| فراس القاضي
حين تسمع من الجميع – بمختلف اختصاصاتهم – مصطلح التحول الرقمي أربع أو خمس مرات في اليوم، فإن أول ما سيخطر ببالك – وهو بدهية البدهيات – أن عناصر هذا التحول متوافرة للجميع، لأن الشعب جزء كبير من عملية التحول التي تريد الدولة الانتقال إليها، والأمر ليس متعلقاً بالمؤسسات الحكومية فقط.
لكن بعد التعرف بدقة على أسعار الأجهزة الأساسية لـ«تتحول» رقمياً، وملحقاتها، ستقتنع على الفور بأن التحول الذي يتحدثون عنه سيطول انتظاره كثيراً، أو أنه أيضاً سيكون من نصيب سكان المناطق «الحيوية» فقط.. كالكهرباء مثلاً.
تحول للمجتمع
الدكتور صلاح دوجي عميد كلية الهندسة المعلوماتية في دمشق ورئيس مجلس إدارة سابق للجمعية السورية للمعلوماتية، قال لـ«الوطن» إن أول ما يجب أن يقال عن التحول الرقمي إنه نتيجة وليس مشروعاً، نتيجة لتهيئة موجودة أساساً للبنية التحتية وللتجهيزات والأنظمة التي يبنى عليها خدمات معينة، وكوادر متمرسة بهذا العمل، وهو تحول للمجتمع كاملاً وليس للجهات الحكومية فقط، ويحتاج لقياس مستمر للجاهزية والمؤشرات، لكن الحديث عن التحول الرقمي اليوم أصبح (موضة).
وأضاف دوجي بأن هناك خلطاً واضحاً بين مفهومي التحول الرقمي والأتمتة، فالأتمتة ليست تحولاً رقمياً، لأن التحول يعني مراجعة الإجراءات الداخلية والخارجية وطريقة العمل، ومما لا يذكر، أو يقل ذكره، هو الأنظمة والقوانين والتشريعات الواجب وجودها لأنها جزء لا يتجزأ من عملية التحول الحقيقية.
من المبكر الحديث عنه
وشدد دوجي على أنه يجب أن يطرح أصحاب المشروع على أنفسهم الأسئلة التالية: إلى أي مستوى من مستويات التحول الرقمي نريد الوصول؟ إلى أي درجة في الخدمات بأشكالها ولأي قطاعات؟ إذ هناك جهات جاهزة أكثر من غيرها، وهذا يتطلب رؤية مختلفة للموضوع. وما جاهزية السوق لبناء قطاع معرفي ومن هم المستهدفون؟ حين نحقق كل هذا نستطيع التحدث عن التحول الرقمي الذي من المبكر جداً الحديث عنه.
العائق الاقتصادي
وختم عميد هندسة المعلوماتية بأن ما يجري حالياً بخصوص التحول الرقمي يفتقد للجدية والحرفية، وعليه الأمر ليس أكثر من مجرد إطلاق مشاريع، لكن عساها تكون أملاً للأجيال القادمة، وعلينا ألا ننسى العائق الاقتصادي الكبير أمام الناس فيما يخص امتلاك الأجهزة والتكنولوجيا، وخاصة أن الموبايل جزء رئيسي في الاستفادة من هذا التحول حين يتم.
أسعار كاوية
ومن حيث انتهى الدوجي بدأت جولة «الوطن» في سوق (البحصة) وهو أشهر أسواق الحواسيب بأنواعها وأنواع (إكسسوراتها)، وبعد جولة طويلة، استطعنا عبر مساعدة من مدير صيانة إحدى الشركات الحصول على تفاصيل أسعار أجهزة الحاسب بحسب استخداماتها، وقد أوضح بداية أن قلة قليلة جداً تشتري الكمبيوترات المكتبية المعروفة بـ(ديسكتوب)، بسبب انقطاعات الكهرباء الطويلة، والتكلفة الكبيرة في حال أراد مالكه شراء UPS (مزود طاقة)، مع مدخرات أو طاقة شمسية من أجل تشغيله أوقات الانقطاعات، لذا فإن أغلب الموجود والمطلوب هو الجهاز المحمول اللابتوب، وكانت الأسعار كالتالي:
أرخص لابتوب مستعمل لفئة تلميذ مدرسة ابتدائي وإعدادي أي بمواصفات بسيطة وذات جودة منخفضة جداً (أوفيس – أجزاء الحاسوب – عمليات حسابية – عمليات برمجة بسيطة) الأسعار تبدأ من ٤٥٠ ألف ليرة وصعوداً.
أما أسعار لابتوبات طلاب الجامعة، فتنقسم إلى قسمين: بحسب الاختصاص، وعدد سني الدراسة.
القسم الأول للسنوات التحضيرية ما قبل التخرج، حين يكون الطالب بمرحلة إنجاز مشاريع خفيفة ومتوسطة، تبدأ أسعار اللابتوبات الجديدة بأقل المواصفات، أي للأعمال الإدارية فقط وتصفح الإنترنت وتطبيقات البريد الإلكتروني، من 1.2 مليون ليرة وصعوداً، وهذه أقل أسعار حالياً وتختلف من موديل لآخر.
أما بالنسبة لطلاب المعلوماتية، فهم يحتاجون لمواصفات أقوى لأنهم يستخدمون برامج وتطبيقات تحتاج حتماً إلى هذه المواصفات، وأقل سعر لابتوب بهذه الموصفات مليونان ونصف المليون جديد.
ولطلاب هندسة العمارة والمدني وما يشابه اختصاصاتهم، فتبدأ الأسعار من ثلاثة ملايين ونصف المليون وصعوداً، لأنهم يحتاجون إلى لابتوبات بمواصفات أقوى للقيام بعمليات (الثري دي والرندرة).
ويختلف السعر كلياً – بحسب مدير الصيانة – عندما ينتقل الطالب إلى مرحلة التخرج ومشاريع التخرج وبدء الحياة العملية والمنافسة الفعلية في سوق العمل في الوقت والجهد والخبرة والجودة بين الشركات، لأنه يكون قد انتقل إلى مرحلة فئات اللابتوب و(الديكستوب) الاحترافية، والتي تتراوح أسعارها بين ثلاثة ملايين ونصف المليون، والعشرين مليون ليرة تقريباً.
أما بالنسبة للحواسيب الاحترافية جداً مثل (الغيمينغ) والتي يستخدمها (اليوتيوبرز والبلوغرز) والشركات الهندسية الضخمة، فأسعارها تصل إلى ١٨ مليون ليرة.
يبقى لنا أن نذكر بأن متوسط الدخل في سورية 100 ألف ليرة شهرياً.
سيرياهوم نيوز3 – الوطن