الرئيسية » ثقافة وفن » في التضليل الإعلامي

في التضليل الإعلامي

سلام الفاضل:
عرّف الباحث فرانسوا جيريه التضليل بقوله : “هو مشروع منظم مخطط يهدف إلى تشويش الأذهان، والتأثير في العقل والعواطف والمخيلة، وليس له سوى هدف واحد هو إدخال الشكوك، وخلق الاضطرابات، وهدم المعنويات”.
ويتفق المعنيون على أن التضليل الفكري والثقافي يستخدم الإعلام وسيلة له، وأن هذا التضليل حين يستهدف مجتمعات بعينها فإنه يهدف إلى سلبها روح انتمائها لثقافتها وفكرها وقيمها ومعتقداتها، في عملية تمثل حرباً لا هوادة فيها، إذ قد يمهد التضليل للحروب العسكرية.
وفي الكتب المُصنَّفة لهذا الغرض ذكرٌ لأشكال كثيرة من التضليل، منها: التضليل بالتهويل، والتهوين، والتفكيك والتجزئة (أي حصر النقاش في جزئيات وقطعها عن السياق العام لها)، والتضليل بالإحصائيات والاستطلاعات، والقراءة المخادعة، والصور، والرسوم… وغير هذا.
وإذا كان التضليل أكثر ما يستهدف الرأي العام بالانقياد والتشكيل والتشويه، فإن ثمة مقولة مهمة جداً تذكر أن الرأي العام جسد مارد، وعقل طفل؛ وهو الضحية دائماً. فكثيراً ما يُصنع الرأي العام، والحال هذه، بالحمأ المسنون الذي تشكّله وسائل الميديا وفق الطريقة التي تنسجم ومصالح الدول الكبرى واتجاهاتها وأهدافها.
وعلى هذا فإن إسقاط الأقنعة التي يصطنعها الإعلام في عصر الخطاب الكوني الموغل في المكر، والمباهي بالدهاء، وفك الشفرة التي يلعب بها صنّاع القرار الدولي الذين يستهدفون عقول الأفراد والجماعات، إنما بات من الحاجات الضرورية للحد من مخاطر التضليل.
وضمن هذا السياق يأتي الكتيب الصادر مؤخراً عن الهيئة العامة السورية للكتاب ضمن سلسلة “قضايا لغوية” تحت عنوان (الكلمة وبلاغتها في آفاق التضليل الإعلامي)، وهو من تأليف: د. عبد الفتاح محمد.

يقع هذا الكتيب في ثلاثة فصول يُجري خلالها المؤلف دراسة علمية ترصد التضليل الذي يتوسل الكلمة البليغة، وآثارها في تشكيل الرأي العام في خطاب الميديا الإسرائيلية بالإفادة من غير منهج كاللساني والبلاغي، والوصفي والتحليلي والتفكيكي حسبما يقتضيه المقام. كما أنه يرصد التطور الحاصل في التضليل الذي أفاد من معطيات كثيرة كوسائل التواصل الجماعي، واتباع تقنيات جديدة في بنية الخطاب بالاستفادة من كفاءات متدربة متخصصة، وسرعة انتقال المعلومة إلى أعداد فلكية من البشر مخترقة حدود الأوطان وحواجز اللغة.
وتعتمد هذه الدراسة التحليل النقدي للخطاب الإعلامي مرجعيةً تحليليةً لتفكيك الصورة الذهنية للذات الإسرائيلية في الميديا اليهودية من خلال دراسة الطرق التي تستخدم بها الأشكال اللغوية في مختلف تعابير هذا الإعلام، والكشف عن المضمرات. وتُعرض هذه الأفكار جميعها استناداً إلى بعض النصوص المستقاة من الميديا اليهودية من مثل عبارة (إسرائيل والنزاع العربي الإسرائيلي والسلام) المنشورة على صفحة وزارة الخارجية الإسرائيلية؛ ويبين المؤلف: “بأن هذا النص يكثف على نحو مضلل قضايا متعددة: في السلام والإرهاب والعنف والتحريض والكراهية والمفاوضات والعودة واللاجئين وأمور أخرى كثيرة، من وجهة نظر إسرائيلية صرفة مضللة”. ويعتقد: “بأن وضع هذا النص مع بعض النصوص الأخرى على بساط التحليل يكشف نسبياً عن نهج متغطرس حذق التضليل، أفاد من الكلمة وبلاغتها، ولكنها في آفاق من الكذب والافتراء والبهتان والتحريف والتزييف، خاصة أن هذا النص مترجم إلى العربية ترجمة رديئة ضاع معها كثير من خصائص العربية الفصيحة”.
بقي أن نشير ختاماً بأن هذا الكتيب يقع في ٩٩ صفحة من القطع المتوسط

سيرياهوم نيوز 6 – الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وزيرة الثقافة تطلع على أعمال الترميم في قلعة حلب ودار الكتب الوطنية

اطلعت وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح اليوم على أعمال الترميم التي تم إنجازها لمدخل قلعة حلب، وعلى أعمال الترميم الجاري تنفيذها في دار الكتب الوطنية بمدينة ...