آخر الأخبار
الرئيسية » عربي و دولي » فرنسا وليبيا بين ساركوزي والقذافي: من خيمة في باريس الى سقوط في طرابلس

فرنسا وليبيا بين ساركوزي والقذافي: من خيمة في باريس الى سقوط في طرابلس

أثار سعي نظام الزعيم الليبي معمّر القذافي إلى تحقيق مكانة دبلوماسية في مطلع القرن الحادي والعشرين، الشبهات بمساهمته في تمويل الحملة الانتخابية للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الذي تبدأ محاكمته في هذه القضية الاثنين.

ويواجه ساركوزي ووزراء سابقون تهما بالفساد الدولي في محاكمة من المقرر أن تستمر حتى 10 نيسان/أبريل.

في ما يأتي عرض لأبرز مراحل العلاقة بين ساركوزي والقذافي في تلك الحقبة، ومن خلالهما علاقة باريس وطرابلس، والتي راوحت بين زيارة دولة أجراها الزعيم الليبي الى باريس عام 2007، وصولا الى إطاحته ومقتله في 2011.

– التعتيم –

يلفت حسني عبيدي، مدير مركز دراسات العالم العربي والمتوسطي في جنيف، إلى أنه عند وصول ساركوزي الى الإليزيه في العام 2007، كانت ليبيا “عبارة عن دولة يغيب فيها القانون”.

ويتحدث عبيدي عن “رجال الخيمة”، في إشارة الى مسؤولي الاستخبارات المحلية الذين شكّلوا حلقة ضيقة حول القذافي أحيطت بـ”تعتيم كامل”، وتواصلوا مع حلقة ضيقة مماثلة أحاطت بساركوزي.

ويشير الى أنه “لم تكن لمؤتمر الشعب العام (الليبي)، الموازي للبرلمان، أي صلاحية تذكر أو تأثير على القرارات التي يتخذها المحيطون بالقذافي”.

– حقائب مال –

خبِر الدبلوماسي الفرنسي باتريك حايم زاده النظام الليبي عن قرب، اذ خدم في طرابلس بين عامي 2001 و2004، وألّف كتاب “في قلب ليبيا القذافي”.

يقول حايم زاده إنه “كان من المتعارف عليه لنظام القذافي، تمويل زعماء دول أجانب أو شخصيات سياسية في الحكم أو المعارضة، وغالبا عبر حقائب من النقود”، مشددا على أنه يعود إلى القضاء الفرنسي “القول ما إذا كان ساركوزي أحد المستفيدين” من ذلك.

ويلفت إلى أن إعادة إطلاق الحوار بين فرنسا وليبيا سبق وصول ساركوزي إلى الإليزيه عام 2007. فقد بدأ ذلك عام 2001 في عهد الرئيس الأسبق جاك شيراك، بعدما دان القذافي بشدة هجمات 11 أيلول/سبتمبر في الولايات المتحدة.

اعتُبر موقفه حينها تبدلا جذريا من قبل نظام مُتّهم بتفجير طائرة ركاب أميركية تحطمت في لوكربي الاسكتلندية في كانون الأول/ديسمبر 1988، وأخرى فرنسية تحطمت في النيجر في أيلول/سبتمبر 1989، ما أسفر عن مقتل المئات ووضع ليبيا تحت الحظر الدولي.

ورغم تبدّل الموقف الليبي، بقيت بعض التحفظات قائمة “من الجانب الفرنسي… على خلفية النزاعات المعلّقة والعقوبات الأممية والأوروبية والوطنية المفروضة”، بحسب حايم زاده الذي يشير الى أن باريس استكشفت “محاور تعاون” تقتصر على مجالات غير استراتيجية مثل الثقافة والسياحة.

– “قناة مباشرة” –

ويضيف أنه “خلال العام 2005، انضم ملحق أمني مرتبط بوزارة الداخلية خلال العام 2005 إلى السفارة الفرنسية في طرابلس، ما أتاح إنشاء قناة مباشرة بين وزارة الداخلية والمسؤولين الأمنيين الليبيين”. ويتابع “مع وصول نيكولا ساركوزي الى الإليزيه في 2007، اتخذت العلاقة منحى جديدا مع إقامة محاور جديدة للتعاون وإمكانات لإبرام عقود مهمة خصوصا في المجال العسكري”.

كان من المتوقع أن تشكّل زيارة الدولة التي أجراها القذافي لفرنسا في كانون الأول/ديسمبر 2007، فرصة لتوقيع عقود بمليارات من اليورو.

لكن ذلك لم يحصل، ما أثار توترا في العلاقة بين الطرفين، بحسب عبيدي الذي يوضح أن هذا التشنج يعود، من المنظار الفرنسي، إلى أن “ليبيا بلد بكر. يحتاج إلى بناء كل شيء. حقول النفط بالغة الأهمية. تملك البلاد أيضا احتياطات من الذهب والفضة تسيل لعاب كل الحكومات الغربية”.

– عبر الباب العريض –

كان القذافي الذي يحكم ليبيا منذ العام 1969، “مهووسا” بأمر وحيد: اكتساب شرعية لدى الدول الغربية.

ويشير عبيدي إلى أن نصب خيمة الزعيم الليبي في حديقة مقر الإقامة الرسمي أواخر العام 2007، كان المؤشر على “إعادة تأهيل من الباب العريض”.

وفي حين كان من المقرر أن يمضي القذافي ثلاثة أيام في باريس، الا أنه مدّد إقامته، واستضاف المثقفين والفنانين والسياسيين على التوالي. لكن الصناعيين الفرنسيين لم يجنوا ثمار زيارة الدولة هذه.

ورغم ذلك، أثار تجدد العلاقة بين فرنسا وليبيا حالا من “النشوة” لدى باريس في بدايته، بحسب جلال حرشاوي، الباحث المساعد في المعهد البريطاني “رويال يونايتد سرفيسز”.

في صيف 2007، تمكّن ساركوزي من تأمين الإفراج عن خمس ممرضات بلغاريات وطبيب فلسطيني أمضوا ثمانية أعوام من التوقيف والتعذيب، على خلفية اتهامهم بحقن مئات الأطفال الليبيين بفيروس السيدا بشكل متعمد.

– الانحدار والسقوط –

بعد ذلك، اكتشف ساركوزي أن القذافي ليس سهل المعشر على الدوام.

ويؤكد حرشاوي أن النظام الليبي بنفسه بدأ يختبر في تلك الحقبة “شكلا من أشكال التدهور”، موضحا “بدأ الفساد يبلغ مستويات غير مسبوقة، والقذافي الذي كان يدعي أنه قادر على ضبطه، فقد السيطرة… حصل نوع من التآكل البطيء للوضع، مع ترك العديد من المقربين من القذافي السفينة، وقام بعضهم باللجوء الى فرنسا”.

في آذار/مارس 2011، ألقى سيف الاسلام نجل القذافي، قنبلة سياسية في اتجاه الرئيس الفرنسي بقوله “يتوجب على ساركوزي أن يعيد المال الذي قبله من ليبيا لتمويل حملته الانتخابية”.

يرى حرشاوي أن تمويل ليبيا لحملة ساركوزي “أمر معقول تماما… نظرا الى تقليد شراء طغاة أفارقة لسياسيين في فرنسا”، في إشارة على وجه الخصوص الى مساهمة الرئيس الغابوني السابق علي بونغو بتمويل حملات انتخابية لساسة أبرزهم شيراك عام 1981. ونفى الرئيس الفرنسي الراحل هذه التهم.

لكنه يشدد على أنه “من السخافة في مكان الاعتقاد أن الولايات المتحدة قادت التدخل العسكري ضد القذافي عام 2011 لمجرد إرضاء الرئيس ساركوزي الراغب في طمس قضية التمويل” الليبي لحملته.

وفي آذار/مارس 2011، أجاز مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة استخدام القوة في ليبيا لحماية المدنيين في مواجهة القوات الموالية للقذافي.

وفي آب/أغسطس من العام ذاته، تمكن المتمردون من السيطرة على طرابلس. بقي القذافي متواريا حتى أواخر تشرين الأول/أكتوبر، حين عثر عليه وأردي على أيدي مسلحين قرب سرت.

ومنذ سقوط القذافي، لا تزال ليبيا منقسمة بين حكومة معترف بها دوليا مقرّها في طرابلس، وأخرى منافسة في الشرق تحظى بدعم المشير خليفة حفتر.

 

 

 

اخبار سورية الوطن 2_راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

اليمن: عدوان أميركي – بريطاني يستهدف بـ3 غارات شرقي مدينة صعدة

  العدوان الأميركي – البريطاني يشنّ غارات على شرقي محافظة صعدة شمالي اليمن، ووسائل إعلام إسرائيلية تتحدث عن صاروخ يمني في اتجاه وسط “إسرائيل” حيث ...