الرئيسية » كلمة حرة » فلسفة الكذب

فلسفة الكذب

 

مالك صقور

أرجوكم لا تتسرعوا في الحكم على هذا العنوان ، فالعنوان ليس لي .. إنه عنوان كتاب الدكتور محمد مهدي علام وهو أستاذ جامعي مصري ( 1900 -1992) وله مؤلفات بالنقد الأدبي .. ونال شهادة الدكتوراة في لندن عام 1925 .
إذا كان الصدق هو الفضيلة الأولى في منظومة القيم الأخلاقية ، فإن الكذب هو الرذيلة الكبرى ؛ ويسمى ” أس الرذائل ” و” أبو المعاصي ” .
وفي ظني ، ما من إنسان على وجه الأرض ، ولوكان ( أكبر كذّاب ) ، أو الكذاب الأول باعتراف من يعرفه ، يقبل أن يقال له : أنت كذاب أمام الناس ..
فما العلة ؟ أو ماهو السبب ؟ وما هو السر الذي يكمن وراء هذه المعصية التي يرفضها الجميع ؟ وفي آن يمارسها الجميع بأشكال مختلفة ، ودرجات متفاوته – إلا ما رحم ربي – أو من الندرة النادرة بين الناس ، والنادر لا يذكر ما يقولون !!
ماذا لو خلا المجتمع من الكذب ؟!
حقاً ، هل يمكن أن يتخيل المرء مجتمعاً عمه الصدق ؟! وماذا ستكون حال المجتمع ؟
قديماً قالوا: حبل الكذب قصير . وقالوا نلحق الكذاب إلى باب الدار . وهذا يعني ، أن الكذب سينكشف ولو بعد حين ، طال الزمن أم قصر ..
وقالوا أيضاً : ” أعذب الشعر أكذبه ” ، مع أن كثيرين يرفضون هذه المقولة . ولكن أليس الفن عموماً، يقوم على الخيال وشرط الفن الأول هو الخيال ، والخيال والتخيل و الأخيولة ، ضرب من ضروب المبالغة والكذب ..بما فيه الفن الواقعي الذي بدوره يعتمد على ما يسمى ( الصدق الفني ) الذي هو أيضاً خيال في خيال ، حتى ولو اتكأ على وقائع ومعطيات واقعية -أي حصلت فعلاً .
أليست قصائد المديح في أغلبها مبالغة وكذب ؟ ومع هذا يقبل الممدوح ذلك . والشاعر المّداح يحس أنه يكذب ..
يقول محمود درويش : ” أن تصدّق نفسك ، أسوأ من أن تكذّب على الآخرين ” .
ليس المقصود الآن ، من كلامي ، ما يخص الخيال الفني ، والفن عموماً .من شعر وقصة ورواية ومسرح ، لأن الفن وُجد كي يعلّم الإنسان ويهذّبه . كي يعلمه الفضيلة ، ويجنبه الشر والأذى ، ويخلصه من ربقة الظلم والاستبداد ، ويهديه إلى الطريق الصحيحة ،
قد تبدو هذه الأسئلة ، وهذة المقدمة ،مثالية وطوباوية ، ونحن نعيش في عصر أبعد مايكون عن المثُل والمثالية والقيم والأخلاق .سواء في سلوك الفرد أو في سلوك الجماعات ، وحتى في سلوك الشعوب .
هنا ، تبقى المسألة فيما يخص الفرد الكذاب الذي يسعى لمنفعة شخصية أو كي ينجو بنفسه من عقوبة ما أو كي يلحق الضرر والأذى بشخص آخر . ولكن كيف يفهم الكذب الفاضح والمفضوح على مستوى الجماعات أو مستوى الدول ؟!
فكم من تقرير كاذب كتبه مخبر لسبب ما أضر ضرراً بالغاً بالآخر . ألا يقال : إن المتهم عند ربه بريء، حتى تثبت إدانته . ولكن من يعمل بهذا ؟ أما ورد في القرآن الكريم { ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين }..
ألم تكن كذبة كبيرة جداً أودت بحياة العراق وذبحته من الوريد إلى الوريد ، وقتلت الملايين وشردت الملايين وأعاقت الملايين وهي كذبة أسلحة الدمار الشامل ؟!
أما عن ( فلسفة الكذب ) – كتاب الدكتور محمد مهدي علاّم . فللحديث القادم ..
(موقع اخبار سوريا الوطن-2)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هذا ماقاله المجاهد صالح العلي في أول عيد للجلاء عن سوريا 

    عبد اللطيف شعبان   بمناسبة هذه الذكرى المجيدة، كان يقام كل عام مهرجان احتفالي كبير لمدة ثلاثة أيام، في ساحة ضريح المجاهد الشيخ ...