يوسف فارس
غزة | لليوم الخامس على التوالي، تتواصل العملية العسكرية الإسرائيلية في مستشفى الشفاء في مدينة غزة، حيث يرتكب جيش الاحتلال جرائم الإعدام الميداني والتطهير والتهجير القسري، بل ويُمعن في التنكيل بالجرحى والمصابين، ويُخضِع الطواقم الطبية لتحقيقات قاسية، ويمنعها من أداء دورها في رعاية الجرحى والمرضى. آخر الشهادات الميدانية التي حصلت عليها «الأخبار»، أشارت إلى أن جيش العدو احتجز 240 مصاباً بجروح في الأطراف والأجزاء العلوية من الجسد، من الذين لا يستطيعون الحركة، بسبب بتر الأقدام أو وجود جسور معدنية في أطرافهم، بالإضافة إلى المئات من مرافقيهم، وعشرة من العاملين ضمن الطواقم الطبية، في مبنى الأمير نايف في المستشفى. ويتابع الشهود أن «جيش العدو يحتجز المصابين في قاعة واسعة، منذ ثلاثة أيام على هذه الحالة، ويُخضِع بعض المصابين لتحقيقات ميدانية قاسية، ولا يسمح للطواقم الطبية برعاية الجرحى الذين هم بحاجة ماسة إلى المسكّنات والمضادات الحيوية»، مضيفين أن «الديدان بدأت تخرج من جروح المصابين».وفي باحة المستشفى، يواصل جيش العدو ارتكاب كل أنواع الجرائم، حيث داست جنازير الدبابات العشرات من النازحين أحياء، وتتم عمليات الإعدام الميداني التي يعلن جيش الاحتلال عن تضاعف أعدادها يومياً، بناءً على الحالة المزاجية للجنود. كل ذلك يحصل وسط حالة قاسية من الجوع ونقص الطعام، إذ يمنع جيش العدو الأهالي من التحرّك من أماكنهم للحصول على الطعام، ويحرمهم من تناول وجبتي الإفطار والسحور منذ بدء الاقتحام.
الطريقة التي يتحرك فيها جيش العدو من مبنى إلى آخر في داخل مجمع المستشفى، عمادها اتخاذ المدنيين دروعاً بشرية، حيث يُجبِر عدداً كبيراً من النساء والأطفال على السير برفقة جنوده والإحاطة بهم وهم يتنقلون بين المباني التي يخشى أن يلاقي فيها مواجهة من بعض النازحين الذين يرفضون تسليم أنفسهم. أم محمود، وهي نازحة أُجبرت على الخروج مع عائلتها من مستشفى الشفاء باتجاه جنوب قطاع غزة، ثم استطاعت العودة إلى الشمال بعد أن رفضت الانصياع لأوامر جيش العدو، تقول لـ «الأخبار» إن «الجيش الإسرائيلي لا يتحرّك إلا ونحن نحيط به من كل جانب. وعندما يرفض أيّ من الأهالي الانصياع لأوامره، يقوم الجنود بإطلاق الرصاص عليه. بهذه الطريقة قُتل العشرات من النازحين في المستشفى».
جيش الاحتلال يقرّ بالخطأ بعد عرض صور لمقاومين ادّعى بأنه اعتقلهم
وتصل شهادات مروّعة من المناطق التي تحيط بمستشفى الشفاء. وآخر ما تم تداوله في مواقع التواصل في هذا الخصوص، هو قيام جيش العدو بقتل أب أمام أطفاله عند دوار حيدر جنوب غرب المستشفى. ويقول الطفل فاروق حمد، إن «قوات الاحتلال اعتقلتني مع والدي محمد وشقيقي يوسف، وكان والدي يحتضننا ويجلس أمام دبابة إسرائيلية، في محاولة منه لإنقاذنا». ويضيف: «عندما اقتربت الدبابة منّا صرخ بي دافعاً إياي إلى الأمام وهو يقول، بحبك يا فاروق، أشرد». ولما لاذ الطفلان بالفرار من أمام الدبابة، أطلق جندي إسرائيلي رصاصة على رأس الوالد وأرداه قتيلاً، ثم قصف بقذيفة شقيقه يوسف وقتله. وتمكّن فاروق البالغ من العمر 14 عاماً من الفرار والوصول إلى أبناء عمومته، مضرّجاً بالدم ومصاباً بجروح جراء عن شظايا القذائف.
كذلك، واصل جيش العدو سياسة قصف المنازل في محيط مستشفى الشفاء وحرقها بمن فيها من سكان. وبحسب مصادر أهلية تحدّثت إلى «الأخبار»، فقد أطلقت مدفعية الاحتلال العشرات من القذائف الحارقة باتجاه الشقق السكنية المحيطة بالمجمع من جهاته الأربع، وقضت عائلات بأكملها حرقاً، من دون أن يستطيع أحد إنقاذها. وكذلك، واصلت الطائرات الحربية الإسرائيلية تدمير العشرات من الأبنية والأبراج السكنية في القطاع، من دون أن تسمح لسيارات الدفاع المدني أو الإسعاف التدخل لإنقاذ المصابين وانتشال جثث الشهداء.
من جهته، فنّد المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي الذي تديره حركة «حماس»، مزاعم الناطق باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري عن قتل واعتقال المئات من عناصر «حماس» و«الجهاد الإسلامي» خلال اقتحام مجمّع الشفاء، قائلاً إن «الخطأ في التعرّف إلى الهويات وإدراج صور لأفراد من الطاقم الطبي وأشخاص خارج البلاد يظهر أن الجيش الإسرائيلي ينشر روايات كاذبة لتبرير هجومه على المستشفى».
وكان هاغاري قد قدّم العشرات من الجرحى الذين اعتقلتهم قواته في المجمع على أنهم من مقاتلي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، ومن بينهم عدد من مسؤولي الأمن والقادة العسكريين، خلال الاقتحام. وادّعى أن «مَن لم يستسلموا لقواتنا قاتلوا وتمّ القضاء عليهم». وعرض في إفادته صورة مركّبة لمن قال إنهم المعتقلون.
ولاحقاً أقرّ جيش العدو بالخطأ، قائلاً إن هناك بعض الصور لمسلحين لم يتم اعتقالهم ولكن تمّ تضمين صورهم عن طريق الخطأ.
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية