لا يَعدم الرئيس السابق للبرلمان الفنزويلي، زعيم المعارضة خوان غوايدو، وسيلةً للعودة إلى الحياة السياسية إلّا ويجرّبها، حتّى وإن تطلّب الأمر تقديم تنازلات للحكومة الفنزويلية مِن مِثل العودة إلى التفاوض معها. فالرجل الذي مُني بهزيمة فادحة في الانتخابات النيابية الأخيرة، والتي استعاد فيها «الحزب الاشتراكي» المجلس التشريعي بعدما كان في قبضة المعارضة، عاد ليظهر، أخيراً، من خلال عرضٍ جديد لحكومة كاراكاس يقضي ببدء مفاوضات مع إدارة الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، وتحديد موعد لـ»انتخابات حرّة»، في مقابل رفع العقوبات عن البلاد. وفي مقطع مصوّر نشره، أوّل من أمس، على مواقع التواصل الاجتماعي، قال غوايدو ــــ الذي أعلن نفسه قَبل سنتين رئيساً انتقالياً لفنزويلا بدعمٍ من الولايات المتحدة ــــ إن بلاده «بحاجة إلى اتفاق لإنقاذ وطني… اتفاق بين القوى الديموقراطية… والنظام والمجتمع الدولي». وطالب بـ«اتفاق يتضمّن موعداً لانتخابات رئاسية وتشريعية وإقليمية وبلدية حرّة ونزيهة بدعمِ مراقبين دوليين»، معتبراً أن المجتمع الدولي يمكن أن «يشجِّع النظام من خلال رفع تدريجي للعقوبات مشروط بالتزامه أهدافَ الاتفاق». كذلك، دعا إلى «الإفراج عن جميع السجناء السياسيين»، والسماح بـ«الدخول المكثّف للمساعدات الإنسانية واللقاحات المضادة لوباء كوفيد»، فيما تواجه البلاد موجة ثانية من الفيروس.
وتأتي دعوة زعيم المعارضة الفنزويلية بعد أيّام قليلة من تشكيل المجلس الانتخابي الوطني من قِبَل «الجمعية الوطنية» (البرلمان)، حيث تَشغل السلطة 256 من أصل 277 مقعداً. وفي هذا السياق، قال غوايدو: «لا نعترف بالمجلس الانتخابي الوطني الذي يُنظِّم عادة الانتخابات البلدية والإقليمية قبل نهاية العام». وعلى الفور، أتى الرد من الرئيس الفنزويلي على اقتراح غوايدو، إذ أكد مادورو استعداده للحوار مع المعارضة، من دون أن يثنيه ذلك عن توجيه انتقادات حادّة لغوايدو الذي اعتبر أن تصريحاته الأخيرة تمثّل «علامة» على الهزيمة والعزلة السياسية والافتقار التامّ إلى الجذور في القواعد الشعبية للمجتمع الفنزويلي. وفي حديثٍ متلفز، مساء أوّل من أمس، قال مادورو إنه «مستعدّ للحوار»، مضيفاً، في الوقت عينه، إن «المجلس الانتخابي الوطني تشكَّل بعد حوار كبير مع كل جهات المعارضة، كل الجهات ما عدا واحدة! الجهة المتطرّفة الانقلابية التي سهّلت العقوبات والهجمات»، في إشارة إلى غوايدو وأتباعه. وفي هذا السياق، أشار مادورو إلى أن الجماعات السياسية الخارجة عن عملية بناء التوافق التي بدأت في عام 2019 «تطالب الآن بالحوار»، وتابع قائلاً: «يريد الأحمق الكبير (بوبولونغو، خوان غوايدو) الآن الحوار، لأنه معزول ومهزوم ولا أحد يستشيره بأيّ شيء… إذا كان يريد الانضمام إلى المحادثات الجارية، فأهلاً به! لكن من دون أن يعتبر نفسه رئيساً لبلد لا يعترف به كذلك».
الجدير ذكره أن الحكومة الفنزويلية كانت قد أعلنت نيّتها التفاوض مع المعارضين حتى بعد فشل المفاوضات الأخيرة التي أُجريت في النروج عام 2019. وتبلورت هذه النيّة بإعلان مادورو بعد الانتخابات النيابية الماضية أن «الحزب الاشتراكي» قام بمراجعة شاملة قبل خوض الانتخابات، وخَلُص إلى ضرورة العودة إلى الحوار الداخلي والتكاتف الاجتماعي لإنقاذ البلاد، من خلال إجراء تفاهمات سياسية مع قوى المعارضة، وخاصة تلك التي تقودها التيارات الشبابيّة، وفتح المجال في الإدارات العامة أمام هذه القيادات، والتوصّل إلى توافق سياسي بحدّه المقبول ليقطع الطريق أمام الضغوط الخارجية.
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)