المهندس نضال رشيد بكور
في ظل متغيرات إقليمية ودولية متسارعة
تبرز اليوم مؤشرات واضحة على تحوّل في المزاج الدولي تجاه سورية وقد باتت هذه المؤشرات أقرب إلى كونها فرصة سياسية جادة يمكن البناء عليها لإعادة تموضع الدولة السورية على الخارطة الجيوسياسية ، من بوابة التوازن ، لا التبعية
لقد أرسلت الولايات المتحدة الأميركية عبر قنواتها الدبلوماسية وبعض النخب الإدارية ذات الجذور الثقافية العميقة إشارات إيجابية تجاه دمشق ، تتقاطع بشكل رمزي مع فكرة بناء
“دولة أمويّة حديثة”
أي دولة مركزية قوية تستمد شرعيتها من التاريخ ولكن تبني شرعيتها من الناس والمؤسسات.
إننا نعتقد أن هذه الإشارات ، والتي وصلت إلى السيد رئيس الجمهورية ، تُشكّل ورقة استراتيجية ثمينة
لا ينبغي أن تُهدر أو تُقرأ خارج سياقها السياسي المعقّد
فالمطلوب اليوم ليس الانخراط العاطفي مع اللحظة ، بل استثمارها بعقل الدولة ومسؤولية المستقبل
كما نؤكد أن الدور المنتظر من السيد الدكتور ماهر الشرع في هذا السياق قد يكون محورياً وذلك عبر مبادرة لتشكيل كتلة استشارية اقتصادية عليا تعمل على تجسير الفهم المشترك مع الوفود الدولية القادمة ، لا سيما الوفد الأميركي المرتقب
وتُسهم في صياغة رؤية سورية متكاملة لرفع العقوبات واستعادة العلاقات المتوازنة مع القوى الدولية.
نثمن في هذا السياق ما أبداه السيد وزير الخارجية أسعد الشيباني بعد زيارته الأخيرة إلى نيويورك من إدراك عميق لتوازنات القوى الدولية
وتفهم لحقيقة ما يُحرك سياسات العقوبات والاحتواء ، وهو ما يضعه في موقع المسؤولية السياسية الرفيعة لدعم أي توجه وطني جاد نحو الانفراج السياسي والاقتصادي.
إن المرحلة تتطلب خطوة جريئة ، تُرضي الداخل السوري بجميع أطيافه
كما تُعيد ثقة الخارج بإمكانية التعافي السوري.
خطوة تُشبه من حيث الرمز ما فعله معاوية حين ائتمن منصور وأبناءه لبناء الدولة الأمويّة ، ولكن بلغة العصر ومؤسساته
من بيت المال إلى بيت السياسات العامة
ومن الرمزية الدينية إلى الشرعية القانونية والتنموية
إن مقومات الدولة قائمة اليوم بين أيدينا:
إرادة سياسية ، إشارات دولية ، عقول وطنية ، ومطلب شعبي جامع بوقف النزيف والعبور نحو التنمية.
ومن هنا
نؤكد أن سورية يمكن أن تُبنى مجدداًبقرار وطني مستقل ، وشراكة ذكية مع العالم ، وقلب مفتوح لأبنائها جميعاً
كفى دماء … فلنصنع المستقبل بعقولنا
لا بأحقادنا.
يداً بيد نحو سورية آمنة مزدهرة ، ومتوازنة في علاقاتها الدولية.
والله من وراء القصد.
(موقع أخبار سوريا الوطن-٢)