عبد الفتاح العوض
يقول غوته: حيث يوجد كثير من الضوء يكون الظل عميقاً.
الأرقام التي يتم تداولها عن مبيع سيارات المزاد بعدة مليارات في بلد متوسط الراتب فيه أقل من 250 ألف ليرة شيء يثير الكثير من إشارات الاستفهام والتعجب والاستغراب والاستهجان والغضب.
نعرف أنها تعود لخزينة الدولة ونعرف أيضاً أن الرقم بالدولار قد لا يكون كبيراً لكننا نتحدث عن حال سورية وليس عن بلاد تعيش في ظلال الدولار.
ليس مهماً من يكون صاحب السيارة الجديد، المهم أنه سوري لديه هذه القدرة على إنفاق هذا العدد من المليارات على شراء سيارة.. ولن يكون سؤالاً تعجيزياً لو سألناه من أين لك هذا؟.. وأي كلام عن الفجوة بين البشر في سورية لم يعد خافياً على أحد، لهذا أريد أن أنقل الفكرة باتجاه الحديث عن مجتمع الظل في سورية.
المعتاد دوماً الحديث عن اقتصاد الظل وهو اقتصاد نشط في سورية وساهمت الحرب بزيادة نشاطه وهو في بعض الأحيان أصبح حلاً في قطاعات معينة، ومن التعابير المستخدمة هناك حكومات ظل ومن المتعارف عليها في انكلترا.
في الأدب تعرفنا إلى الرجل صاحب الظل الطويل والذي يقدم صورة طيبة عن شخصية قدمت عطاء لفتاة من دون أن يعلن عن نفسه إلا من خلال ظله الطويل.
وكذلك تعرفنا إلى رواية «الرجل الذي فقد ظله» وهذا النوع من الأشخاص الذين تتغير مراسي سفنهم وتنقلب توجهاتهم وتتبدل أفكارهم مع المصلحة والزمن. وكم هم كثر الذين فقدوا ظلهم الجميل.
كل هذا ظلال في حياتنا، لكن أجمل ما يمكن أن يكون في مجتمع الظل أولئك الأشخاص الذين لا تزال تقرأ في قلوبهم الصدق، ومهما قسا الزمن عليهم تجد أمارت الرضا القدري تتدفق من كلماتهم.
مجتمع الظل السوري لا يعرف عن الدولار شيئاً إلا من خلال التجار والباعة أو من خلال انتظاره لحوالة يحسبها له الصراف على الدولار.
مجتمع الظل السوري طيب ومتسامح ولديه بقايا أمل ربما لأنه لا يعرف الحقائق كاملة أو لأنه لا يملك خياراً آخر غير الأمل.
معظمنا يتذكر عندما كان طفلاً لحظة اكتشاف ظله أو- أنه لم يتذكر نفسه- ربما شاهد طفلا أخذته الدهشة من ظله وهو يحاول الهروب منه لكنه يلاحقه «مثل ظله».
هذا الذي يحدث في مجتمع الظل… الطيب والتسامح والرضا يلاحقهم مثل ظلهم الفقر والبؤس وأخبار رجال ظلال الدولار.
في العصور الوسطى في أوروبا طبق قانون عرف باسم قانون «ساكسونيا» إذا ارتكب الفقير جريمة قطع رأسه، وإذا ارتكب النبيل الجريمة نفسها عوقب بقطع رأس ظله.
أقوال:
– لا تزال تُحاول أن تخفي شخصيتك الحقيقية خلف مئات الأقنعة، قِناع المُجاملات، قناع التقاليد الاجتماعية، وقناع الطاعة الأبوية.
– لا تزال هويتك الحقيقية مُخبأة خلف الظلال؛ المجتمع لا يرغب في ظهور شخصيتك الحقيقية.
– اجعل وجهك مستديراً دائماً باتجاه الشمس وستكون الظلال من خلفك.
– يا مَن يَهُزُّ دَلالاً غُصنَ قامَتِهِ… الغُصنُ هَذا فَأَينَ الظِلُّ وَالثَمَرُ.
– إذا مات الرجل ضحا ظله.
(سيرياهوم نيوز 4-الوطن)