خالد عرنوس
سهرة كروية لاتينية خالصة سيكون موعدها الليلة (في الثالثة فجر الإثنين) من خلال نهائي أقدم بطولة قارية في العالم ونعني هنا بطولة كأس أمم أميركا أو (كوبا أميركا) بنسختها الثامنة والأربعين التي تستضيفها الولايات المتحدة الأميركية عندما يلتقي منتخب الألبيسيلستي الأرجنتيني مع التريكولور أو الكافيتيروس الكولومبي على أرض ملعب هارد روك في ميامي غاردنز بولاية فلوريدا الذي يتسع لأكثر من 64 ألف متفرج، ويقودها الحكم البرازيلي رافاييل كلاوس في مباراته السادسة ضمن البطولة والثانية في هذه النسخة.
ويتطلع راقصو التانغو بقيادة مدربهم سكالوني ونجمهم ميسي إلى الاحتفاظ باللقب والانفراد بالرقم القياسي لأبطال القارة ومواصلة السلسلة الإيجابية في البطولة في حين يطمح خاميس رودريغيرز وزملاؤه إلى إنهاء الخصام مع اللقب المفقود منذ 2001 من خلال نسخة متميزة من القهوجية قدمت بطولة للذكرى ولم يتبق سوى الصعود إلى منصة التتويج في نهايتها.
الطريق إلى النهائي
حقق المنتخب الأرجنتيني العلامة الكاملة في المجموعة الأولى للدور الأول بالفوز على كندا 2/صفر وعلى تشيلي 1/صفر وعلى البيرو 2/صفر وفي ربع النهائي تعادل مع الإكوادور 1/1 قبل أن يتجاوزه بركلات الترجيح 4/2 وجدد فوزه على كندا 2/صفر في نصف النهائي، والحصيلة 4 انتصارات وتعادل والأهداف 8/1، بالمقابل بدأ الكولومبي البطولة بالفوز على الباراغواي 2/1 وعلى كوستاريكا 3/صفر ثم تعادل مع البرازيل صفر/صفر فتأهل متصدراً للمجموعة الرابعة، وقسا على بنما في دور الثمانية 5/صفر قبل أن يتجاوز الأورغواي في نصف النهائي بهدف، والحصيلة 4 انتصارات وتعادل والأهداف 11/2.
حظوظ متساوية
بنظرة سريعة إلى مشوار الفريقين نحو النهائي نجد أن الفريقين حققا نتائج متشابهة مع الإقرار بأن المنتخب الكولومبي تخطى مطبات أكبر حيث واجه اثنين من عمالقة أميركا اللاتينية، ويعول أبناء التانغو على خبرة لاعبيهم في مثل هذه البطولات وهم ظفروا بكأس العالم وكأس أميركا خلال مدة لا تتجاوز 16 شهراً وخاصة بوجود نجوم أعلى كعباً من حيث التقييم الفني والتقدير التسويقي، والأهم أن الألبيسيليستي لم يخسر منذ تتويجه باللقب العالمي سوى مرة واحدة كانت على أرض الأورغواي في تصفيات مونديال 2026 وقد سجل خمسة انتصارات خلال 6 جولات أولى فتصدر الترتيب الخاص بتصفيات أميركا الجنوبية.
وبالمقابل يمر الكافيتيروس الكولومبي بحقبة تاريخية خاض خلالها 28 مباراة من دون هزيمة كأفضل سلسلة في تاريخه الممتد إلى 98 عاماً، ومن المفارقات أن هزيمته الأخيرة كانت أمام الأرجنتين بالذات ضمن تصفيات 2022 في آذار مارس من ذلك العام ويسير بثبات في تصفيات المونديال القادم حيث سجل 3 انتصارات و3 تعادلات محتلاً المركز الثالث برصيد 12 نقطة بفارق 3 نقاط خلف الأرجنتين ونقطة وراء الأورغواي، وقد سجل خلال هذه الفترة نتائج لافتة كالفوز على المانشافت الألماني بهدفين واللاروخا الإسباني بهدف وكذلك على السيليساو البرازيلي 2/1.
نجوم وأضواء
يكفي وجود ليونيل ميسي لترجيح كفة أي فريق على الرغم من تراجع مستواه قليلاً في الآونة الأخيرة فما بالنا عندما يلعب إلى جانبه دي ماريا وأوتاميندي وألفاريز ودي بول وماك أليستر روميرو وإنزو فيرنانديز ونيكولاس غونزاليس، ولا ننسى يولينا ألفاريز الذي سجل هدفين في البطولة كانا في مباراتي كندا، وبالطبع هناك لاوتارو مارتينيز هداف البطولة برصيد 4 أهداف سجلها خلال أقل من 200 دقيقة لعب خلالها في البطولة، وما زال الحارس المتألق إيميليانو مارتينيز يشكل جدار الأمان الخلفي الذي كان دوره أساسياً في إنجازات الفريق، وقد أشرك المدرب سكالوني 24 لاعباً في المباريات الخمس.
