفي حين “حذّرت الرياض واشنطن من المبالغة بشأن احتمال التوصل إلى اتفاق ما، الأمر الذي يؤكد حساسية القضية بالنسبة إلى السعودية وسط الحرب”، فإنّ الولايات المتحدة “تدفع نحو إتمام التطبيع، على الرغم من انتشار الغضب العام في جميع أنحاء المملكة”، بحسب الصحيفة.
كذلك، أشارت “فايننشال تايمز” إلى أنّ الصراع مع الاحتلال بدا وكأنّه هُمِّش في السعودية، قبل بضع سنوات، حيث عزّز النهج الذي أعقب صعود ولي العهد، محمد بن سلمان، إلى السلطة في عام 2016، الأصوات المؤثّرة في دفع خطاب يشوّه سمعة الفلسطينيين، في وقت كان هناك شعور متزايد بأنّ القضية الفلسطينية “لم تعد أساسيةً للهوية السياسية للشباب” في الشرق الأوسط.
وفي هذا الإطار، أكدت الباحثة في معهد “تشاتام هاوس” البريطاني ببرنامج الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا، إلهام فخرو، أنّ “الحرب على غزة غيّرت هذه الديناميكية بصورة كبيرة”.
وشدّدت فخرو لـ”فايننشال تايمز” على أنّ القضية الفلسطينية “عادت إلى مركز الوعي الشعبي، بينما دعم التطبيع مع إسرائيل في أدنى مستوياته على الإطلاق، ما سيعقّد قدرة السعودية على إقناع مواطنيها والعالم العربي والإسلامي الأوسع بالصفقة”.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم