ميسون شباني:
تجارب فنية مهمة يقدمها كتاب ( في رحاب المسرح السوري ) لمؤلفه الباحث المسرحي السوري د. هيثم يحيى الخوجة يحاكي مسارات وقضايا تخص المسرح السوري، ذلك ضمن إطلالته الأولى في معرض أبو ظبي الدولي للكتاب وهو صادرعن دار ميتافيرس بيرس للتوزيع والنشر في دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي استهل فعاليات الدورة الرابعة والثلاثين من قبل أيام ويستمر حتى الخامس من أيار المقبل في “مركز أبو ظبي الوطني للمعارض”.
*تأريخ المسرح السوري
يحتوي كتاب (في رحاب المسرح السوري) على اثني عشر فصلاً من تاريخ المسرح السوري،اعتمد هيثم الخوجة فيه على تقديم المعلومة التاريخية، كما في الفصل الأول، حيث تحدث عن مسرح ما بعد الدولة العثمانية وعصر نهضة المسرح السوري ومسرح الطفل في سوريا و المسرح والمؤسسات التربوية، وأفرد قسماً من المُؤَلف عن التعريف بعدد من المسرحيين السوريين.
كما أضاء الكتاب على بعض التجارب المسرحية المهمة، منها تجربة مسرح الشوك، كتب الخوجة: ” هو واحد من المسارح المهمة التي أدت دوراً فاعلاً ومؤثراً في سوريا في عقدي الستينيات والسبعينيات، ومن المعروف أن الفنان عمر حجو هو الذي دعا لتأسيسه، وسرعان ما تحول هذا المسرح إلى مدرسة فنية لها سماتها وصفاتها الخاصة. ومن الجدير ذكره هو انضمام كبار الفنانين لهذا المسرح وعلى رأسهم الفنان دريد لحام ونهاد قلعي و رفيق سبيعي و طلحت حمدي وعدنان بركات وياسين بقوش وغيرهم.
لعلّ أهم ميزات تجربة مسرح الشوك الانحياز إلى التقشف وجعله وسيلة اتصال مع المتلقي الذي يرغب أن يشاهد واقعه ومعاناته على خشبة المسرح”. ويتابع الخوجة عن مسرح الشوك :” لقد تجاوز مسرح الشوك عقد الخوف – إلى حد ما – وعلى الأخص عندما تهكّم وسخر من الممارسات الاجتماعية المغلوطة بأسلوب ذكي وممتع، ومنذ انطلاقته عام 1969 حرّك نبض المسرح، ما جعله محط أنظار المهتمين بهذا الفن”.
*تجربة المسرح العمالي
كما توقف الكتاب عند تجربة مسرحية مهمة في سورية هي المسرح العمالي، التي وجدت على يدي الكاتب والمخرج السوري فرحان بلبل، الذي كرّس حياته الإبداعية لتقديم المسرح وتطويره في مدينته حمص ومن ثم المسرح السوري عموماً. يكتب الخوجة عن تجربة المسرح العمالي وفرحان بلبل:” انطلقت فرقة المسرح العمالي في أوائل السبعينيات ( 1973) انطلاقة جادة عامرة بأهدافها وعطائها، وقد ساعدها على الثبات والنجاح دعم اتحاد العمال ووجود مؤلف ومخرج مسرحي متمرس في القيادة وفي التنظير والابداع، ما جعلها واحدة من الفرق التي تصدرت المشهد المسرحي على الرغم من وجود فرق مسرحية أخرى مثل فرقة نادي (دوحة الميماس) بقيادة المسرحي محمد بري العواني، وفرقة (نادي الخيام) بقيادة المخرج المسرحي فؤاد سليم، وفرقة (المركز الثقافي) بقيادة المخرج حسن عكلا، إضافة إلى فرق الأندية “.
وتحت عنوان رؤية في عروض ونصوص مسرحية سورية قدم الكتاب تحليلاً في عرض مونودراما شهير كتبه ممدوح عدوان و أخرجه ومثلّه زيناتي قدسية ويعدّ أحد العروض المسرحية البارزة في تاريخ فن المسرح في سورية نظراً لشكله الجديد و مضمونه العميق حينها. جاء في الكتاب:” لقد حملت المسرحية الكثير من المضامين الجيدة التي ركزت على بؤر حارة في موضوعات حياتية معيشة، وهي مجال البحث والاهتمام لما تحتويه من إشكالات أثرت بشكل أو بآخر في مسيرة الإنسان في هذا الكون. لقد طرحت موضوعات هي نتاج العصر الحديث، وما فيه من تعقيد. من هذه الموضوعات: الحليب الفاسد الذي تصدره الدول الكبرى إلى الدول النامية، والاهتمام بالمظاهر الزائفة، واستخدام الأدوات الحضارية من أجل أمور تافهة ( الثرثرة على الهاتف) والبطالة الناتجة عن سوء التخطيط. والكسب غير المشروع من أجل الإثراء السريع”.
* بين الساجر و بلبل..
كثيراً ما ورد في الكتاب إشارات عن أعمال وكتابات قامات مسرحية مهمة في تاريخ المسرح السوري منهم سعد الله ونوس و فرحان بلبل و فواز الساجر الذي كتب عنه:”حين قدم مسرحية رسول من قرية تاميرا للكاتب محمود دياب خضع الممثلون فيها إلى تدريبات قاسية صنعت منهم نجوماً. ربما يكون فواز الساجر واحداً من الذين فتحوا شرفة واسعة للحركة المسرحية في سورية، باعتباره أرسى قواعد جديدة في التعامل مع النص المسرحي ومسرحة النصوص الأدبية، وتدريب الممثل، والتعامل مع المؤثرات والجمهور والتشكيل الحركي والإيقاع، كما رأيناه في أعماله المتعددة: أن نكون أو لا نكون، رسول من قرية تاميرا، يوميات مجنون، مؤسسة الجنون، ثلاث حكايات، سهرة مع أبي خليل القباني، سكان الكهف”.
وعن المسرحي فرحان بلبل وأسلوبه في الإخراج المسرحي كتب:” هو أقرب إلى أسلوب بريخت، فهو يركز على تقنية التغريب، التي تهدف فيما تهدف إلى جعل المتلقي في وعي كامل لما يجري على خشبة المسرح، وأن ما يحدث ليس واقعاً و إنما هو مجرد تمثيل” ويتابع الكتاب الصادر عن دار ميتافيرس بيرس للنشر والتوزيع في دولة الإمارات العربية المتحدة. :” من سمات مسرحه كسر الجدار الرابع، واعتماد الراوي في النص المسرحي، الذي لا يعلق على الأحداث ويشرحها فقط، بل ينخرط مع الممثلين ليكون عنصراً فعّالاً معهم”.
على التوازي، احتوى الكتاب في فصول مستقلة على العديد من المحاور المؤثرة في المشهد المسرحي السوري منها: المسرح البصري و مسرح الطفل و المسرح المقاوم و السيرة المسرحية بين الذاتية والموضوعية و الفرجة المسرحية و الموسوعة المسرحية العربية ولغة العرض المسرحي والمسرح الشعري.
يذكر أنّ معرض ابو ظبي الدولي للكتاب
الذي ينظّمه “مركز أبوظبي للغة العربية”، يقام هذا العام تحت شعار “مجتمع المعرفة… معرفة المجتمع”. ويشارك فيه، أكثر من 1400 جهة عارضة تمثل 96 دولة، تُقدّم محتواها بأكثر من 60 لغة، مع تسجيل انضمام 20 دولة للمرة الأولى، كما يضم 28 جناحاً دولياً لدور نشر متنوعة من مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى مشاركة 87 جهة حكومية، و15 جامعة .كما يقدّم مجموعة من البرامج المهنية المخصصة للعاملين في قطاع النشر، منها “مؤتمر النشر العربي والصناعات الإبداعية”، بالإضافة إلى فعاليات “ركن النشر الرقمي”، الذي يواكب تطورات الكتب الإلكترونية والصوتية، كما خصص مساحة للاحتفاء بإنجازات الفيلسوف والطبيب المسلم ابن سينا (980 – 1037م)، عبر معارض تفاعلية وندوات فكرية تُبرز إرثه العلمي والفلسفي في الطب والعلوم الطبيعية، وتسليط الضوء على تأثيره الممتد في الفكر العلمي لكلٍّ من الحضارتَين الإسلامية والأوروبية”.
أخبار سوريا الوطن١-الحرية