ميساء العلي ـ عامر ياغي:
أكد المستشار القاضي أحمد السيد في أول لقاء صحفي بعد توليه حقيبة وزارة العدل ، الذي خص به جريدة الثورة ، أن لا سلطةَ تعلو على سلطة القانون، وأن محاربة الفساد أولوية وهي عامة وشاملة ولن تستثنى أحداً من المخطئين الذين يعتقدون أنهم قادرون على تعكير صفو عملية التقاضي على اختلاف درجاتها، أو التقليل من ثقة المواطن بقوة وعدالة سلطته القضائية التي لا هم لها ولا اهتمام إلا إحقاق الحق وتحقيق العدالة وإعطاء كل ذي حق حقه، وهذا مرهون بالخبرات والكفاءات الموجودة “وهي كثيرة جداً” وسيتم دعمها ومساندتها والثناء عليها وتكريمها ليس معنوياً فقط وإنما مادياً أيضاً، كاشفاً أن التوجه الجديد ليس مع محاسبة القاضي المرتكب لمخالفات “أن وجدت” تسيء لسمعته أو لسمعة السلطة القضائية بنقله إلى محافظة أخرى، وإنما إحالته إلى مجلس القضاء الأعلى لمحاكمته وإقرار العقوبة والإجراءات المنصوص عليها في القانون بحقه، منوهاً على أهمية دور الإعلام في تسليط الضوء على مكامن الخلل والفساد المقرون بالوثائق والثبوتيات التي تساعد في تحريك وإقامة الدعوى بحق الفاسدين والمتورطين وإنزال العقوبة الرادعة بحق كل من تسول له نفسه المساس أو الاعتداء على أي من الحقوق العامة أو الخاصة التي نص عليها الدستور والقوانين والتشريعات وحمتها وصانتها، وهي علاقة توءمة “من نوع خاص”، مؤكداً أن السيد الرئيس بشار الأسد ـ رئيس مجلس القضاء الأعلى قال خلال لقائه أعضاء الحكومة الجديدة برئاسة المهندس حسين عرنوس بعد أداء اليمين الدستورية أمام سيادته أن لا أحد له الحق في التدخل في العمل القضائي، وهذا ما سيتم العمل عليه وتطبيقه في كافة العدليات دون استثناء.
وأضاف أن السلطةٌ القضائية هي واحدة من السلطات الدستورية الثلاث إلى جانب التشريعية والتنفيذية، وهذه السلطة ينطبق عليها ما ينطبق على باقي السلطات في الجمهورية العربية السورية ولا شك أنه لا يوجد أحد في العالم قادر على تحقيق العدالة المطلقة، وهذا أمر لا يجادل فيه أحد إنما يسعى الجميع لتحقيق عدالة أقرب ما تكون إلى الكمال، والبعد والاقتراب من العدالة المثلى هو أمر نسبي يخضع لكثير من العوامل فالحكمة الشهيرة تقول القاضي عدو نصف الناس إن عدل ،إلا أنه بذات الوقت لا أحد يجادل أن لدينا أيضاً تقصيرا في مناح متعددة وهذا يقودني إلى الإجابة عن القسم الأخير من السؤال فيما إذا كان هناك خطة لإصلاح هذا الجزء المهم ، فكما تعلمون ويعلم الجميع أن السيد الرئيس في توجيهاته الأخيرة للحكومة حدد أنه لا يجب أن نتهم مؤسسة كاملة بالخلل أو الفساد وبناءً على هذا فإن أي مظهر من مظهر الخلل أو الزلل يجب المسارعة لمعالجته من خلال المؤسسات التي أنشأها القانون (كإدارة التفتيش القضائي على سبيل المثال) وبالتأكيد أننا لن نعمل خبط عشواء بل وفقَ رؤيةٍ قانونيةٍ ومنهجيةٍ، تعتمدُ على تفعيل دور المؤسسات الرقابية في السلطة القضائية كتفعيل دور مجلس القضاء الأعلى وإدارات الوزارة المختلفة وبشكل محوري إدارة التفتيش التي تشكل الخطوة الأولى والأهم لكشف أي مخالفة وجنوح عن واجبات العمل القضائي وتقديم خلاصة تحقيقية لمجلس القضاء الأعلى ليقوم بما يتوجبُ عليه من عزلٍ أو عقابٍ أو تقويمٍ أو إصلاح.
– بدأتم بجملة تغييرات… هل كان ذلك ضرورياً أم كان يجب الانتظار مزيدا من الوقت؟ خاصة أن البعض اعتبرها رداً على المحسوبيات السابقة؟
بداية .. والأهم أننا نعمل في دولة مؤسسات لا أشخاص، وعليه لو لم يكن هذا التغيير ضرورياً “عدليات دمشق وريفها والقنيطرة” لكان تصرفاً عبثياً، ولو كان من دون أهداف أو ضوابط لكان تصرفاً طائشاً لا قيمة له، وفي الواقع لا ينطبق على التغييرات التي حصلت عبارة (جملة تغييرات) فالذي حصل أنه تمت بعض التنقلات التي أجراها مجلس القضاء الأعلى ، وأنا كوزير أترأس النيابات في الجمهورية العربية السورية بموجب الدستور و كانت لي رؤية في تعيين بعض المحامين العامين الذين سيكون لي تواصل مباشر معهم وفقاً لطبيعة عمل مؤسسة النيابة بموجب القوانين النافذة، وبالتالي إذا ما الغاية من الانتظار في مثل هكذا تغيرات إلا التقاعس والتواني عن أداء الواجب والمهمة، وعن بدء العمل والشروع بما كلفتُ به، أما لجهة اعتبارها رداً على “المحسوبيات السابقة” فإني أقول أن التفكير بهذه العقلية مؤذٍ لأي عملٍ مؤسساتي أو حكومي لأنه مبني على الافتراض وسوء الظن ولا يجوز قياس كل خطوة تنجز أو ستنجز بهذا المعيار ولو أنه كان يجب الإبقاء على الحال على ما هو عليه لما كان هناك حاجة لأي تغيير أو تعديل ولكان يتوجب علينا استنساخ الماضي وتكراره .
– هل ستسهم خطوة اللقاء مع المواطن الأسبوعية بحل بعض التجاوزات ومعرفة الواقع عن قرب فيما يخص التقاضي في المحاكم السورية.
كلُ حاجبٍ أو حجابٍ بين المسؤولِ والمواطن هو نقطةُ خلل في عمل المؤسسات شريطة أن لا تنتشر الفوضى لعدم وجوده وأن لا تُلغي اللقاءات المباشرة عملَ المؤسسات والإدارات الأخرى، فلا يجوز لمن شرَّع له القانون سبيلاً للمراجعة أن يطرق باب الوزير قبل أن يستنفذ الطرق القانونية الأخرى. فعلى سبيل المثال لا يستقيم أن يتقدم أحدٌ بشكوى أو شكاية للوزير مباشرة قبل أن يكون قد لجأ إلى تقديمها وفقاً للأصول وبالتالي فإن المقصود من هذه الخطوة عاملان أساسيان، أولهما:أن يعلم المواطن أن كلامه دائما يصل ومسموع ومحط اهتمام ومتابعة وأننا سنعقل روايته عقل دراية لا عقل رواية، وبذات الوقت سنساعده في سلوك المنهج القويم بالمطالبة بحقه حتى لا يتم إلغاء السبل والمناهج التي شرعها القانون، أي أنني أقول باختصار سنسعى لتيسير أمور الناس والوقوف على طبيعة المشاكل والعوائق بسرعة لا بتسرع عسى أن نصل إلى الوقت الذي لا يحتاج فيه المواطن لمراجعة أحد في هذا اليوم من الأسبوع ، ولابد من الإشارة أن عملية تقويم التقاضي هي بشكل اساسي ترتبط بالمراجع الاستئنافية وغرف محكمة النقض فهي من تقوم الخلل القانوني أما مجلس القضاء الأعلى فهو من يضبط السلوك .
– هل هناك تعديلات قريبة في محكمة الإرهاب وما جديدكم ؟
نحن لا نعمل بناءً على الأقاويل ومجلس القضاء الأعلى مصمم على أن تتم كل خطوة بناءً على دراسةً معمقة وضرورات ومقتضيات المصلحة العامة ووفقاً لقانون السلطة القضائية والقوانين النافذة الأخرى فلا يعقل أن يكون التغيير لمجرد التغيير أو بسبب التبديل وحينما تستدعي الضرورة إجراء تغيرات فبالتأكيد سنسعى لذلك.
– ماذا عن إذاعات البحث التي تشكل جدلاً بين وزارة الداخلية ووزارة العدل وهل لنا معرفة عدد تقريبي لها؟
إن وزارة العدل تعمل مع وزارة الداخلية منذ فترة على أن تكون إذاعات البحث مبنية على الضرورات القانونية التي أرادها المشرع وقد تم تحقيق تقدم كبير جداً حتى وصلت نسبة ما تم لما يقارب 95 % تقريباً.
– هل هناك تغييرات محتملة على قانون أصول المحاكمات الجزائية والمدنية وقانون العقوبات؟
كل قانون يستوجب المراجعة أو التعديل هو مشروع محتمل في الفترة القادمة وفق الأولويات ووفق الحاجة لذلك وليس هناك أي سقف لمدى التعديل إلا الدستور ومبادئه.
– ماذا عن التوقيف المبني على التقارير الكيدية؟
كل توقيف لا يستند إلى أصوله القانونية هو توقيف خاطئ فكما يعلم الجميع أن دستور الجمهورية العربية السورية قد صان حق الحرية المقدس ولم يضع له استثناء إلا التوقيف ولا يجب أن يتم اللجوء إليه إلا إن كان هو الوسيلة الوحيدة الممكن إجراؤها ،حيث أن له اسسا ومبررات معروفة كالخوف على الأدلة أو المعالم المادية للجريمة أو للحيلولة دون ممارسة الإكراه على الشهود أو على المجني عليهم أو لمنع المشتكي عليه من إجراء أي اتصال بشركائه في الجريمة أو المتدخلين فيها أو المحرضين عليها أو أن يكون الغرض من التوقيف حماية المشتكى عليه نفسه أو وضع حد لمفاعيل الجريمة أو الرغبة في اتقاء تجددها أو منع المشتكي عليه من الفرار أو تجنيب النظام العام أي خلل ناجم عن الجريمة وبناءً على ذلك يتوجب على القاضي اتخاذ قراره لجهة التوقيف من عدمه
– هل هناك مشروع لتفعيل دور التفتيش القضائي وما أهمية ذلك؟
تفعيل وتطوير عمل الإدارات له الأولوية ومنها إدارة التفتيش بشكل اساسي وذلك لكون القضاء هو الوحيد في بنياننا الدستوري من يملك محاسبة ذاته وقد ذكر السيد الرئيس إثناء حديثه أن القضاء ليس المسؤول الوحيد عن مكافحة الفساد بل إن محصلة عمل جميع المؤسسات تصب لدى القضاء، ولهذا يتوجب أن يتمتع القضاء بكل مقومات إصدار الحكم العادل وهذا ما يجعل دور إدارة التفتيش دوراً محورياً سواء حين نتكلم عن النصح أم المتابعة أم التفتيش الدوري أم لجهة تحري الأخطاء المسلكية والسلوكية.
– كيف ستتعاملون مع القضاة الذين يغلقون أبوابهم أمام المحامين والمواطنين؟
إن قانون أصول المحاكمات الحالي يستوجب أن يُمثِّلَ المحامون المتداعين في الدعوى فغالبية الحضور في قصور العدل والمحاكم ستكون للسادة المحامين وعليه لا يجوز أن يكون هناك حاجب أو حجاب إلا أن بعض الحالات تفرض عدم دخول أحد إلى غرفة التحقيق أثناء قيام قاضي التحقيق بالاستجواب فلا مجال للمراجعات الإدارية إلا لحين انتهاء التحقيق أما الحالات الأخرى -كما أفهم من السؤال – أنها لا تندرج ضمن الأخطاء المسلكية التي تعرض القاضي للإحالة للتفتيش في حال تبين وجود مبررات لإحالته ، ولابد أن أشير بأن ليس كل المراجعات قانونية فقواعد العدالة تستوجب عدم السماح لبعض المراجعات الفردية حيث لا يجوز سماع طرف دون أخر إلا في مجلس القضاء وأي مخالفة لذلك هي هنةٌ من القاضي وخلل غير جائز، فالخصوم متساوون في حق إبداء دفوعهم وسرد مظلوميتهم وبناءً على ما نظمه القانون، وليس بناءً على من له السبق في الدخول لمكتب القاضي وشرح المظلومية قبل الأخر أو إعادة تكرراها بعد انتهاء الجلسة .
جميع القضاة والمحامين ينتظرون عودة المحاكم المدنية للقصر العدلي
القديم ماذا عنه؟
في زيارتي الأخيرة للقصر لعدلي بدمشق اطلعت على وتيرة العمل وعلى ما تم إنجازه والتأخير بادٍ وظاهرٌ وهذا مرده لعدة عوامل منها الظروف العامة وطبيعة الحرب الإرهابية على سورية وتشديد إجراءات الحصار الخانق ولكن هذا لم يزيدنا إلا إصراراً وعزيمة وإرادة على إنهاء إعمال الترميم في القريب العاجل جداً.
– موجبات تعميمكم الأخير حول الإسراع بالبت في القضايا.
هو تعميم ذو طبيعية تحفيزية لإنجاز الأعمال بالسرعة المطلوبة يستند إلى طبائع الأمور وحكمتها وضرورات العدالة وإشارة إلى المرحلة القادمة وعنوانها فهي مرحلة عمل وعطاء وكدٍ واجتهاد
– العلاقة مع النقابة بعد اللغط الكبير مؤخراً؟
العلاقات المؤسساتية تبنى على قواعد قانونية وبالأخص علاقة وزارة العدل مع نقابة المحامين وفروعها وليس على مواقف شخصية وهي علاقة محكومة بنصوص القانون والأعراف والتقاليد ولابد لي من التأكيد أن جناحي العدالة لا يمكن أن ينفصلا ولا أن يرفرفا إلا بانسجام وبتطبيق لنصوص القانون وإنفاذ لغاياته وأهدافه فالمحاماة رسالة تهدف لإعلاء صرح العدالة من خلال مساعدة القضاء على تحقيقها والقضاء معني بأن يكون الحارس على نصوص القانون والأمين على تطبيق متنه وستشارك وزارة العدل وفقاً للإجراءات المتخذة بخصوص التباعد الواجب لمجابهة جائحة كورونا بوفد من وزير العدل وأحد المعاونين.
(سيرياهوم نيوز-الثورة)