مجد بو مجاهد
فرنسا متابعة حثيثة لما تعرفه الأوضاع اللبنانية من إشعارات زعزعة مقلقة ومتسارعة تشوبها إشكاليات كثيرة، وإذا بنموذج ديبلوماسيّتها يحاول العثور على “دواء” للمعضلات بعد التعمق في تحديد الندوب السياسية اللبنانية والمحيطة على السواء. وليست فرنسا غائبة عن رصد تأثير مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة وإمكان تأثيره على لبنان. وثمة معطيات تبيّن أنّ باريس جزء مؤثر مع البلاد العربية في إعطاء الإدارة الأميركية بعض الأفكار عن كيفية وقف النار في غزة والمحاولة مع الشركاء لبلورة الاتفاق بهدف إنهاء الحرب وإيقاف المقتلة، رغم أنّها لا تعتبر أن هناك ضمانات كثيرة في ما يتعلّق بتتمة مستقبل الفلسطينيين.
ما يعني فرنسا أيضاً في حال نفذت حركة “حماس” الاتفاق، هو ما يمكن أن يحصل في لبنان لأسلحة “حماس”، وتحديداً في المخيمات الفلسطينية، مع أهمية تسليم أسلحتها.
صحيح أن المقترح أعدّ لغزة مع الفلسطينيين، لكن باريس تطرح استفهامات حول الحالة اللبنانية بما في ذلك احتفاظ “حزب الله” بالأسلحة ما دامت مشكلة الفلسطينيين لم تجد حلّاً وما دامت هناك إشكاليات.
لا إغفال لرصد “الكدمات السياسية” التي حصلت في منطقة الروشة، والتي ينظر إليها في المنظار الفرنسيّ على أنها شكّلت ضربة سياسية سيئة لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وربّما أيضاً لرئيس مجلس النواب. ولقد أعطت المناسبة قدرة لـ”حزب الله” على إعادة التموضع لاعبا سياسيّا أساسيّا.
المجهر الفرنسيّ يرصد أيضاً منذ أسابيع أنّ الوسط الشيعي يرجع نحو “حزب الله” لأسباب عدّة: الضربات والحضور الإسرائيلي في جنوب لبنان. ليس هناك فعلياً إعادة إعمار من الدولة في جنوب لبنان، والخشية من تهديد سوريّ أثارته المواجهات في السويداء. كل ذلك يدفع “حزب الله” إلى الإبقاء على السلاح. لكن المسألة هي في إظهار أن “حزب الله” لا يمثّل كلّ الشيعة.
لم يستقرئ المجال الديبلوماسيّ الفرنسيّ تقدّماً في لبنان، فيما يقدم الجيش اللبناني تقريره الأول لتشرين الأول / أكتوبر يال مهمة حصر السلاح. لكن ثمة تعويلا في القدرة على المضيّ قدماً وتحقيق نتيجة في الجنوب اللبناني تحديداً، حيث تم نزع الكثير من الأسلحة، بعضها من الإسرائيليين، وأخرى من “اليونيفيل”، وجزء من الجيش اللبناني.
في أي حال، بحلول 31 كانون الأول / ديسمبر 2025، يجب أن تكون المهمة قد استكملت في لبنان.
حالياً، يمكن تنقيح معطيات تلخيصية للأوضاع اللبنانية حاضرة في التدوين الفرنسيّ: ما حصل في مجلس الوزراء اللبنانيّ في 5 أيلول / سبتمبر الماضي سمح بتأكيد غياب القدرة على نزع كلّ السلاح نهاية العام الحالي. إنها أشبه بمهمة مستحيلة. والأميركيون يعلمون أنّ من غير الممكن نزع سلاح “حزب الله” في أشهر. لقد احتاج الإسرائيليون إلى أكثر من عام ونصف عام لتهديم غزة ولم ينجحوا في إنهاء حركة “حماس”. فكيف التصور أنّ الجيش اللبناني سيستطيع نزع سلاح “حزب الله” خلال أشهر؟ ثمة استفهام فرنسيّ آخر، ليس حيال الوقت الذي ستستغرقه مهمة حصر السلاح ولكن حيال الثمن. إنّ ذلك سيتحول معضلة سياسية. وإذا كانت هناك موافقة على فكرة أنّ نزع كلّ السلاح سيأخذ وقتاً، فإن نزع السلاح يمكن أن يحصل بالقوة، أو كخيار آخر في الحوار.
لا يزال “حزب الله” يخفي ورقة قد تصل به حدّ التساؤل: “لماذا هناك رئيس مارونيّ في لبنان؟ ولماذا على رئيس الحكومة أن يكون سنيّاً؟”. بحسب ما يتضح فرنسيّاً، صحيح أنّ الحل العسكري بالقوة هو الأكثر بساطة، ولكن إن لم تكن هناك قدرة على إيجاد حلول عسكرية في هذه الفترة، فإن ذلك سيطرح المسألة السياسية.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار