زياد غصن
تبعاً لبيانات الجهتين الرقابيتين، فإن نتائج التحقيقات التي جرت خلال الربع الأول من العام الحالي أفضت إلى وجود فساد قدرت قيمته بأكثر من 29.5 مليار ليرة.
بحسبة بسيطة سوف نكتشف أن مفتشي الجهتين الرقابيتين تمكنوا من وضع اليد على اختلاسات وهدر بقيمة وسطية قدرها 68 مليون ليرة كل ساعة عمل في مؤسسات الدولة.
أولاً لنعترف أن هذا الجهد مشكور لعدة أسباب متعلقة بالعدد القليل للمفتشين مقارنة بما هو مطروح من قضايا للتحقيق، و بأساليب الفساد المتطورة و”المقوننة” أحياناً.
لكن إذا كان التفتيش تمكن من ضبط فساد بهذه القيمة في كل ساعة عمل أو دوام في مؤسسات الدولة، فكم هي قيمة الفساد المتحقق فعلاً، والذي لا تصل إليه تحقيقات التفتيش؟
في ظل الظروف الإقتصادية والإجتماعية بالغة الصعوبة التي تعيشها البلاد، لم يعد كل الفساد المتحقق غايته فقط جمع الثروات والأموال، وإنما للأسف أصبحت غاية جزء منه سد الحاجة المعيشية لأسر كثيرة عجزت كل مصادر دخلها المشروعة اليوم عن تأمين قوت يومها.
فاليوم كثير من الموظفين يقبلون إكرامية من أحدهم بخجل، وآخرين لم يفكروا يوماً أنهم سيكونون مضطرين لمسايرة إدارات فاسدة، وفتح قنوات تواصل مع رجال أعمال أفسد!
نحن حالياً في مواجهة شكل جديد من أشكال الفساد لن تنفع معه كل السجون والملاحقات والتقارير، فالجوع كافر، والمرض قاهر، وصاحب الحاجة بات أكثر من “أرعن”.
لا شك أن إشاحة وجوهنا عن فساد الحاجة أو لقمة العيش وإنكاره ليس بالأمر الصائب، وستكون نتائجه كارثية على جميع القطاعات والمؤسسات حتى لو جاء وقت وأصبح فيه الأجر الشهري أعلى من تكاليف المعيشة، فمن شب على الفساد شاب عليه.
دمتم بخير
(سيرياهوم نيوز ٤- شام إف إم )