أصبح الذكاء الاصطناعي وبشكل سريع سمة من سمات الحياة اليومية للجميع. فنحن ندركه دون وعي إما كصديق أو عدو، أو مساعد أو مدمر.
وفي بعض المواقع ينظر إليه كأداة للإبداع قادرة على الكشف عن العلاقة المعقدة بين البشر والآلات.
ومن ثم يأتي السؤال الذي يبدو أنه يشغل بال الكثير من البشر الذين يشعرون بالقلق إزاء الدور الذي سيلعبه الذكاء الاصطناعي في حياتنا: وهو التحقق من الحقائق وخاصة في ظل ما ينتشر من أساليب الكذب والدعاية في هذا العصر.
وبدلاً من التركيز على كيفية بناء أشكال مختلفة من الذكاء وتفاعلها وإنتاجها للمعنى، يبدو أن مستعمليه من الساسة ووسائل الإعلام قرروا بالإجماع أن الغرض من الذكاء الاصطناعي هو توفير الحقائق.
لذلك، فإن التفكير النقدي المطبق على الذكاء الاصطناعي يتلخص في محور واحد التأكد من أنه يلتزم بالحقائق.
إن الاستماع إلى أصوات معينه قد يقودنا إلى الاعتقاد بأنه كل ما قيل واقعياً، فإننا نصل إلى الحقيقة والفهم، ولكن هل نقدر حقاً ما نعنيه بـ الحقيقة و الفهم.
إن الفهم البشري ينشأ في كثير من الأحيان من وضع الأفكار في سياقها الصحيح ضمن شبكة من العلاقات والخبرة الشخصية، والخلفية الثقافية، والعواطف، والديناميكيات الاجتماعية، وهذا التموضع ديناميكي وذاتي، ويتشكل من خلال القيم والنيات والغرض.
ونحن ننخرط في عملية صنع المعنى التي لا تدمج الحقائق فحسب، بل وأيضاً الصلة والأهمية.
– قدرات الذكاء الاصطناعي:
يمكنه معالجة كميات هائلة من البيانات واكتشاف الأنماط وتوليد مخرجات بناءً على الارتباطات الإحصائية، ومع ذلك، يفتقر إلى القدرة على وضع نفسه بشكل هادف في سياق معين.
وبدون وضع هذه القدرة بشكل هادف داخل إطار شبيه بالإطار البشري من حيث الصلة، لا يمكن للذكاء الاصطناعي تكرار الجانب العميق والعقلاني من الفهم البشري، فالإدراك المتجسد: أن العقول والأجساد تعمل معاً.
فهو يعمل من دون جسد، وفي حين أن بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل الروبوتات التي تحتوي على أجهزة استشعار ومشغلات، فإنها لا تمتلك تجارب ذاتية للجسد.
ويمكن للذكاء الاصطناعي محاكاة الأفعال ولكنه لا يشعر بها، ويفتقر إلى العواطف والحدس والثراء الحسي الذي يستخدمه البشر لتأسيس المفاهيم المجردة.
بالتالي يعني أنه لا يستطيع تكرار الأساس التجريبي الغني للفهم البشري أنه يتفاعل مع العالم بطريقة تجمع بين الحقائق والقيم والخبرة المعاشة.
كما يمكن للذكاء الاصطناعي محاكاة بعض الوظائف المعرفية مثل التعرف على الأنماط، والاستدلال المنطقي، وتوليد اللغة، لكنه يفتقر إلى الوكالة، والقصد، والخبرة الذاتية اللازمة للفهم البشري .
فجوهر الذكاء البشري يكمن في التواجد جسدياً وعاطفياً واجتماعياً في العالم. والذكاء الاصطناعي، الذي يعمل من دون هذه الأبعاد، لا يستطيع الانخراط في النوع من صنع المعنى الذي يحدد الفهم الحقيقي.
وتشير هذه الفجوة إلى أنه في حين قد يعمل الذكاء الاصطناعي على تعزيز القدرات البشرية، فإنه من غير المرجح أن يحقق أي شيء متطابق مع الفهم البشري من دون تغييرات عميقة في كيفية ارتباطه بالسياق والتجسيد.
أخيراً يمكن العمل الجدي على التطوير لاحقاً بين مدى التكامل بين الذكاء البشري والاصطناعي ليصبح قوة.
إن قدرة الذكاء الاصطناعي على تجميع وجهات نظر متنوعة، وتعزيز مساحة تعاونية تمكن كليهما المساهمة في تحقيق رؤى أعمق والوصول إلى التعلم المتبادل.
اخبار سورية الوطن 2_الثورة