آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » في ثقافي طرطوس.. «القصة وتداخل الأجناس الأدبية» في مهرجان القصة القصيرة

في ثقافي طرطوس.. «القصة وتداخل الأجناس الأدبية» في مهرجان القصة القصيرة

“القصة وتداخل الأجناس الأدبية” كان عنوان الندوة التي أقيمت في اليوم الثاني من مهرجان القصة القصيرة السنوي بمشاركة الأديب غسان ونوس، والدكتورة هناء إسماعيل أستاذة النثر الحديث في جامعة طرطوس، والدكتور محمد علي أستاذ اللغة العربية في جامعة طرطوس وإدارة الأديبة نجود حسين التي ارتأت بأن تكون الندوة حوارية من خلال طرح عدد من الأسئلة عن تداخل الأجناس الأدبية.

التجنيس لضبط عملية التفاعل
بداية عرّفت الدكتورة هناء إسماعيل مفهوم التجنيس بأنه مبدأ أو معيار لضبط عملية التفاعل مع الأجناس الأدبية، ومن خلاله نستطيع معرفة الحدود الفاصلة بين هذه الأجناس التي هي ليست وليدة اللحظة وإنما هي موجودة من أيام أفلاطون وأرسطو، حيث تمّ تجنيس الآداب إلى ثلاثة وهي الأدب الملحمي والغنائي والدرامي.. وبيّنت أن تداخل الأجناس، لا يلغي الجنس الأدبي، وكل المقولات التي نشهدها اليوم تدخل تقريباً في معنى الخلط النقدي، في التجريب.. هناك من نجح، وهناك من فشل أيضاً، لذلك الأجناس الادبية إن كنا نريد أن نصفها وفق التصنيف الغنائي، فإن الشعر هو الأثير الذي أخذ زمناً طويلاً كجنس أدبي رائد له جمهوره ودراساته وألقه، مشيرة إلى أن القصة القصيرة تحديداً هي جنس مرن وهي أكثر الأجناس الأدبية قابلة للانفتاح على غيرها من الأجناس، إن كان من الشعر أو من المسرح بالدرجة الأولى، ولها إفادات من أجناس أخرى.

خلط بالمصطلحات والمفاهيم
ونوهت إسماعيل بأن هناك خلطاً في المصطلحات والمفاهيم، والإقبال غير المدروس على مقولات جاهزة وتبنيها من دون التحقق منها ومن دون فهم صحيح لها، لافتة إلى أن من اعتمد مفهوم التداخل النصي فهم خطأ مقولات جوليا كريستيفا ورولان بارت وسواها، وصحت مفهوم التناص الثقافي عند بارت والأثر المفتوح عند امبرتو إيكو، وأشارت إلى غياب التحديد النقدي لتداخل الأجناس رغم وجود نصوص على أرض الواقع، وإلى إفادة الشعر الحديث من القصة ومثال ذلك قصيدة الجسر لمحمود درويش لاحتوائها على عناصر الزمان والمكان والشخصيات والتتابع الزمني للحدث والحوار والكشف عن بواطن الشخصيات والتشويق والصراع وتفاعل الشخصيات، كما تحدثت عن إفادة القصة من الشعر وضربت أمثلة لكتاب غرب وسوريين، وختمت بقراءة أنموذج قصصي فيه توظيف للصورة الشعرية والتكثيف وسواها من عناصر الشعر.

فكرة التجنيس قديمة
بدوره بين الدكتور محمد علي أن تداخل الأجناس يمكن أن يكون استعادة لأدوات جنس أدبي معين وإسقاطه على جنس أدبي آخر لغايات متعددة، وقد تكون الغايات جمالية أو نفسية أو دلالية، وأشار إلى أن فكرة التجنيس كانت قديمة جداً، ولكن في الأدب العربي كانت محصورة بين الشعر والنثر، هذا التداخل بين الأجناس لم يحدث بالشكل الذي نعهده الآن إلّا بعد دخول مفهوم التجنيس إلى الأدب العربي مع بدايات مرحلة ما اصطلح على تسميته بعصر النهضة في القرن التاسع عشر بعد ظهور البعثات التبشيرية وانفتاح الأفاق العربية على الأفاق الغربية وصار مفهوم الرواية أو القصة والمسرحية مفهوماً شائعاً عن التقليد الذي نعرفه الآن، مؤكداً أن هذا لا ينفي وجود جذور للآدب بهذه الأشكال وهذه الأجناس في التاريخ العربي.
وبيّن أن القصة القصيرة موجودة في التراث العربي في الشكل الذي نعرفه الآن وكتاب “كليلة ودمنة” أكبر مثال، تداخل الأجناس في التراث العربي أيضاً موجود، لافتاً إلى أن بعض الشعراء العرب قاموا بمحاولة نظم هذه القصص شعراً والغاية من ذلك مساعدة الناشئة على الاستذكار والحفظ.

القضية إبداعية
من جهته أكد الأديب غسان ونوس أنّ القضية إبداعية بالدرجة الأولى، لأن الأديب برأيه لا يضع أمام عينيه أنه سيكتب الآن قصة أو قصيدة شعر أو رواية أو خاطرة، كل هذه القضايا تأتي بمحفزات داخلية تتصل بموهبة وتمر عبر ما يود الأديب إيصاله إلى الناس بالطريقة التي يراها مناسبة، لذلك يعتمد على قدراته، أنه نتاج حرية وإمكانية ذاتية، وانفتاح رؤى، مؤكداً عدم وجود حدود صارمة بين الأجناس الأدبية، فمصدرها واحد أو متقارب.
ولفت ونوس إلى أنّ حالة التداخل لا تأتي فقط لأسباب أدبية أو إبداعية أو ثقافية، أنها تتصل أيضاً بالمتغيرات التي يمكن أن تحدث في الواقع، وهذه المتغيرات تؤثر في الوعي العام، والكل يعلم أن الحرب العالمية الأولى والثانية كان لهما دور في ظهور بعض النماذج والمدارس الأدبية، كما أن الحرب العدوانية على سورية أثرت بشكل أو بآخر على الوعي العام الثقافي، مشيراً الى أنّ هناك من يداخل بين العامية والفصحى وهناك من يداخل بين الخاطرة والقصة لغايات ابداعية وهي غير مقصودة.

وأشار ونوس إلى أنّ هناك محاولة لتجنيس الومضة في جنس أدبي جديد هو الأدب الوجيز وهو شكل جديد من الأشكال الأدبية، مبيناً أن بناء النص هو جزء أساسي من هذا النص والبناء يعتمد على اللغة والمكان وتغير الزمان، كما أنّ الصياغة اللغوية تلعب دوراً مهماً في تحديد ملاءمة اللغة لكل جنس أدبي، حيث تتطلب القصة أساليب السرد والوصف والحوار، بينما يحتاج الشعر إلى إيحاءات وصور وخيالات تعبر عن معانٍ أعمق، وبهذا، فإن تأثير النص يتجاوز الأشكال إلى العمق الداخلي والخارجي بالنسبة للمتلقي.

 

 

 

 

سيرياهوم نيوز 2_تشرين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

من الذاكرة ولكي نمجد سورية:  تراث فكري سوري في اليونسكو.. قريباً

    ا. د. جورج جبور   من الذاكرة استمد المعلومة وليس بين يدي آية وثيقة ولا اتقن العودة إلى المصدر الإلكتروني. في الذاكرة ان ...