ربا أحمد:
تتربع محافظة طرطوس على المرتبة الأولى سنوياً بالهطولات المطرية بمعدلات تتجاوز ١٠٠٠ مم سنوياً، وبالرغم من ذلك لا تزال الكثير من المناطق فيها تعاني من نقص في مياه الشرب ولا تأتي إلا مرة في الأسبوع أو في الأسبوعين، كما في بعض قرى جرد الدريكيش وصافيتا والشيخ بدر التي تذهب أنهارها وينابيعها هدراً دون استثمار، إضافة إلى منطقتي القدموس وبانياس التي تعثرت مشاريع جر وضخ المياه إليها عدة سنوات حتى تمت المباشرة بهم وبقيت مشاريع السدات فيها خجولة وقليلة.
بينما بقيت السدود التي كلفت مئات الملايين دون محطات تنقية فيما تعاني القرى المجاورة لها العطش وخاصة في الصيف، أما مدينة طرطوس فتشرب بنسبة ٧٠% من نهر السن.
والسؤال هنا أليس من المفترض استثمار مياه هذه الامطار الغزيرة اليوم درءاً لعطش الغد؟ وهل سنخاف على أولادنا من العطش نتيجة ذلك؟ ما الخارطة المائية ونقاط الأمل المائي التي تعمل عليها الجهات المختصة؟ ولماذا لم تنجز محطات التنقية لسدود كلفت مئات الملايين؟ وإن خصصت للزراعة لماذا لم يتم استثمارها بالشكل الأمثل؟ وهل تشكل المشاريع المائية الحالية كفاية السنوات القادمة؟
السدات والسدود محدودة
مدير الموارد المائية بطرطوس م. عيسى حمدان أشار إلى أن السدود والسدات ليست غائبة عن المحافظة وإن كانت حتى تاريخه ليست بالكثيرة بوجود أربعة سدود منفذة (الباسل، خليفة) مخصصين لمياه الري وسدي (الصوراني، الدريكيش) مخصصان لمياه الشرب، إضافة إلى سد خامس تمت المباشرة بتنفيذه وهو مخصص للشرب والري، بينما نفذ سدتان وهما قيد الاستثمار (البيرة، السميحيقة)، وسدتان قيد التنفيذ (عين دليمة، بمنة)، وأعطى المباشرة لتنفيذ سدة خامسة، بينما توجد عدة سدود وسدات مائية مدروسة وجاهزة للتنفيذ عند توفر الاعتماد والحاجة الملحة لها.
تلوث مياه سدي الصوراني والدريكيش
وهنا عند سؤال مدير مؤسسة مياه الشرب بطرطوس م. نزار جبور عن سبب عدم وجود محطات تنقية إلى الآن على سدي الدريكيش والصوراني لاستخداهما في مياه الشرب بعد أن تم تنفيذهما بتكاليف كبيرة، أكد أن السبب هو تلوث مياهها بالصرف الصحي والمؤسسة بانتظار إنشاء محطات المعالجة لذلك، معتبراً أن وجود هذه السدود وإن كانت دون استثمار هي خطوة وتدعم المياه الجوفية إضافة إلى جمالها ودورها السياحي ريثما يمكن استثمارها.
البحث عن حلول..
إن كان استثمار مياه السدود يحتاج لمحطات معالجة ومن ثم تحلية ما مصير القرى العطشى إذاً؟ وهنا يجيب مدير الموارد المائية مبيناً أن طرطوس من المحافظات المكتفية مائياً والهطولات المطرية مختلفة الشدة والتوزع على مناطق المحافظة، فمنها ما يؤدي إلى تجدد المياه الجوفية ومنها جريانات سطحية يمكن أن تستثمر من خلال السدود والسدات لتخزينها، فيما يرى مدير مؤسسة المياه أن الحل الأهم لإرواء الجرود هو الرامات باعتبار تكلفتها قليلة وتفي بحاجة الري وسقاية المواشي بحيث تبقى مياه الشرب التي تأتي متفاوتة في تلك الجرود مخصصة لمياه الشرب، والمؤسسة تعمل وفق خططها لتغطية كامل المواقع، فالقرى العطشى باتت تشرب عالرابع والثالث ومنها يوم بيوم، والخطط تسير لتغطية كافة هذه المواقع بكميات المياه الكافية.
