عوّل العراق على كأس الخليج لكرة القدم لاستعادة مكانته في عالم تنظيم أحداث رياضية دولية هامة، لكن مشاكل تنظيمية عديدة كدّرت الحدث، من تدافع أودى بحياة شخص، ومنْع صحافيين من الدخول، وتزوير تذاكر.
ظنّت العراقية ضحى هاشم أنها سوف “تموت” حين وجدت نفسها الخميس عالقة بين آلاف الأشخاص الذين تجمعوا منذ الفجر أمام مدخل ملعب البصرة الدولي، لتشجيع منتخبهم في المباراة النهائية مع عمان في البطولة التي تقام لأول مرة منذ أكثر من 40 عاماً على أرض العراق.
بعد ساعات من السير المضني، تمكنت ضحى أخيراً من الوصول إلى مدخل البوابة الإلكترونية المؤدية إلى الملعب، لتجد نفسها “فجأة وسط موجة كبيرة من البشر”.
وتقول هذه الشابة التي جاءت من بغداد إلى البصرة جنوباً لمشاهدة المباراة “كنت أشعر أنني على وشك الموت… بدأت أشعر بالهلع لأنني لم أعد أستطيع التنفس”.
وأدى التدافع إلى مقتل شخص وإصابة عشرات آخرين بجروح، كما أفاد مصدرين أمني وطبي.
فرّقت الحشود بعد ذلك وجرت المباراة من دون أي مشاكل تذكر، فاز فيها العراق 3-2 على عمان، وعمّت الاحتفالات البلاد من أربيل إلى بغداد وصولاً إلى البصرة، لتطغى مشاعر الفرح والفخر بهذا الفوز سريعاً على الحادث.
– تذاكر مزورة –
لتفسير حادث التدافع الخميس، ألقى أحد أعضاء اللجنة المنظمة في حديث لفرانس برس باللوم على الشركة التي قامت بطبع البطاقات. وقال مفضلاً عدم الكشف عن هويته، إن “التذاكر طبعت بطريقة غير مؤمنة، يسهل تزويرها ونسخها أكثر من مرة، وهذا ما حصل”.
وبالنتيجة، حاول الآلاف من حاملي التذاكر المزورة الدخول مندفعين نحو بوابات الملعب.
قال بدوره المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية خالد المحنا لفرانس برس إن القوات الأمنية تصرّفت عبر “إطلاق نداءات وطلبت ممن ليس لديه بطاقة أن يغادر… لكنهم لم يتعاونوا وحدث تجمهر لأعداد كبيرة جداً”.
ولم تقتصر هذه المشكلات على المباراة النهائية، إذ واجه حفل الافتتاح أيضاً في 6 كانون الثاني/يناير بعض الثغرات التنظيمية، في حدث يحمل أبعادا دولية، جمع 8 دول عربية هي عمان والعراق والكويت والإمارات وقطر والسعودية واليمن والبحرين.
وحينها، لم يتمكن الآلاف من أصحاب التذاكر من الدخول، وكذلك صحافيون منحوا مسبقاً تصاريح لتغطية الحدث، بينهم مصوران اثنان في فرانس برس.
وفي إحدى المقصورات المخصصة لـ”الشخصيات المهمة”، حصل شجار بين نحو 20 شخصاً، أسبابه مجهولة.
كما غادر الوفد الكويتي حفل الافتتاح، فيما أعرب الاتحاد الكويتي لكرة القدم “عن استيائه الشديد من سوء التنظيم في مراسم حفل افتتاح كأس خليجي 25 في مدينة البصرة”.
بدوره تقدّم الاتحاد العراقي “بالاعتذار” للوفد الكويتي، مؤكداً أن الاتحاد سيضع “في الاعتبار ضرورةَ تلافي ما حدثَ لضمان ظهور العمليةِ التنظيميّةِ في أفضل صُورةٍ ابتداءً من مبارياتِ اليوم الثاني للبطولة”.
وحتى النهائي الخميس، لم تحصل أي مشاكل تذكر في البصرة التي تدفقت إليها ملايين الدولارات لبناء وترميم المدينة الرياضية والملاعب والخدمات المحلية.
– “فاتحة خير” –
حُرِم العراقيون لسنوات طويلة من تنظيم منافسات رياضية مماثلة ذات بعد دولي بسبب الوضع الأمني السيئ الذي عانت منه البلاد. وعوّل العراق لذلك على بطولة كأس الخليج ليثبت نفسه كطرف ذي مصداقية في تنظيم أحداث مماثلة.
وبدون أن يشير إلى حادث التدافع، اعتبر رئيس الجمهورية العراقي عبد اللطيف رشيد في تغريدة عقب فوز المنتخب العراقي أن البطولة “تأكيد على استعادة العراق لوضعه وامكانياته الكبيرة بعد سنوات صعبة” و”فاتحة خير لاحتضان البلاد المزيد من الفعاليات الرياضية بعد أن أثبت العراقيون قدرتهم الاستثنائية لتنظيم هذه البطولة”.
حالياً، لا يوجد أي حدث رياضي دولي آخر من المقرر إجراؤه في العراق.
ورداً على سؤال من فرانس برس حول البطولة وما رافقها من حوادث، أجاب الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، برسالة نشرها رئيس الاتحاد جياني إنفانتيو على تطبيق إنستغرام، قال فيها إن “أفكار وصلوات المجتمع الرياضي مع الأشخاص الذين تعرضوا للحادث خارج ملعب البصرة الدولي”.
وليست هذه المرة الأولى التي يستقبل فيها العراق مناسبات حاشدة مماثلة، ففي كل عام يتدفق ملايين المسلمين الشيعة لأداء الزيارة الدينية في مدينة كربلاء في وسط البلاد.
في أيلول/سبتمبر 2022، شارك 21 مليون شخص في زيارة الأربعين في كربلاء. ولم تحصل حينها أي حوادث تذكر.
لكن في أيلول/سبتمبر من العام 2019، قضى 31 شخصاً وأصيب نحو مئة بجروح في تدافع وقع أثناء ذكرى عاشوراء.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم