آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » فلسطين بين خطر التهويد وخطر الأسلمة

فلسطين بين خطر التهويد وخطر الأسلمة

 

نبيه البرجي

 

يوم أمر دوايت ايزنهاور دافيد بن غوريون وموشي دايان، الشخصيتان الأكثر أهمية والأكثر تأثيراً في المسيرة السياسية والعسكرية “الاسرائيلية”، بالخروج من شبه جزيرة سيناء، ويوم أمر أنتوني ايدن وغي موليه بالرحيل عن ضفاف السويس، ايذاناً بغروب الأمبراطورية البريطانية وغروب الأمبراطورية الفرنسية.

 

 

أميركا كانت آنذاك أميركا. بعد بطل النورماندي، ما من رئيس أميركي استطاع أن يرفع صوته في وجه أي “حاخام اسرائيلي”. وحين استشعر جون كنيدي أن امتلاك الدولة العبرية القنبلة النووية، يمكن أن يهدد يوماً ما المصالح الأميركية، وحتى الوجود الأميركي في الشرق الأوسط، قرر ايفاد بعثة تفتيش الى مفاعل ديمونا. ماذا كانت النتيجة؟ الاغتيال، وفي ظروف شكسبيرية.

لم يعرف من وراء القاتل لي هارفي أوزوالد، ولا من وراء قاتل القاتل جاك روبي، ليقال أن مكتب التحقيق الفديرالي الذي يستطيع العثور على خيوط الجريمة، ولو حدثت على سطح المريخ. ضاعت منه الجريمة في تقرير لجنة وارن على الأرض الأميركية.

الآن يستطيع بنيامين نتنياهو بالشخصية الزئبقية، أن يدير ظهره للرئيس الأميركي، وأن يقفز فوق البيت الأبيض في طريقه الى الكونغرس ليستقبل كما الملك داود.

لا تتصوروا أن “اللوبي اليهودي” بعيد عن السيناريو الخاص باقصاء جو بايدن عن السباق الرئاسي، لتأمين العودة الآمنة لدونالد ترامب الى المكتب البيضاوي. واذا كان المرشح الجمهوري قد اعترف بالقدس مدينة “اسرائيلية”، يراهن اليمين في “تل أبيب” (وبتعهد من ابنته ايفانكا) على اعلانه الضفة الغربية جزءاً من أرض الميعاد.

لا مدوية من داخل “الكنيست” في وجه الأمبراطور (الروماني)، وقبل ايام قليلة من خطاب زعيم “الليكود” في الكابيتول، مع اعتزام “اللوبي اليهودي” الطلب من ترامب، وبأسلوب شايلوك في “تاجر البندقية”، الضغط على السعودية للتطبيع مع “اسرائيل”، ما يعني ضربة هائلة ان للقضية الفلسطينية، أو لكل دولة أو قوة تعادي أو تقاتل ذلك النوع الهجين من البرابرة.

الضفة، عاجلاً أم آجلاً، خاوية من الفلسطينيين. القدس ايضاً، ليتبادل “الحاخامات” كؤوس الشامبانيا مع يعرب بن قحطان وذريته. “الكنيست” بأغلبية 68 صوتاً مقابل 9 اصوات قال بالضفة أرضاً يهودية. قطعاً لا دولة فلسطينية في “قلب اسرائيل”، في أي مكان آخر ان شئتم. في هذه الحال، ماذا يقول الأميركيون الذين ضحكوا طويلاً على لحى العرب؟

لطالما قلنا أننا أمام كتلة بشرية آتية من قاع الأزمنة، ومن قاع الأمكنة. لا مكان للآخر على ما يعتبرونها، وبوعد الهي سبق بقرون مديدة الوعد البشري، أرض الميعاد. هذا ما كرسته الادارات الأميركية المتعاقبة بالحيلولة دون أي دولة عربية والدخول في الزمن التكنولوجي، وهو لغة القرن والقرون الآتية، وابقاء البلدان العربية كمستودعات للخردة البشرية.

في هذا السياق، اتصل بنا كاهن كاثوليكي من القدس، ليقول لنا “كمسيحيين كنا أمام خطر تهويد فلسطين، والآن أمام خطر اسلمة فلسطين، ما حدّ الى حد بعيد من الوهج الانساني لهذه القضية، ومن نجاح أي محاولة لاظهار البعد التراجيدي للمشهد الفلسطيني. هنا ليس الله ضد الله الآخر ولا الأنبياء ضد أنبياء آخرين، بل انه الصراع بين اهل الأرض ومغتصبي هذه الأرض. ما يحدث هو صراع الايديولوجيا بابعادها الجيوسياسية ضد الايديولوجيا، ليذوب المسيحيون على أرض المسيح”.

“اسرائيل” واثقة من عودة دونالد ترامب، وسحق كمالا هاريس، ليعود معه دومينو التطبيع وتدفن غزة بمن فيها تحت التراب. لا دولة فلسطينية ولا قدس عربية، هي أورشليم. المزمور 137: 5 ـ 6  قال “ان نسيتك يا أورشليم تنسى يميني، ليلتصق لساني بحنكي ان لم أذكرك ولم أفضّل أورشليم على أعظم فرحي”. ليقول الشاعر حاييم بيالك “ان نسيتك يا أورشليم تنساني يميني”.

ما يسري على القدس يسري على “يهودا”  و”السامرة”. لا فلسطينيون في هاتين المنطفتين. لن نسأل العرب وهم في الغيبوبة، بل نسأل الأميركيين الذين طالما احترفوا ديبلوماسية المراوغة : ما ردكم على “الكنيست” سوى اللعب على ظهورنا؟

الكلام لأهل الضفة… هم أولياء الأرض وأولياء الدم!…

(سيرياهوم نيوز 1-الديار)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هل حان دور سورية في حرب التدمير والابادة؟

  ميخائيل عوض تزداد مناسيب القلق على سورية ومستقبلها وتكثر التسريبات والتحليلات عن خطط اجتياحها. فاين تذهب الامور؟ وما هي المعطيات؟ نتنياهو اعلن حربا وجودية ...