آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » في دور الموسيقى ورسالتها التعبيرية

في دور الموسيقى ورسالتها التعبيرية

 علي الأحمد :    

على مر التاريخ، أدرك الفلاسفة وحكماء هذا الفن، أهمية الدور والرسالة لهذا الفن، وكل الفنون ، في ارتقاء وبناء الإنسان والمجتمع، وهي تأخذ مكانتها الرفيعة عندما يعي هذا المجتمع ويدرك هذا الدور ببعده الإنساني الشامل، وبالمقابل فإن هذا المجتمع عندما يجهل حقيقة هذا الدور، فإن هذا الفن سرعان مايتحول الى مجرد وسيلة للمتع الحسية الآنية واللهو العابر الرخيص.
ولوعدنا الى تاريخنا الموسيقي القديم، ” ودائماً العودة هنا تساعدنا كثيراً في فهم أعمق وأوضح للعوامل التي أطرت هذا الفن ضمن مساره ومسيره الإنساني الحضاري” لوجدنا كيف أن العلماء والفلاسفة آنذاك، وضعوا أسس وقواعد جمالية وذوقية لهذا الفن، الذي كان انعكاساً حقيقياً للنهضة الثقافية التي حدثت نتيجة ابحاث هؤلاء الرواد الكبار في النسق الرياضي الذي ساهم بفهم وإدراك لجوهر هذا الفن، وتضمينه ضمن العلوم الرياضية المشهورة التي كانت تسمى آنذاك، بالرابوع الرياضي، والذي يعني “الحساب والهندسة والفلك والموسيقى” بغية إدراك سر الكون رياضياً، عبر النغم والعدد، كمانجد في ابحاث الفلسفة الإغريقية التي ترجمها العلماء والفلاسفة العرب المسلمين، وانتقلت عبرهم الى أوربا وغيرها من البلدان، هذا مانجده مشروحاً بإسهاب وعمق عبر كتب وأبحاث ورسائل ًالفيلسوف العربي الكندي، أو في مؤلفات المعلم الثاني الفارابي، أو في رسائل وأبحاث الشيخ الرئيس ابن سينا، وجماعة إخوان الصفا، ومؤلفات ثابت بن قرة، وحنين بن إسحق، وصفي الدين الأرموي العالم الموسيقي الفذ، وابن زيلة، وقائمة طويلة من العلماء والحكماء الذين أعطوا فن الموسيقى المكان والمكانة التي يستحقها في بناء المجتمعات البشرية ومسيرها الإنساني الشامل.
لقد قامت من وحي هذه الدراسات والبحوث المعمقة، مدارس وتيارات ونزعات وحركات موسيقية ضمن مجالات التعبير عن روح العصر والمزاج النفسي لإنسان هذه المجتمعات، والتي أدت لاحقاً، الى انحراف هذا الفن عن مسار هذا الدور والرسالة، بسبب نزعات التجريب ومحاولات الخروج من أسر هذا البعد والدور الملتزم، نحو فضاءات من التجريب الحر والكتابة والتأليف غير المقيد بأصول هذا الفن القديمة، وهو ماخلق كمانرى في عصرنا الحديث، تفريغ هذا الفن من مضامينه الروحية والوجدانية، نحو المزيد من النفعية المادية، على حساب القيم والقيمة والجودة الفنية المتوخاة، خاصة مع صعود الموضات الموسيقية العابرة سليلة حقبة “الدادائية” وحركات تدمير الموسيقى، وانتشار مرعب ومخيف، لمتاحف القبح، التي تحتفي بكل ماهو رديء وسطحي ومنحط، كرد وتمرد على هذه القواعد والأصول، ونبذ هذا الدور والرسالة، الى غير رجعة، وهذا في حقيقة الأمر، مادفعت الفنون والموسيقى بخاصة، من أجله، أثماناً باهظة ومكلفة للغاية، من رصيدها وخزينها الروحي والابداعي. بالطبع التعميم هنا لايلغي الإستثناء، وهو موجود من حسن الحظ، بفضل فرسان حقيقيين، يؤمنون بأهمية هذا الدور والبعد الرسالي العظيم، لهذا الفن النبيل، الذي يبقى الملاذ والملجأ في زمن ثقافة اللهو والانحطاط التي تغزو العالم، لأسباب باتت معلومة للجميع، ولاحاجة بنا الى التذكير بها.

سيرياهوم نيوز 6 – الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وإنّما أولادُنا بيننا.. أكبادُنا تمشي على الأرضِ … في يوم الطفل العالمي.. شعراء تغنوا بالطفولة

  قد تجف أقلام الأدباء وتنضب أبيات الشعراء ولا ينتهي الحديث عن جمال الأطفال وذكريات الطفولة في عمر الإنسان؛ فالطفولة عالم مملوء بالحب والضحك والسعادة، ...