أديب مخزوم:
تمر في 21 أيلول 2022 الذكرى ال 39 لرحيل كروان الشرق فايزة أحمد، وهي إحدى أعظم المطربات في هذا العصر، بشهادة كبار الموسيقيين والمطربين والنقاد، حيث قدمت أجمل الأغاني، وعبَّرت بصوتها الرقيق وإحساسها العميق وأدائها الساحر عن أحلى معاني الشجن وأجمل أشكال المحبة. ولولا المرض الذي صارعته وانتهى برحيلها المبكر في 21 أيلول 1983عن عمر لايتجاوز 49 عاماً، لكانت الأغنية العربية قد شهدت المزيد من الروائع الغنائية والموسيقية.
وهي من مواليد صيدا عام 1934 من أم لبنانية وأب سوري أسمه أحمد بيكو. وميزتها من وجهة نظري أنها كانت تغني بصدق عظيم وبإحساس نادر وبإخلاص متجدد، وكانت تسعى دائماً لأن تكون مطربة مجددة ومتطورة، ولقد تحقق لها كل ذلك لأنها كانت تمتلك طاقة فنية كبيرة غير محدودة، وتضيف عليها بطريقة تدهش ملحن الأغنية.
ولقد غنت لجميع أفراد الأسرة، والمعروف أن اغنيتها (ست الحبايب) أصبحت نشيد الأمهات على امتداد مساحة الوطن العربي وفي بلاد الإغتراب، كما غنت (يا حبيبي يا خويا) وهما من ألحان محمد عبد الوهاب، وغنت للوالد ( تعالا لي يابابا )، و للزوج ( يابو عيالي )، وغنت لأبنها الأول ( تكبر ليا )، ولأبنها الثاني ( أهلاً طارق )، هي التي أشتهرت أيضاً بأغنية ( بيت العز يابيتنا )، ولهذا تفردت في حمل لقب مطربة الأسرة أو العائلة.
وصوت فايزة هو المفضل عند العديد من عمالقة الغناء والموسيقا (من أمثال وديع الصافي) و ( عبد الحليم حافظ ) الذي كان يقول: إنها الصوت الغنائي النسائي الأحب إلى سمعه والأقرب إلى مشاعره.
كما أن أغنياتها كانت تنال المراتب الأولى دائماً في كل الاستفتاءات الإذاعية.
ولقد كان الثنائي فايزة أحمد ومحمد سلطان، ولايزال أحد أشهر الثنائيات الفنية، وكان الجمهور ينتظر بفارغ الصبر في كل عام مولودهما الفني الجديد، ولا تكاد تطرح أغنية لهذا الثنائي في سوق الكاسيت، حتى يباع منها مئات الألوف من النسخ، ومن هنا لم تتصور فايزة لحظة بأنه من السهل عليها أن تخرج فنياً من إطار هذا الثنائي، وإن كانت متأكدة من قدرتها على صنع النجاح لأي لحن، شرط أن يكون عمله جيداً وجميلاً، وعلى المستوى الذي اعتاد عليه الجمهور في أغانيها، ومرحلة تعاونها مع الموسيقار محمد سلطان ( رفيقها في مشوار الحياة والفن ) أثمرت العديد من الروائع الشهيرة.
ولما افترقت فايزة عن محمد سلطان، وافترق بليغ حمدي عن المطربة وردة، كان من الطبيعي أن يكون اللقاء بين صوت فايزة وألحان بليغ، لاسيما وأنه يحب صوتها ويطلق الآهات إعجاباً به، وهي بدورها تحب ألحانه وتطرب لها. هكذا حدثت فرصة رائعة وسعيدة جداً بالنسبة لتاريخ الطرب في هذا العصر، وجاءت أغنية (حبيبي يا متغرب ) كثمرة تعاون بينهما بعد انقطاع عن ألحانه دام نحو عشرين عاماً، وقال بليغ لفايزة إذا لم تكن هذه الأغنية هي أجمل ما لحنت فإنها على الأقل إحدى أجمل الألحان التي وضعتها على امتداد سنوات عمري الفني.
وفايزة أحمد برأي الناقد الموسيقي الكبير الراحل كمال النجمي تشكل ثالث ثالوث أم كلثوم وأسمهان.
وفي هذا الصدد يقول: من سوء حظ الغناء العربي في عصرنا أن الأقدار نكبته برحيل أجمل الأصوات النسائية الرائعة، بل أجمل أصوات عصرنا (أم كلثوم وأسمهان وفايزة أحمد ) ويضيف: ” أروع ما في صوت فايزة هو تصرفاتها في أداء الألحان، وانطلاقها في أداء الليالي انطلاقاً قديراً مليئاً بالطرب، يدل على موهبة صوتية وأدائية واستعداد فطري للغناء يندر مثيله “.
ولقد غنت فايزة أحمد لكل عباقرة التلحين في عالمنا العربي، وكانت آخر ألحان عبد الوهاب لها هي أغنية (وقدرت تهجر)، وأول ألحانه لها أغنية (بريئة)، ورياض السنباطي لحن لها آخر أغنية قدمتها مسجلة، ولم يقدر لها تقديمها في الحفلات، وهي أغنية (لا يا روح قلبي)، وفريد الأطرش قدم لها لحن (يا حلاوتك يا جمالك)، ومحمد الموجي الذي وضع لها الترتيب الثاني في عدد الأغاني ومنها ( أنا قلبي إليك ميال )، وبليغ حمدي وضع (غلطة وحدة) و ( حبيبي يا متغرب)، وسيد مكاوي (مش كتير على قلبي )، وعبد العظيم محمد (دوبني دوب)، ومحمد فوزي (وحشونا الحبايب )، وحلمي بكر (الله على الشعب)، وجمال سلامة (الله على المستقبل)، وغير ذلك كثير من الروائع الغنائية والموسيقية.
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة