آخر الأخبار
الرئيسية » تربية وتعليم وإعلام » في مدارسنا .. هل تحولت اللغة الفرنسية إلى كابوس رغم رومانسيتها الشهيرة

في مدارسنا .. هل تحولت اللغة الفرنسية إلى كابوس رغم رومانسيتها الشهيرة

تحقيق بشرى سليمان:

تعلم لغة أجنبية ليس أمراً سهلاً ، حيث تختلف صعوبة تعلمها تبعاً لسن المتعلم والوسط الذي يعيش فيه أثناء تعلمه اللغة ، وهذا ماأعانيه كأم مع ابنتي في الصف السابع من مرحلة التعليم الأساسي ، وهي السنة التي يبدأ فيها الطلاب بتعلم اللغة الفرنسية كلغة أجنبية ثانية مع اللغة الإنكليزية في مناهجنا الدراسية السورية ، فأنا لا أستطيع تصحيح لفظها للكلمات ، أو تدقيق ماتكتبه ، أو تذكيرها بقاعدة ربما نسيتها أو تاهت عن الطريقة الصحيحة لتطبيقها ، فأنا لا أجيد اللغة الفرنسية باعتبارها كانت قبل عام 2003 لغة اختيارية مع الإنكليزية فلم يكن مطلوباً منا كطلاب في الصف السابع سوى لغة أجنبية واحدة إما انكليزي أو فرنسي ، وهذا مادفعني للجوء إلى الدروس الخصوصية كما يفعل معظم الآباء رغم الضائقة المادية التي نعيشها في الوقت الراهن .
تشعر شيم وهي طالبة في الصف السابع بالارتباك أثناء حضورها حصة اللغة الفرنسية خاصة بالقواعد ، ولكنها في ذات الوقت لاتخفي إعجابها وانجذابها للموسيقا التي تستشعرها عند سماع أحد ما أو شخص ما يتكلم الفرنسية بطلاقة .
جنى أيضاً طالبة في الصف السابع درست الفرنسية في المرحلة الابتدائية في مدرسة خاصة ، تقول أن الفرنسية لغة سهلة وليست معقدة تعتمد على فهم القاعدة ثم التطبيق عليها ، كما أن الطريقة المحببة والبسيطة التي يتبعها المدرس في الصف جعلتها متفوقة في مادة اللغة الفرنسية .
أما محمد وهو طالب ثالث ثانوي لايريد سوى علامة النجاح في اللغة الفرنسية ، لأنه سيفاضل معتمداً علامته في اللغة الانكليزية ، فهو يجد أن اللغة الفرنسية صعبة من حيث تعلم النطق الصحيح وتركيب الجمل وصياغة الأزمنة ، وكيفية استعمال حروف العطف والجر ،كما أنه عاجز عن كتابة الموضوع الذي سيطلب منه في الامتحان النهائي وهو من خارج الكتاب ، لأن من يكتب موضوعاً يجب أن يكون لديه حصيلة لغوية كبيرة ومهمة في اللغة الفرنسية وهو لايملكها .
تبين السيدة نهاد وهي ربة منزل وأم لولدين ، أحدهما يستعد لشهادة التعليم الأساسي (الصف التاسع) هذا العام ، والآخر أول ثانوي ، أن امتعاض الأهل والطلاب من اللغة الفرنسية له أسبابه ومنها النقص الحاد بعدد المدرسين الاختصاصيين أصحاب الكفاءة خاصةً في القرى ، والاعتماد على مكلفين من خارج الملاك قدراتهم ضعيفة في إيصال مضمون المنهاج إلى ذهن الطالب مع ضعف في المحادثة ، يضاف إلى ذلك قلة الوقت المخصص لدروس الاستماع بسبب عطل قارئة ال” CD “في أغلب الأوقات ، ولكن للإنصاف هناك بعض المدرسين يحضرون الكمبيوتر المحمول الخاص بهم في حال عطل القارئة ويغطون دروس الاستماع ، والبعض الآخر لايمتلك كمبيوتراً محمولاً أو ليست لديه الدافعية المطلوبة لإنجاز درسه على الوجه الأمثل .
وكان للمهندس المدني حسان رأي متقارب مع رأي السيدة نهاد حيث قال : أولادي يدرسون اللغة الفرنسية مثل الببغاء وعلى الرغم من أنهم يحصلون على علامات تامة إلا أنهم لايفهمون من اللغة شيئاً بل يحفظون بصماً ، كما أن المنهاج كثيف وهو أعلى من مستوى الطلاب ووزارة التربية لم توفر المدرسين الاختصاصيين الجديرين بتدريس هذه اللغة لدرجة أن بعض المدرسين يرتكب أخطاء بتركيب الجمل أو حل التمارين .
السيد سامر وهو مدرس لغة فرنسية لم يتفق مع وجهات النظر السابقة ، فهو يعتبر تعلم الفرنسية أسهل من الانكليزية ، حيث تتشارك معها بأكثر من 45% من مفرداتها لذلك يسهل على المتحدثين بالانكليزية تعلمها ،أما بالنسبة لكوادر تعليم الفرنسية فمثلها مثل غيرها من المواد ولكن الطلاب لايقبلون أي شيء جديد حتى وإن كان لمصلحتهم في المستقبل فوجود لغة أجنبية ثانية أو ربما ثالثة في المنهاج التعليمي هو دليل عراقة وتحضر واهتمام الدولة ، لكن قد تتمثل صعوبة الفرنسية في أنها تكتب بالأحرف المتصلة بعكس مااعتاده الطلاب في كتابة الانكليزية بأحرف منفصلة ، إضافةً إلى أنهم قد يجدون صعوبة في اللفظ نظراً لتدقيق مخارج بعض الحروف .
ويستحسن الأستاذ سامر إدخال اللغة الفرنسية في المجموع العام للنجاح لأنها عندما كانت مادة تثقيفية لم يهتم بها الطلاب وربما لم يفتحوا كتبها .
تعتبر الآنسة مرح وهي مدرسة لغة فرنسية أن الهدف من تعليم أي لغة كانت إنكليزية أو فرنسية هو أن يمتلك المتلقي أربع مقدرات هي على التتالي : الاستيعاب الشفهي – الاستيعاب الكتابي – التعبير الشفهي – التعبير الكتابي ، وبالتالي فإن حدوث أي خلل في إحدى المقدرات يفضي إلى ضعف وقصور في لغة الطالب ، فهي حلقة متكاملة من المهارات ومن امتلكها امتلك لغةً سليمةً ، و بحكم تجربتها بتدريس اللغة الفرنسية في المدارس الخاصة تنصح بإدخال اللغة الفرنسية إلى الصفوف الابتدائية ولو بشكلً مبسط يقتصر على الحروف وبعض الكلمات والجمل والأغاني بحيث يكون الطفل على تماس مع اللغة لأن الطفل بعمر ست سنوات يعطي نتيجة أفضل من نتائج مراهق بعمر ثلاثة عشر عاماً يتعلم المنهاج نفسه ، باعتبار الطفل الصغير متلقياً جيداً حتى لو درس لغتين بوقتٍ واحد وهذا مثبت علمياً .

كما حملت الآنسة مرح مسؤولية التقصير في اللغة الفرنسية للطالب بالدرجة الأولى ومن ثم الأهل والمدرس في الدرجة الثانية ، فنجد الطلاب في غالبيتهم (خصوصاً الصف السابع) مستهترين لايحبون الفرنسية يعتبرون حصة الفرنسي استراحة فهي ليست هامة كالرياضيات والعربي ، ويتبع هذا إهمال الأهل لأبنائهم (لأنهم لايجيدون الفرنسية) حتى يصلوا للصف التاسع عندها يحاولون تعويض النقص المتراكم في الصفين السابع والثامن لتحصيل علامة جيدة في الامتحان ، ويشتكون من صعوبة المنهاج وموضوع الامتحان الذي يأتي من خارج الكتاب ويحتاج مخزون من المفردات ومهارة في تركيب الجمل وربطها ببعضها البعض .
و تدعو الآنسة مرح زملاءها المعلمين لإعطاء مادة اللغة الفرنسية بحب ، وعدم التركيز على الاستيعاب الكتابي فقط ، وتشغيل الأقراص المدمجة (السيديات) أثناء الحصة الدرسية ، كي يستسيغ الطلاب اللغة الجديدة ويمتلكون مهاراتها .
وبناء على ماتقدم توجهنا بكل صعوبات ومشاكل اللغة الفرنسية إلى الدكتورة إيمان البرادعي وهي منسقة منهاج اللغة الفرنسية في المركز الوطني لتطوير المناهج التربوية فأوضحت : بأن
المنهاج موضوع وفق مصفوفة معايير حددتها وزارة التربية ، ومرجعيتنا في ذلك الكادر الأوروبي الذي وضع هذه المعايير بالتسلسل ، فالطالب بالمستوى الأول يتدرب على كتابة معلومات شخصية عن نفسه (اسمه – كنيته – عمره- عائلته – جنسيته وغيرها) ويعطى المفردات اللازمة لذلك ، أي إن الطالب يأخذ اللغة كحالة توظيفية من الكل إلى الجزء ، فهو يأخذ جملة قصيرة ككتلة ، ثم في مراحل أخرى يعطى التفاصيل تدريجياً لمعرفة الفعل والمصدر والزمن ، وذلك تبعاً للسلاسل العالمية التي لاتعتمد تعليم الأحرف بشكل مادي بل بتوظيفها بالكلام والكتابة ، إذاً بتسلسل المعايير الموثقة والمعتمدة وذات المرجعية العالمية هو يأخذ تدريبات في كل وحدة درسية درسها (في الصف السابع 7وحدات – في الصف الثامن 7وحدات – في الصف التاسع 9 وحدات ) هذه الوحدات التي درسها كلها تؤهله تدريجياً لكتابة أربع أو خمس جمل حول موضوع معين من ضمن الموضوعات التي درسها سابقاً ، أي الطالب أصبح لديه حقل مفرداتي وجمل وأفكار من هذه الموضوعات وليس مطلوباً منه أن يكتب إلا من ضمن الوحدات التي تدرب عليها ، كما يوجد تدريبات كثيرة على التعبير الكتابي في كل وحدة درسية تترافق مع ملفات صوتية لكل وحدة ، أي إن المنهاج منطقي لايوجد فيه شئ خارج قدرة الطالب أو مادرسه سابقاً ، لكن المشكلة أن الطالب والأهل يفضلون طريقة البصم للحصول على العلامة ، وهذا أبعد مايكون عن مناهجنا المطورة التي تعمل على اكتساب المهارات اللغوية بعد الوصول إلى مستوى معين باللغة وفق مجموعة من الأهداف بعد عدد ساعات تعلم معينة ، لكن للأسف ثقافة اللغة الأجنبية في مجتمعنا ماتزال قائمة على معلومات يتم استرجاعها بالامتحان وهنا يكمن الخطأ لأننا بحاجة طالب يتقن المهارات اللغوية الحقيقية سواءً شفهية أو كتابية .
