أكد المشاركون في ختام ورشة “العدالة الانتقالية في سوريا: آفاق وتحديات” التي نظمتها كلية الحقوق بجامعة دمشق على مدى يومين، ضرورة نبذ جميع أشكال العنف والتحريض والانتقام، وتشكيل هيئة العدالة الانتقالية وسن قانون خاص لها وتفعيل مسارها، لإنصاف الضحايا وذويهم وضمان معاقبة المتورطين بارتكاب الجرائم والانتهاكات بحق الشعب السوري.
واعتبر المشاركون في توصيات الورشة التي تلتها الدكتورة ريعان كحيلان رئيسة قسم القانون بكلية الحقوق بجامعة دمشق أن العدالة الانتقالية هي منتج وطني، يقوم على الخبرات والكفاءات السورية بالدرجة الأولى لافتين إلى أهمية تأهيل وتدريب الكوادر السورية من خلال تمكينها من الاطلاع على تجارب الدول، ومعايير المنظمات الدولية المعنية.
كما دعا المشاركون إلى تشكيل لجنة لتقديم أفكار تدعم إصدار قانون وطني خاص بالعدالة الانتقالية، في ضوء الإعلان الدستوري وتوجيه العمل البحثي والأكاديمي للاهتمام بقضايا العدالة الانتقالية ومحاورها المتعددة بما يخدم أهداف ومصالح المجتمع السوري.
وفي جلسات اليوم الثاني قدم المشاركون العديد من المداخلات، حيث أكد الخبير القانوني الدكتور إبراهيم دراجي ضرورة وضع خارطة طريق لتحقيق عدالة انتقالية تتضمن مقترحات تلبي رضا الجميع وتجبر الضرر وتعويض الضحايا والالتزام بالمواثيق الدولية ومبادئ الأمم المتحدة والإعلان الدستوري “المادة رقم 12” التي تنص أن الدولة تصون حقوق الإنسان الأساسية وتكفل حقوق المواطن وحرياته.
الباحث الدكتور أحمد القربي مدير وحدة التوافق والهوية المشتركة في مركز الحوار السوري رأى في مداخلته أن العدالة الانتقالية يجب تتضمن آليات قضائية وغير قضائية مثل تدخل مجتمعي وعشائري وديني ووضع قانون رئيسي شامل وقوانين متعددة في جبر الضرر من خلال تعريف من الضحية وأولوية رد الاعتبار والتعويض والتمييز الإيجابي بين الضحايا وإدماج قضايا جبر الضرر، مبيناً أن هناك مجموعة إجراءات لتوثيق جرائم النظام البائد وحفظ ذكرى شهداء الثورة في الأيام الرسمية والمناهج التربوية.
الباحث الدكتور رضوان زيادة كبير مستشاري منظمة Pro-Mediation استعرض الدعم الدولي لمسار العدالة الانتقالية في سوريا وأنه تم تشكيل عدة لجان للمطالبة بالعدالة الانتقالية منذ انطلاق الثورة السورية في القاهرة عام 2012 ومن ثم في جنيف وفي عدة دول أخرى وبالتنسيق مع عدة جهات أممية من خلال جمع البيانات وإحصاء عدد ضحايا وانتهاكات والجرائم، كاشفا أنه تم تسجيل أكثر من 4 آلاف اسم من مجرمي النظام البائد لدى المفوضية السامية في الأمم المتحدة.
ولفت الدكتور زيادة إلى أن الدعم الدولي لسوريا خلال الثورة تراوح ما بين دعم كامل ودعم جزئي، وأن روسيا والصين كانتا دائما “الفيتو” الحامي لنظام البائد، مشيراً إلى أن النظام مارس جميع الطقوس الوحشية التي لا يمكن أن يسامح بها أحد مثل السلاح الكيماوي لاسيما غاز “السارين” وحصار المناطق حتى تموت جوعا والاغتصاب وبعدها القتل والتهجير القسري، مشددا على أن العدالة الانتقالية كي تتحقق يجب أن تحصل على دعم سياسي والتزام الإعلام بالموضوعية.
بدورها، أشارت الإعلامية سميرة المسالمة إلى أهمية الإعلام كجزء من العدالة الانتقالية من خلال دوره في نشر ثقافة التسامح وثقافة العيش المشترك، وضبط وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن سوريا تحتاج اليوم إلى السلم الأهلي وجزء من مهام الإعلام اليوم هو أن يمهد هذه الأساسيات عبر برامجه وخطاباته، لأن الخطاب الطائفي يمكن أن يكون قاتلاً كما هو حال السلاح.
وكانت ورشة العمل انطلقت أمس في مركز رضا سعيد للمؤتمرات بجامعة دمشق بمشاركة وقضاة ومحامين وباحثين مختصين، بهدف تعزيز الفهم القانوني لموضوع العدالة الانتقالية في سوريا ومناقشة التحديات.
اخبار سورية الوطن 2_سانا