الدكتور خيام الزعبي
هناك من لا يريد أن تقوم للدولة قائمة، قوى ليس من مصلحتها وجود حكومة قوية وجيش مسيطر وموحد، كلما أشعلوا ناراً للفتنة وخمدت أشعلوا فتنة أخرى، تخمد في منطقة فيشعلونها في منطقة أخرى، وأحياناً يتزامن إشعال الأوضاع في أكثر من محافظة لخلق أكبر حالة من الإرباك للشعب السوري، فالوطن اليوم لم يعد يحتمل مزيداً من الإضطرابات المتكررة التي ترعب الجميع، وتغير موازين القوى.
بعد فشل المساعي لإنهاء الصراع الدائر في سورية، إتضح بشكل جلي أن الحل لن يخرج إلا من رحم الأرض السورية، ولن يتحقق إلا على أيدي السوريين وحدهم وبإرادتهم فقط، من خلال المصالحات الوطنية وحوار السوريين، لاسيما أن المصالحة قد أثمرت بعض النتائج في بعض المناطق السورية، ولم يكن السوريون في أيّ وقت من الأوقات بحاجة ماسة إلى التصالح والتسامح والإصطفاف ووجود دولة قوية وفاعلة تبسط نفوذها في كل ربوع سورية، كما هي حاجتهم اليوم، وذلك لإنقاذ سورية- وطناً وشعباً – من الصراعات والحروب التي تخوضها دُعاة الطائفية والمذهبية التي تدمّر آمال السوريين وتطلّعاتهم في أن يعيشوا في أمن وسلام كما تعيش بقية شعوب العالم.
اليوم تشهد محافظة درعا التي تحظى بموقع استراتيجي في الجنوب السوري على الحدود مع الأردن ومع منطقة الجولان مفاوضات مكوكية منذ أكثر من شهر، وتجري المفاوضات بين اللجنة الأمنية السورية من جهة، وممثلي اللجان المركزية التي تضم وجهاء عشائر وشخصيات محلية من جهة أخرى. والتي تتضمن جمع كل السلاح الموجود لدى المسلحين ، وإجراء مصالحة للمجموعات الرافضة لتواجد الجيش السوري. وبالفعل استأنف مسلحو حي (درعا البلد) تسليم أسلحتهم المتوسطة والخفيفة للسلطات السورية، على التوازي مع تسوية أوضاع المئات من مسلحي الحي، والتحضير لنقل رافضي الاتفاق إلى الشمال السوري، مع عودة مؤسسات الدولة الى كل المناطق ورفع علم الجمهورية العربية السورية فيها.
لقد طالت معاناة السوريين، وتراكمت أوجاعهم وآلامهم من جرّاء العبث الذي لازال البعض يمارسه دون رادع يوقفهم عند حدهم ويمنع عبثهم بمقدرات الشعب الذي قدّم تضحيات كبيرة وتحمل المتاعب القاسية في سبيل قطع الطريق أمام المشاريع التدميرية لبعض المغامرين ممن وضعوا مصير الوطن والشعب في كفة، ومصالحهم الذاتية في كفة أخرى.
ولهذا جاءت دعوة القيادة السياسية لتعبِّر عن مطلب شعبي مُلح لكل أطراف الصراع للكف عن عبثهم بالوطن والمواطنين، وحث الأطراف والمكوّنات الاجتماعية، إلى تحقيق إصطفاف وطني عام والاتفاق على وضع ميثاق شرف يلتزم به الجميع، يتضمن نبذ الحروب والصراعات ونزع السلاح من كل الأطراف وتسليمه للدولة، بما يكفل تحقيق الاستقرار الأمني والنفسي للسوريين واطمئنانهم على حاضرهم ومستقبل أبنائهم.
وهنا لابد من التأكيد على أن لا مجال للعودة إلى الخلف كما يتوهم بعض المرتعشين الذين يراهنون على المستقبل، ونقول لهم أن ذلك ضرباً من المستحيل بعد أن تمكن شعبنا بكل فئاته ومكوناته من التوافق والاتفاق على وضع وطنهم في مسار جديد متجاوزاً لكافة التحديات والأخطار التي واجهته والتي لم تجلب إلا الأحقاد لتكون ثمارها المرة الدماء والآلام والخراب.
مجملاً…علينا أن نخيب من خلال الوعي والبصيرة آمال من يقفون وراء تخريب وطننا الكبير “سورية”، فسورية اليوم بحاجة إلى التعالي على الجراح والإنطلاق نحو آفاق المحبة، والعمل على إزالة عوامل العنف والشحن الطائفي، نحن بحاجة إلى إلقاء سلاح الكراهية وإمتشاق سلاح المحبة والتصالح، فالمرحلة اليوم هي مرحلة شراكة وطنية ، ومن يقدم اليوم تنازلات لن يقدمها من أجل ذاته بل من أجل الوطن ومصلحته، ومستقبل أبنائه وأحفاده.
في الأخير أقول، ، إن الحرب السورية دخلت مرحلة جديدة ستكون درعا هي بوابة النصر وما هي إلا محطة جديدة من محطات النصر السوري المستمر والذي يبعث برسائل ساخنة للتنظيمات المسلحة وكل من يقف وراءها بأن الإنتصار النهائي قاب قوسين أو ادنى يحققه الشعب السوري وجيشه.
سيرياهوم نيوز 6 – رأي اليوم