لمن الأولوية؟
إذاً ما هي الخارطة المائية ونقاط الأمل المائي التي تعمل عليها الجهات المختصة؟ بحيث تستثمر هذه الهطولات وتأمن المياه للمناطق العطشى؟
المهندس حمدان أشار بهذا الخصوص إلى أن التركيز الآن على مناطق الجرود في الشيخ بدر والقدموس ومشتى الحلو والدريكيش، ولكن ليست كل المواقع تصلح لإنشاء سدود وسدات بسبب الطبيعة الجيولوجية والنفاذية العالية في الطبقات رغم الحاجة لإقامتها، وبالتالي عند دراسة السدود يؤخذ بالاعتبار التوزع الجغرافي ونوع الحاجة (ري، شرب) وإمكانية التنفيذ في تلك المناطق.
فيما يوضح المهندس جبور أن المؤسسة استطاعت أن تقلل أيام قطع المياه في تلك المناطق إلى النصف نتيجة المشاريع العديدة خلال الست سنوات الماضية وفي زمن الحرب والتي بلغت /٥٥/ مشروعاً بزيادة كمية المياه المنتجة من ٥٥ مليون م٣ عام ٢٠١٠ إلى /٦٢/ مليون م٣ عام ٢٠١٩.
القدموس ستشرب..
من المعلوم أن قرى القدموس وجرودها لم يكن لها مياه شرب حتى شبكات مياه لم تكن موجودة نتيجة طبيعتها الجغرافية وبعدها عن كافة مصادر المياه بحيث كانت تشرب من الصهاريج فقط وما يقطفه السكان من مياه الأمطار.
وبعد تنفيذ خطي الجر الأول والثاني، لم تبدأ مؤسسة مياه طرطوس إلى الآن بتنفيذ خط الجر الثالث والتي تتجاوز تكلفته ١٠ مليارات ليرة، وهنا أشار المهندس جبور إلى أن المؤسسة ستقوم بتنفيذه على مراحل، حيث بدأت بالمرحلة الأولى وهي استملاك موقع المحطة وحفر الآبار للمصدر المائي بحفارة المؤسسة في موقع دير البشل ببانياس حيث تم تجريب البئرين وغزارتهما ممتازة، والدراسة منجزة لكامل الخط وبناء المحطات والتي تتضمن دعم نهاية مشروع (نعمو الجرد) وصولاً للريف الشمالي الغربي للقدموس قطاع (الدي، النواطيف، بدوقة)، ويعتبر هذا المشروع أحد محاور الدفق الغربي والذي يهدف إلى قطف المياه الشاطئية وضخها عبر محاور من الغرب باتجاه الشرق لدعم ريف المحافظة.
وهنا يشدد جبور على أهمية الرامات كجزء من الحل ريثما ينتهي المشروع لما لها من سرعة بالتنفيذ وتكلفة أقل وحرصاً على عدم استعمال المياه النقية ذات التكلفة العالية بسقاية المزروعات والمواشي.
مدير الموارد المائية قال إن المديرية أبرمت مع الشركة العامة للدراسات المائية عقداً لدراسة العديد من السدات ومنها ما انتهت منه والبعض لا تزال قيد الدراسة وهي جميعها مخصصة للري وسقاية المواشي.
ونفذت سدتي البيرة وسميحيقة إضافة إلى ٣١ رامة في مناطق مختلفة في جرود القدموس وبانياس والشيخ بدر.
أمل مائي..
أمام انتظار الأمل بتنقية مياه السدود وبإنشاء السدات والرامات، وأمام انتظار إنهاء خط الجر الثالث لجرد بانياس والقدموس، هل هناك أمل من الطبيعة بنقاط امل مائي تحفظ بعضاً من مياه الأمطار الغزيرة للأيام القادمة علها تسندنا وقت الحاجة؟
وفق هذه الجهات المختصة فإن منطقة الأمل الجوفي الأول هي الشريط الساحلي من بانياس إلى الحدود السورية اللبنانية، والمنطقة الثانية هي الشريط الممتد جنوب محافظة طرطوس ولكن منها ما هو صالح للشرب ومنها ليس كذلك.
(سيرياهوم نيوز-الثورة)