وتابعت البرادعي : أما بالنسبة للكادر التدريسي نحن لاننكر وجود مشاكل في بعض الأماكن بسبب التأثير السلبي للأزمة على استقرار العملية التعليمية من ناحية نقص المدرسين حيث تقوم وزارة التربية بإجراء المسابقات سنوياً في محاولة لتغطية الشواغر وفق الإمكانيات المتاحة ، حتى إن بعض الموجهين يضطرون لتغطية ساعات في المدارس للحفاظ على استمرارية العملية التعليمية ، كما يتم سنوياً تدريب يشمل كافة المدرسين يرفع من أدائهم ويوضح لهم المطلوب من الطالب ، حتى يركز بأدائه على أن يحقق المطلوب بفعالية التعلم ، وهذا العام لدينا ورشة عمل مع وزارة التعليم العالي لاعتماد المفاضلة على اللغتين الانكليزية والفرنسية وهذا مشروع سيتحقق قريباً .
وأضافت الدكتورة برادعي أن الفضائية التربوية أنجزت عدداً كبيراً من الدروس خاصةً للشهادتين الإعدادية والثانوية من ضمنها دروس اللغة الفرنسية ، حيث يستطيع الطالب من خلالها التعلم عن بعد ، وكذلك قامت المنصة التربوية بتغطية مجموعة كبيرة من الصفوف والأهداف ، مع تواجد دائم لخبراء يجيبون عن أي سؤال يطرحه الطالب وبشكل فوري ، فنحن نقدم جهداً كبيراً لرفع مستوى تعلم اللغات الأجنبية في سورية ليكون تعلماً مهارياً حقيقياً يحقق فاعلية ، ليس فقط بهدف الحصول على العلامة وهذا يحتاج الدعم من جميع الأطراف .
كما حمَّلت الدكتورة برادعي سبب تراجع اللغة الفرنسية إلى ثقافة المجتمع السوري القائمة على إهمال اللغة الأجنبية الثانية سواءً فرنسية أو روسية لأن الأولوية للغة الإنكليزية التي هي لغة أساسية يأخذها الطالب من موارد متعددة ، فهي لغة البحث عن مصادر المعلومات والتكنولوجيا ، والأهم لغة التقنيات ، لدرجة أننا لانعتبرها لغة أجنبية بقدر أنها لغة ضرورية ، فأصبحت اللغة الأجنبية الثانية هي الفرنسية أو الروسية المعتمدة في مدارسنا .
تختم منسقة منهاج اللغة الفرنسية بأن كل أنظمة العالم لديها أولويات لتعليم لغتين إضافة للغة الام ، ونحن نسير بنفس الخط لكي نواكب

تطور التعلم في العالم ، وخلق ثقافة فعالية تعلم اللغة بالاعتماد على التربية وبوجود كادر مؤهل لحل هذه المشكلة

(سيرياهوم نيوز-الثورة)

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

قانون اتحاد الصحفيين… ندوة حوارية‏ في دار البعث

دعا المشاركون في الندوة الحوارية التي أقامها فرع دمشق لاتحاد الصحفيين على ‏مدرج دار البعث تحت عنوان “ماذا يريد الصحفيون من قانون اتحاد الصحفيين” إلى تعديل ...