محمد صلاح الدين ابو عيسى
شهد مركز رضا سعيد للمؤتمرات في جامعة دمشق
صباح اليوم افتتاح القمة الأكاديمية السورية للابتكار والتعليم والبحث والإصلاح، بحضور السادة وزراء (التعليم العالي والبحث العلمي، وزير المالية ، وزير السياحة
، وزير الأوقاف ،وزير الصحّة ، وزير الزراعة ، وزير الاتصالات وتقانة المعلومات وعدد كبير من الأكاديميين السوريين والدوليين، والباحثين من مختلف أنحاء العالم، وعدد من المسؤولين وصُنّاع القرار…وذلك ضمن فعاليات المنتدى الأكاديمي السوري للإبداع، التعليم، البحث العلمي والإصلاح (سَفير)، والذي يُشكّل اليوم منصة محورية لانطلاق مشروع وطني بالغ الأهمية ،كما تم إطلاق موسوعة التعليم العالي العالمية في خطوة استراتيجية لإعادة بناء التعليم العالي في سوريا
وخلال القمة تقدمت بمداخلة موسعة تحت عنوان :نحو نموذج معرفي أصيل ومستدام: إعادة هندسة العلاقة التربوية وبناء المناهج الجامعية برؤية استراتيجية..قلت فيها انه في ظل التغيرات الجذرية التي يشهدها المشهد العالمي للتعليم العالي، لم يعد من المقبول الاستمرار في إدارة المنظومات الجامعية من منطلقات تقليدية أو مقاربات إدارية بحتة. فالتعليم، باعتباره رافعة استراتيجية للتنمية الشاملة وبوابة للنهضة المجتمعية، يفرض علينا اليوم مراجعة نقدية وعميقة للركائز الجوهرية التي تشكّل الفضاء الجامعي.
واضفت:من هذا المنطلق، أود أن أركّز على بُعدين أساسيين يشكّلان، برأيي، العصب الحقيقي لأي إصلاح بنيوي في التعليم العالي:
أولاً: العلاقة البينية بين الطالب وعضو الهيئة التدريسية
إن العلاقة التربوية داخل الحرم الجامعي لم تعد تحتمل أن تُدار بأسلوب رأسي تقليدي، بل يجب أن تُبنى على مبدأ الشراكة المعرفية، والدينامية التفاعلية، والتقدير المتبادل للكرامة الأكاديمية. فحين يشعر الطالب بأنه محور العملية التعليمية، وأنه شريك في الإنتاج المعرفي وليس مجرّد متلقٍّ سلبي، فإن ذلك ينعكس بشكل مباشر على مؤشرات الأداء الجامعي، ونواتج التعلم، ومخرجات البحث العلمي.
هذه العلاقة، بوصفها علاقة تربوية-إنسانية، تمثّل البنية التحتية الحقيقية لجودة التعليم، وتتطلب تمكيناً لأعضاء هيئة التدريس في مهارات الإرشاد النفسي، والقيادة الصفّية، والتواصل الحواري، بما يتجاوز الأدوار النمطية في نقل المحتوى.
ثانياً: إصلاح المناهج وبناؤها على أسس معرفية وابتكارية
لا يمكن الحديث عن أي نهضة تعليمية دون إجراء مراجعة هيكلية للمناهج الجامعية التي تعاني، في كثير من الحالات، من الجمود المعرفي والتقادم البنيوي. إن المناهج الحالية – في بعض السياقات – ما زالت تنطلق من فرضيات تعود إلى عقود ماضية، ولا تستجيب لا لتحولات سوق العمل، ولا لاحتياجات الاقتصاد الرقمي، ولا لمتطلبات الثورة الصناعية الرابعة.
من هنا، تصبح إعادة بناء المناهج ضرورة إستراتيجية، تُدار بمنهجية علمية تشاركية، قائمة على تحليل السياق، واستشراف المستقبل، وتكامل المهارات المعرفية، التقنية، والسلوكية (Cognitive–Technical–Behavioral Integration). ويجب أن تتم هذه العملية ضمن إطار حوكمة أكاديمية صارمة، وبالاعتماد على مؤشرات الجودة الدولية، ومعايير الاعتماد المؤسسي والبرامجي.
وختمت بالقول:
إذا أردنا فعلاً الارتقاء بمستوى جامعاتنا إلى مصاف الجامعات ذات الريادة العالمية، فعلينا أن نعيد توجيه البوصلة نحو الجوهر لا المظهر؛ نحو الإنسان لا البناية؛ نحو الفاعلية لا الشكلانية.
نحن لا نحتاج فقط إلى إصلاحات، بل إلى إعادة هندسة شاملة للثقافة الجامعية برمّتها.ولذلك، أدعو من هذا المنبر إلى تشكيل فرق عمل وطنية/إقليمية متعددة التخصصات، تُعنى بوضع أطر مرجعية جديدة للعلاقات التربوية، وتصميم نماذج مناهج تستند إلى البعد القيمي، والابتكار التربوي، واحتياجات التنمية المستدامة.
هذا وتستمر القمّة حتى يوم الأربعاء بعد الغد وتختتم برفع التوصيات للجهات المعنية
*الكاتب؛مدرس الإدارة والإقتصاد
والباحث في علوم القيادة المجتمعية
والمشارك في القمّة
(موقع اخبار سوريا الوطن-2)