أكد الرئيس بشار الأسد، الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي، اليوم الإثنين، أن تجربة الاستئناس المتعلق باختيار كوادر الحزب لممثليهم للترشح لمجلس الشعب بدورته القادمة «دليل دامغ على ديناميكية البعث وتطوره، وقدرته على التكيف والانطلاق نحو المستقبل»، معتبراً أن «الأحزاب العريقة لا تستسلم للظروف ولا تخضع للتقلبات».
وفي كلمة موجهة إلى كوادر الحزب مع بدء الاستئناس المتعلق باختيار ممثليهم للترشح لمجلس الشعب بدورته القادمة ونشرتها الصفحة الرسمية للحزب على «فيسبوك»، أوضح الرئيس الأسد، أن الانتخابات الحزبية شكلت على الدوام محطة مهمة من محطات العمل الحزبي والسياسي وطريقاً لتعميق التجربة الديمقراطية في الحزب، وأساساً للعلاقة السليمة بين الحزب وقواعده.
ولفت إلى أن «حزبنا حزب عريق بتاريخه وتجربته الطويلة والغنية، والتي أنضجتها سنون النضال على الساحتين الوطنية والقومية»، مشيراً إلى أن تلك السنون وإن كانت حفلت بمحطات مضيئة من الفكر والتضحية والبناء، فهي لم تخلُ من الأخطاء التي يقع فيها الكثير من الأحزاب، والتي أدت لتراجع دور الحزب في بعض المراحل».
وأشار إلى أن «كل ذلك أدى لحالة من الركود الحزبي على المستوى الفكري والإجرائي لم يكسر جمودَه سوى محاولات الكثيرين من كوادر الحزب الحريصة عليه والمتمسكة بمبادئه وإعادة الحيوية للحياة الحزبية انطلاقاً من إيمانهم بعقيدته ووعيهم لدوره الوطني والقومي».
ولفت إلى أنه «كان هناك العديد من الطروحات المهمة والحوارات الغنية التي أنتجت أفكاراً عملية واقعية أخذت طريقها للتطبيق، لكن الحرب الشرسة التي شنت على سورية وتداعياتها أدت لتغيير الأولويات بشكل جذري، وأصبح الحفاظ على الوطن وما زال هو الهدف الأسمى والهاجس الأكب»، موضحاً أن «الأحزاب العريقة لا تستسلم للظروف ولا تخضع للتقلبات، وتبديل الأولويات لا يلغي الأساسيات، فخوض الحروب بأنواعها المختلفة العسكرية والاقتصادية والإعلامية النفسية، بحاجة لعقيدة قوية، والعقيدة بحاجة لفكر، والفكر بحاجة لمؤسسات تستند إلى إجراءات تحافظ عليها وتطورها».
وأوضح الرئيس الأسد أنه «من هنا كان لا بد من القيام بأهم إجراء يحفظ المؤسسة الحزبية ويطورها ويقويها، وهو توسيع مشاركة القواعد الحزبية في اختيار ممثليهم لمجلس الشعب»، معتبراً أن القيام بهذه الخطوة في هذه الظروف إنما يدل على الحيوية العالية وروح التجدد التي تميز ويتميز بها الحزب.
ولفت الرئيس الأسد إلى أن هذه الخطوة ضرورية لتجديد الحزب تنظيمياً وعقائدياً، والتي تشكل الرد الموضوعي والساطع على من وصفوه بالشمولية والتكلس والانفصال عن روح العصر.
وأوضح، أننا «ما زلنا نواجه اليوم حرباً مركبة تهدف قبل كل شيء لتشويه الوعي، وضرب القيم والمبادئ، وهذه الحرب تفرض علينا مزيداً من تحمل المسؤولية».
وأضاف: إنه «ورغم المخاطر الكبيرة والصعوبات التي يمر بها وطننا، وفي الوقت الذي تواجه فيه أحزاب كبرى حول العالم خطر الانحسار الفكري والانكفاء، يثبت حزبنا مجدداً قدرته ليس فقط على مواجهة التحديات والظروف الصعبة بل على مواكبة روح العصر ومتطلباته».
ولفت الرئيس الأسد إلى أن الانتخابات الحزبية التي جرت منذ مدة أتت لتؤكد على ما سبق، حيث قام الرفاق باختيار مرشحيهم للمواقع الحزبية المختلفة عبر ممارسة حقهم بأسلوب ديمقراطي راقٍ وبوعي لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم.
وقال الرئيس الأسد مخاطباً كوادر حزب البعث: «أنتم اليوم أمام مسؤولية أن تثبتوا قوة حزبنا من خلال التصاقه بقواعده الحزبية وتمثيله لأوسع الشرائح الشعبية، وتعبيره عن تطلعاتها، ومن خلال ثقة قواعده به للسير بهم باتجاه ما يطمحون له، وخاصة مواصلة تطويره ليكون قادراً على لعب الدور المنوط به في مسيرة الدفاع عن المبادئ والحقوق والسياسات التي تصب في مصلحة الوطن وتعزيز قدراته».
واعتبر، أن «تجربة الاستئناس التي تخوضها كوادر الحزب اليوم لتحديد مرشحي الحزب لانتخابات مجلس الشعب للمرة الأولى، ما هي إلا دليل دامغ على ديناميكية البعث، وتطوره، وقدرته على التكيف والانطلاق نحو المستقبل، وخطوة مهمة في سياق تجديد آليات الممارسة الحزبية، لكونها تتيح للرفاق الحزبيين فرصة لتحديد خياراتهم ومرشحيهم بكل شفافية ومسؤولية، وبالتالي فإن مشاركة كل رفيق حزبي في هذه العملية ستساعد في اختيار الحزب للمرشحين الأكثر كفاءة لحمل هذه المسؤولية، ما يجعل المشاركة الفعالة للرفاق الحزبيين في عملية «الاستئناس»، ولاحقاً في انتخاب أعضاء مجلس الشعب، واجباً ومسؤولية في آن معاً ملقاة على كل رفيق.
وأضاف: «الخيارات الصحيحة هي التي تؤدي إلى النتائج المرجوة، فاختاروا الأصلح والأنسب ولا يكونَّن في حسبان أي أحد أي اعتبارات غير الاعتبارات الوطنية. اختاروا بعيداً عن أي ولاءات ضيقة، واعتبارات غير مو
ضوعية، وعصبيات لا تنتمي لعقيدة الحزب الوطنية والقومية».
وشدد الرئيس الأسد على أن الحيوية العالية وروح التجدد التي تميز بها الحزب في أصعب الظروف، ليست إلا دليلاً على أن المبادئ لا تتكلَّس، والعقيدةَ لا تموت ما دام يحملها دمٌ متجدد ونسغ حي يسري في عروق من أخلصوا الانتماء لحزبهم ووطنهم وأمتهم وعقيدتهم القومية والوطنية.
وفي ختام كلمته، تمنى الرئيس الأسد لكوادر الحزب «التوفيق في إيصال مرشحيكم، ومن يمثل خياراتكم الوطنية والحزبية ليكون صوتكم وصوت جماهير شعبنا في مجلس الشعب. فالديمقراطية مسؤولية قبل أن تكون ممارسة».
ومن محافظة درعا بدأت اليوم انتخابات الاستئناس، حيث سيقوم كوادر الحزب باختيار ممثليهم ضمن قائمة الوحدة الوطنية التي تشارك فيها أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، لخوض انتخابات مجلس الشعب التي ستجري في التاسع عشر من الشهر القادم.
وفي تصريح لـ«الوطن» أوضح أمين فرع حزب البعث في درعا حسين الرفاعي أن الانتخابات تبدأ من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الخامسة مساء وهو موعد ثابت لكل الفروع في المحافظات، موضحاً أن عملية الفرز مفتوحة حتى ساعات متأخرة من الليل وتكون ضمن صندوق واحد.
وذكر، أنه سوف يتم انتخاب ضعف العدد لكل محافظة، فمثلاً درعا يجب انتخاب 14 من أصل 108 مرشحين حتى تختار القيادة المركزية منهم سبعة يمثلون الحزب في خوض انتخابات مجلس الشعب، مؤكداً أن قيادة الفرع في كل محافظة مهمتها أن تقترح «للقيادة» قائمتي الأصلاء والاحتياط ومن ثم هي تختار الأسماء مع مراعاة الناحية الجغرافية والاجتماعية.
وأكد الرفاعي، وجود غرف سرية وصناديق اقتراع، بينما ستكون عملية فرز الأصوات على شاشة إسقاط حتى يشاهدها الجميع، لافتاً إلى أنه سوف يتم رفض كل ورقة لا يوجد فيها عنصر شبابي ونسائي.
(سيرياهوم نيوز 5 – الوطن 15/6/2020)