انتهى الأحد في القاهرة اجتماع بشأن مقترح للهدنة في قطاع غزة من دون إحراز تقدم ملموس، ومن المتوقع أن تُستأنف المفاوضات الثلاثاء في العاصمة المصرية، في حين يواصل كل من إسرائيل وحماس التمسك بشروطه بعد سبعة أشهر من الحرب.
لكنّ المحادثات ستستمر في قطر، دولة الوساطة الرئيسية، إلى حيث يُتوقّع أن يتوجّه رئيس الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز. ووفقا لوسائل إعلام مصرية، من المقرر أن يعود وفد حماس إلى القاهرة الثلاثاء.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مجددا أن بلاده “لن تستسلم” لحماس ولا يمكنها “قبول” شروط الحركة التي تصر خصوصا على وقف دائم لإطلاق النار في القطاع الفلسطيني.
ويهدد نتانياهو بشن هجوم على مدينة رفح المكتظة في الطرف الجنوبي من قطاع غزة.
وقال خلال اجتماع لمجلس الوزراء الإسرائيلي “عندما تظهر إسرائيل حسن نيتها، فإن حماس تصر على مواقفها المتشددة، وعلى رأسها مطلبها بانسحاب قواتنا من قطاع غزة، ووقف الحرب والإبقاء على حماس. ولا يمكن لإسرائيل أن تقبل بذلك”.
واعتبر أن “الاستسلام” لمطالب حماس سيكون بمثابة “هزيمة مروعة” لإسرائيل.
كما أعلن رئيس الوزراء قرار حكومته إغلاق مكتب قناة الجزيرة في إسرائيل. وتوقف بعد الظهر بثّ القناة في إسرائيل.
ونددت القناة القطرية بالقرار “الإجرامي”، فيما اعتبرت حماس أن القرار “انتهاك فاضح لحرية الصحافة” يهدف إلى “إخفاء الحقيقة” بشأن الحرب.
– اجتماع “طارئ” –
توازيا مع المناقشات التي بدأت السبت في القاهرة بين وفد من الحركة وممثلين قطريين ومصريين، اتهم رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية نتانياهو بـ”تخريب الجهود المبذولة عبر الوسطاء” للتوصل إلى هدنة.
وأعلن مسؤول في حماس مساء الأحد انتهاء هذا اللقاء، قائلا إن الوفد سيتوجه إلى الدوحة للتشاور مع قيادته السياسية.
من جهتها، نقلت قناة “القاهرة الإخبارية” القريبة من الاستخبارات المصرية عن “مصدر مطّلع” أن “وفد حركة حماس غادر القاهرة مساء (الأحد) للتشاور على أن يعود بعد غد الثلاثاء لاستكمال المفاوضات”.
ينص المقترح الذي قدمته الدول الوسيطة، قطر ومصر والولايات المتحدة، إلى حماس في نهاية نيسان/أبريل، على هدنة مرتبطة بإطلاق سراح رهائن محتجزين في قطاع غزة، مقابل أسرى فلسطينيين تحتجزهم إسرائيل.
وأكّد مسؤول كبير في حماس مساء السبت لوكالة فرانس برس أنّ الحركة “لن توافق بأي حال من الأحوال على اتفاق لا يتضمن صراحة وقفا دائما للحرب”.
وبعد توقفه في القاهرة، بحسب وسائل إعلام أميركية، غادر مدير وكالة الاستخبارات المركزية ويليلم بيرنز أيضا إلى قطر، وفق مصدر مقرب من المفاوضات.
وأضاف المصدر أنه “في غياب التقدم” خلال مناقشات القاهرة، يعتزم بيرنز عقد “اجتماع طارئ مع رئيس وزراء” قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، “من أجل مناقشة سبل استئناف المحادثات مرة أخرى”.
– “التاريخ لن يغفر لك” –
اندلعت الحرب في قطاع غزة مع شن حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1170 شخصا، معظمهم مدنيون، حسب تعداد لفرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
وخطف أكثر من 250 شخصا ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفّي 35 منهم وفق مسؤولين إسرائيليّين.
وردت إسرائيل متوعدة بـ”القضاء” على حماس، وهي تنفذ حملة قصف مدمرة وعمليات برية في قطاع غزة، ما تسبب بسقوط 34683 شهيدا غالبيتهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
ودعا “منتدى عائلات الرهائن” نتانياهو إلى “عدم الرضوخ للضغوط السياسية” والقبول باتفاق يسمح بالإفراج عن المحتجزين، متوعدين بأن “التاريخ لن يغفر لك إن فوت هذه الفرصة”.
ميدانيا، تعرضت مدينة غزة في شمال القطاع للقصف، وكذلك وسط القطاع وجنوبه، بما في ذلك مدينة رفح ومدينة خان يونس المجاورة.
وقالت نجاة شعث (59 عاما) من سكان رفح لوكالة فرانس برس “أمس في هذا الوقت كنا متفائلين للغاية وكنا ننتظر إعلان وقف إطلاق النار. اليوم نحن على الحافة”.
وليل الأحد الإثنين، أعلنت فرق إنقاذ ومسعفون استشهاد 16 شخصا من عائلتين في غارات إسرائيلية على مدينة رفح الجنوبية في قطاع غزة، بعد ساعات على مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين في هجوم على معبر كرم أبو سالم.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان الأحد مقتل أربعة عناصر من حماس بينهم ثلاثة من قوات النخبة اتهمهم بالمشاركة في هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
كما أفاد باستشهاد عدد من عناصر حماس خلال الأيام الماضية في غارات جوية على أهداف للحركة بما فيها بنى تحتية عسكرية ومخازن أسلحة.
ومن أجل تحقيق “النصر النهائي” وتحرير الرهائن، يواصل نتانياهو التشديد على أنه سيشنّ هجوما بريا على رفح، حيث تتجمع وفقا له أربع كتائب تابعة لحماس.
وأصبحت هذه المدينة، وهي الوحيدة في القطاع التي لم يدخلها الجنود الإسرائيليون بعد، الملاذ الأخير لمئات آلاف المدنيين الذين فروا من القصف والقتال في مناطق أخرى. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، لا يزال 1,2 مليون فلسطيني محتشدين في المدينة.
– “المجاعة هنا” –
على غرار دول عدّة، أبدت واشنطن مرارا معارضتها لهجوم كهذا، ما لم يقترن بخطط موثوق بها لحماية المدنيين الفلسطينيين.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن هذا الأسبوع إن إسرائيل لم تقدّم “خطة موثوقة لتأمين حماية حقيقية للمدنيين” في رفح، محذرا من أنه “في غياب خطة كهذه، لا يمكننا دعم عملية عسكرية كبيرة في رفح، لأن الضرر الذي ستُحدِثه يتجاوز حدود المقبول”.
وتشكل رفح نقطة العبور البرّية الرئيسة للمساعدات الإنسانية الخاضعة لرقابة إسرائيلية صارمة والتي تدخل بكميات ضئيلة لا تكفي إطلاقا نظرا إلى الاحتياجات الهائلة لسكان القطاع.
وحذرت الأمم المتحدة من أن هجوما على المدينة سيُسدّد “ضربة قاسية” لعمليات إدخال المساعدات الإنسانية.
وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي في مقابلة أجرتها معها شبكة “إن بي سي” الأميركية وبثّت مقتطفات منها الجمعة “عندما تكون هناك نزاعات من هذا النوع مع ما تثيره من مشاعر وما تشهده من أحداث، تحلّ المجاعة”.
وأضافت سيندي ماكين أنه في قطاع غزة “المجاعة هنا، مجاعة حقيقية في الشمال تنتقل إلى الجنوب”، مطالبة بـ”وقف لإطلاق النار والقدرة على الوصول بلا عوائق” إلى غزة لإدخال المساعدات.
وأعلن المفوّض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني الأحد أن السلطات الإسرائيلية منعته من الدخول إلى قطاع غزة للمرة الثانية منذ اندلاع الحرب.
وكتب على إكس “في هذا الأسبوع، رفضوا – للمرة الثانية – دخولي إلى غزة حيث كنت أعتزم أن أكون مع زملائنا في أونروا وبينهم من هم على الخطوط الأمامية”.
وتابع “في الأسبوعين الماضيين فقط، سجّلنا عشرة حوادث شملت إطلاق نار على قوافل وعمليات توقيف موظفين لدى الأمم المتحدة تضمّنت تنمرًّا وتجريدهم من ملابسهم وتهديدات بالسلاح وتأخيرًا لفترات طويلة عند نقاط التفتيش، ما أجبر القوافل على التحرك في الظلام أو إجهاض مهمتها”.
وأعلنت إسرائيل الأحد إغلاق معبر كرم أبو سالم (إيريز) الحدودي بينها وبين غزة أمام شاحنات المساعدة الإنسانية إثر استهدافه بصواريخ. وكانت الدولة العبرية أعادت فتح هذا المعبر في نهاية نيسان/أبريل ما أتاح وصول مساعدات من الأردن إلى شمال قطاع غزة المحاصر.
وقال الجيش الإسرائيلي مساء الأحد إنّ رشقة صاروخية على المعبر أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود.
وأفاد الجيش وكالة فرانس برس بأنه إضافة إلى القتلى أصيب 12 جنديا، جروح ثلاثة منهم خطرة.
وذكر الجيش الإسرائيلي أنّ 14 صاروخا أطلِقت على المعبر من منطقة محاذية لمعبر رفح.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي بيتر ليرنر للصحافيّين في إيجاز عبر الإنترنت “إنه حدث خطير جدا من وجهة نظرنا، إنه غير مقبول، والجيش الإسرائيلي يحقّق في سبب مقتل الجنود مع انطلاق صفارات الإنذار”.
وأعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحماس، مسؤوليتها الأحد عن إطلاق الصواريخ على موقع عسكري قرب معبر كرم أبو سالم بين إسرائيل وغزة، ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى إغلاقه.
وقالت في بيان مرفق بفيديو للعملية إنها عمدت إلى “دكّ مقر قيادة العدو وتحشداته داخل موقع كرم أبو سالم العسكري برشقة صاروخية”.
أثارت الحرب في غزة قلقا من اتساع النزاع الى جبهات إقليمية أخرى، خصوصا في شمال إسرائيل وجنوب لبنان حيث تتبادل الدولة العبرية وحزب الله المدعوم من إيران، القصف يوميا.
والأحد، استشهد أربعة أشخاص في غارة اسرائيلية استهدفت بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان، بحسب مصادر لبنانية أكدت أن القتلى “مدنيون”.
ورد حزب الله معلنا “قصف مستعمرة كريات شمونة (شمال إسرائيل) بعشرات صواريخ الكاتيوشا”.
لاحقا الأحد، قال حزب الله إنه قصف “بعشرات صواريخ الكاتيوشا” آليات وأماكن انتشار الجنود الإسرائيليين في مناطق أخرى، “في إطار الرد” على غارة ميس الجبل.
وقال الجيش الإسرائيلي لفرانس برس إنه “رصد حوالى أربعين صاروخاً” أطلِق من لبنان، مضيفا أنه “تم اعتراض بعضها”.
من جهتها، حذرت القاهرة، الاثنين، من “مخاطر إنسانية بالغة” تهدد أكثر من مليون فلسطيني جراء عملية إسرائيلية محتملة في مدينة رفح الفلسطينية المتاخمة لحدود مصر.
جاء ذلك في بيان للخارجية المصرية تزامنا مع بدء إسرائيل بتهجير نحو 100 ألف فلسطيني قسريا من المناطق الشرقية لرفح استعدادا لبدء عملية عسكرية برية وشيكة بالمدينة.
وأثارت الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة تحذيرات أطلقتها منظمات دولية عدة وصفتها بمثابة “تهجير قسري” ينذر بـ”المزيد من الحرب والمجاعة”.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم