| مايا سلامي- تصوير مصطفى سالم
شهد المركز الثقافي العربي بدمشق أمسية خاصة احتفالاً بالذكرى المئوية لميلاد الشاعر الداغستاني رسول حمزاتوف، تضمنت توقيع كتاب «حمزاتوف بين جبال داغستان وقاسيون» للشاعر والأديب د. أيمن أبو الشعر بمشاركة كل من د. ثائر زين الدين ود. راتب سكر.
كما تميزت الأمسية بعرض فني غنائي لأشهر قصائد حمزاتوف «دفي أو مزهري»، و«الغرانيق» التي أصبحت أغنية رسمية في المناسبات الوطنية في روسيا.
شاعر عالمي
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» قال د. أيمن أبو الشعر: «رسول حمزاتوف يهتم به العالم كله لأنه شاعر عالمي ويمتاز بالحكمة والصدق والتعايش مع الآخرين، وخلال حياتي في موسكو شاءت الظروف أن ألتقي به حيث نشأت علاقة صداقة جميلة وحقيقية لعدة سنوات معه، وتلمست فيه الطيبة لدرجة أنني في كتابي تحدثت عن الحفاظ على طفولته هذه السمة المميزة في حمزاتوف، ففي سنواته الأخيرة كان يندهش ويتفاجأ برغم حكمته لأنه كان يحافظ على قلب طفل في داخله ويبدو لي هذا شيء مهم جداً بالنسبة للشعراء».
وفيما يتعلق بالربط في عنوان كتابه بين قاسيون وداغستان، أوضح: أولاً لأنني من قاسيون وثانياً لأن حمزاتوف زار قاسيون، ومن جهة أخرى فإن حياة وطباع حمزاتوف قريبة من مجتمعنا، وهذه العوامل جعلته قريباً من قاسيون ومن قمم داغستان، لذلك عنده صور يشبه بها الأم بأنها إحدى قمم الجبال».
ثلاثة فصول
وبين أستاذ الأدب الحديث والمقارن في جامعة دمشق د. راتب سكر أن هذا الكتاب جاء في ثلاثة فصول حيث عني الفصل الأول بسيرة حمزاتوف وجاء تحت باب فن السيرة في الأدب العربي والعالمي، منوهاً بأن فن السيرة بين يدي الكاتب أيمن أبو الشعر يتحول إلى إطلالة بحثية عن واقع عالمي محدد جوهرياً في هذا الفصل في ثمانينيات القرن العشرين وما شهده من عواصف ومتغيرات عالمية.
وأشار إلى أنه في الفصل الثاني عني المؤلف بسمات شعر رسول حمزاتوف فنياً وموضوعياً وفكرياً فكنا نجد في هذه العناية نماذج من هذه القصائد في تعبيرها عن الهم العربي الذي هو أيضاً الشغل الشاغل للكاتب أيمن أبو الشعر.
وعن الفصل الثالث أكد أنه ركز على قصائد حمزاتوف بترجمة الدكتور أيمن أبو الشعر إلى العربية، لافتاً إلى أن هذه الترجمة ليست بريئة من توجهات المؤلف الفكرية والسياسية في اختياره ما يتعاطف مع القضايا العربية والإنسانية وفي نزوعه إلى التشبث برمزية الاتحاد السوفييتي السابق.
ترجمة الشعر
كما تحدث د. ثائر زين الدين عن جانب ترجمة الشعر، قائلاً: «نقل الشعر من لغته إلى لغة أخرى مسألة صعبة جداً وفيها الكثير من الآراء المتناقضة. ومن خلال قراءتي لكتاب الدكتور أيمن وللجزء المتعلق بالشعر وضعت عدة ملاحظات أولاها أنه يجب أن يتصدى لترجمة الشعر شاعر أو شخص عميق الحس بالشعر وهذه النقطة من مصلحة المؤلف فهو شاعر بالعربية ثم قرأ الأدب والشعر الروسي فأحبه فنقل الكثير مما قرأه إلى العربية».
وأضاف: «معرفة ومحبة لغة المنبع والمصب لا تكفي لكي يصبح المرء مترجماً مهماً في مجال الشعر فثمة شرط آخر هو أن يعرف الشخص ثقافة الأمة التي يترجم عنها، وهذه نقطة تضاف إلى الدكتور أيمن أبو الشعر فهو كان ومازال على معرفة عميقة بعادات وتقاليد مختلف شعوب الاتحاد السوفييتي».
وتابع: «ثمة رأي نقدي نظري يقول إن هناك غشاوة غريبة في التفكير والكلام والشعور لا بد أن تحول بين المترجم والنص الأصلي فقد تلعب لغته الأصلية دور ضاغط عليه مهما كانت رؤيته واضحة للنص الأصلي، والحق أن تلك الغشاوة الغريبة قد سقطت عن عيني المؤلف بعد تجاربه الأولى في الترجمة، فقد تيسر ذلك للدكتور أيمن في نقله قصائد حمزاتوف وخاصة أنه نقلها نثراً فهو لم يسقط الجانب الموسيقي، فقد حاول من خلال هذه القصائد أن يحافظ كثيراً على الموسيقا ضمن الأسطر الشعرية». رسول حمزاتوف
رسول حمزاتوف
شاعر داغستاني ولد عام 1923 في قرية تسادا الآفارية في شمال شرق القوقاز، وهو ابن الشاعر المشهور حمزة تسادا الذي سماه رسول تيمناً بالرسول محمد بن عبد الله.
علّمه والده فن كتابة الشعر، ونظم حمزاتوف أول قصيدة له وهو في الحادية عشرة من عمره تحدث فيها عن مجموعة من الصبية المحليين الذين ركضوا إلى السهل، حيث حطت طائرة للمرة الأولى، وفيما بعد تحولت مجموعة من قصائده إلى أغان أيضاً مثل الأيام المشمسة الراحلة.
يعتبر الشاعر رسول حمزاتوف من أشهر الشعراء في العالم، وقد حصل على كثير من الجوائز والألقاب، منها جائزة الدولة السوفييتية وجائزة لينين وجائزة لوتس الأفرو آسيوية وجائزة نهرو، وعلى لقب «شاعر الشعب الداغستاني» و«فنان داغستان القيّم» و«شاعر الاتحاد السوفييتي الوطني» و«بطل العمل الاشتراكي».
وقد شارك حينها في الحفل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي قال: «إن الحظ حالفني اليوم في التعرف على هذا الشاعر الكبير واأُتيحت لي الفرصة لأنهل من هذا النبع الطاهر لأفكاره وقيمه الأخلاقية». كما تلا بوتين مقاطع من إحدى قصائد حمزاتوف التي تعتبر وصية إلى جميع شعوب روسيا.
انتسب حمزاتوف إلى «معهد غوركي للآداب» في عام 1945 فاطلع على أعمال الأدباء الروس وأقام صداقات مع عدد من الأدباء مثل تفاردوفسكي وصموئيل مارشاك، وبعد التخرج تفرغ كلياً للعمل الإبداعي.
توفي عام 2003.
سيرياهوم نيوز3 – الوطن