- زينب حاوي
- الثلاثاء 22 شباط 2022
عن سبعين عاماً، أغمض المناضل والباحث أنيس النقاش (1951-2021) عينيه للمرة الأخيرة في دمشق، يوم 22 شباط (فبراير) الماضي. سبعون عاماً، تكثّفت في مسيرة رجل لم «يزح» مرة عن ثباته تجاه خطّ المقاومة ومناصرة القضية الفلسطينية. مسيرة بدأت من البزّة العسكرية، واختُتمت بربطة عنق، لباحث وصاحب رؤية ثاقبة في التحليل والإستراتيجيا. اليوم، تمرّ الذكرى الأولى لغياب المناضل اللبناني، ولا يزال هذا الرحيل يترك فراغاً هائلاً على الساحتين العربية واللبنانية. مسيرة النقاش (القصيرة مدةً) كانت «حبلى» بالأحداث والمحطات المفصلية، التي رسمت مساراً نضالياً حمله معه حتى آخر نفس. «مناضل بلا حدود» (إنتاج: الميادين ـــ إخراج: أمير بن جدو) هو عنوان العمل الذي يوثّق أهم محطات أنيس النقاش الفكرية والإنسانية والعسكرية. فيلم (ساعة تلفزيونية) يطلّ على سيرة رجل لم يعرف سوى طريق المقاومة كعنوان ثابت غير قابل للتغيير. اختار الفيلم التوثيقي تأريخ هذه المحطات على ألسنة أصدقائه ومَن عرفوه عن قرب. هكذا، سيطلّ المفكر والمناضل الفلسطيني منير شفيق، والمستشار في «مركز دراسات الشرق الأوسط» في طهران، محمد علي مهتدي، والكاتب السوري أحمد الدرزي، إلى جانب بتول خدابخش، زوجة النقاش، والزميل وليد شرارة. وجوه ستحاول الإحاطة بمسيرة النقاش التي انطلقت باكراً بمسيرة احتجاجية تضامناً مع المناضلة الجزائرية جميلة بو حيرد، واستُكملت مع انضمامه إلى حركة «فتح» عام 1964.
بعدها انخرط في الخط المقاوم، وأطلق أول تشكيلات المقاومة في جنوب لبنان بعد الاجتياح الإسرائيلي. وسيطلّ الشريط أيضاً على علاقته بالقيادي وأحد مؤسّسي «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، وديع حداد، ثم توليه ـــ بعد انتصار الثورة الإسلامية ـــ عملية التشبيك بين الأخيرة والفصائل الفلسطينية، وليس انتهاءً بدخوله السجن في باريس وقضائه عشرة أعوام هناك، على خلفية محاولته اغتيال آخر الوزراء تحت حكم الشاه شابور بختيار، وخروجه بعدها عام 1990. لا شك في أنها محطة مفصلية، في حياة المناضل اللبناني، حوّلت النقّاش من مناضل ميداني، وقائد لسريات جهادية، إلى محلل سياسي، وصاحب رؤية ثاقبة في ما خصّ المنطقة العربية، خاصة المشرقية منها كما يشرح لنا معدّ الفيلم زاهر العريضي، إذ شكّلت هذه المرحلة لديه نضوجاً سياسياً وفكرياً عالياً وقدرة على استكمال النضال بطريقة أخرى. أراد القائمون على العمل، اختصار محطات أنيس النقاش، بمجموعة إطلالات لشخصيات عرفته عن قرب، ورافقته في آخر أيام حياته، كما فعل الدرزي الذي واكب النقاش في آخر أيامه في المستشفى. يقول لنا العريضي، إن اختيار هذه الشخصيات، أتى على خلفية السعي خلف إيصال «حقيقة أنيس النقاش»، ووضوحه، وإبراز أهميته والثقل الذي ولّده على الساحتين الجهادية والفكرية. وربما الأهم هنا، إبراز ثباته والحاجة إليه، وإلى وجوده، كرجل متنوّر، واضح الرؤية في ما خصّ أوجه الصراعات في المنطقة العربية، وإيمانه المطلق بدور المقاومة، وانتصارها في ساحات مختلفة. ولعلّ أبرز استشرافاته تمثّل في يقينه بحجم الانتصار في الحرب الكونية التي شهدتها سوريا خلال السنوات الماضية، ودور سوريا المحوري في المنطقة العربية لاحقاً بعد الحرب.
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)