على الضفة المقابلة يعتمد مدرب الكافيتيروس على لويس دياز وجيفرسون ليرما وجون كوردوبا ويوهان ميجوكا وجون أرياس وريشارد ريوس وديفنسون سانشيز وكارلوس كوستا وماتيوس أوريبي ومن ورائهم الحارس المتألق كاميللو فارغاس، أما بيضة القبان فليس سوى الكابتن خاميس رودريغيز لاعب ريال مدريد السابق ولاعب ساوباولو البرازيلي حالياً ويمكن وصفه بأبرز نجوم البطولة الحالية على الإطلاق رغم أنه لم يكمل أي مباراة من المباريات الخمس لكنه أصبح أكثر اللاعبين صناعة للأهداف في نسخة واحدة من البطولة (6 أهداف) وسجل هدفاً من ركلة جزاء وكان خير قائد للفريق الحالي، ويحتفل خاميس بعد غدٍ الثلاثاء بعيد ميلاده الثالث والثلاثين.
للتاريخ كلمة
تقابل منتخبا الأرجنتين وكولومبيا في 40 مباراة تاريخياً منذ المواجهة الأولى في كوبا أميركا 1945 وانتهت المباراة يومها بنتيجة قياسية بين المنتخبين بفوز الأرجنتين 9/1، والغلبة لراقصي التانغو بواقع 20 انتصاراً مقابل 9 انتصارات للكافيتيروس و11 تعادلاً والأهداف71/39، ومنها 15 لقاء في كوبا أميركا والتفوق للألبيسيليستي بثمانية انتصارات مقابل 3 انتصارات للتريكولور وتعادلا 5 مرات منها 3 مرات وصلت إلى ركلات الترجيح ففاز الأرجنتيني بها جميعاً، في نصف نهائي 1993 بنتيجة 6/5 بعد التعادل السلبي، وفي ربع نهائي 2016 بنتيجة 5/4 بعد التعادل صفر/صفر، وكذلك في نصف نهائي 2021 بنتيجة 3/2 بعد التعادل 1/1.
وتقابلا 18 مرة في تصفيات المونديال (12 فوزاً للأرجنتين، 3 انتصارات لكولومبيا وتعادلا 3 مرات)، ولعل المواجهة الأشهر على هذا الصعيد تلك التي انتهت بفوز الكولومبي 5/صفر في تصفيات 1994 كأقسى هزيمة لراقصي التانغو تاريخياً على أرضهم.
فكر أرجنتيني
بين ستة عشر منتخباً شاركت في البطولة كان سبعة من مدربي هذه المنتخبات يحملون الجنسية الأرجنتينية في سابقة لم تحدث في بطولة ما، وقد استطاع أربعة من هؤلاء قيادة منتخباتهم إلى صدارة المجموعات الأربع في الدور الأول ثم وصل منهم إلى مربع الكبار وهاهما طرفا النهائي يقودهما مدربان من أبناء التانغو، فعلى الطرف الأرجنتيني هناك المدرب ليونيل سكالوني الذي انضم إلى أساطير المدربين في بلاده عقب تتويجه بطلاً للعالم 2022 ليصبح مثل سيزار لويس مينوتي بطل العام 1978 وكارلوس بيلاردو بطل العالم 1986 بل تفوق عليهما باعتباره توج بطلاً لكوبا أميركا 2021، وهاهو يصل النهائي للمرة الثانية على التوالي بعد سجل مثالي مع الألبيسيليستي بعدما أصبح خلف المدربين الكبيرين (مينوتي وبيلاردو) من حيث عدد المباريات التي قاد بها المنتخب (76 مباراة) ولن ينتظر وقتاً طويلاً لتخطيهما، وقد سجل 54 فوزاً و16 تعادلاً مقابل 6 هزائم فقط منها اثنتان فقط منذ مونديال 2022.
وإذا كان سكالوني اللاعب الدولي السابق بات مشهوراً أقله في السنوات الخمس السابقة فإن نظيره مدرب كولومبيا نيستور لورينزو بالكاد أصبح معروفاً في الآونة الأخيرة من خلال النتائج الرائعة للكافيتيروس، فهو لم يخسر أي مباراة خلال عامين بالتمام والكمال من تسلمه المهمة خاض خلالها 25 مباراة والأهم أنه قاد المنتخب الكولومبي إلى نهائي كوبا أميركا للمرة الثالثة والأولى منذ تتويجه باللقب عام 2001 تحت قيادة المدرب الشهير فرانشيسكو ماتورانا، وسبق للمدرب البالغ من العمر 58 عاماً أن مثل منتخب التانغو بين عامي 1988 و1990 كان عضواً في المنتخب الذي خسر نهائي المونديال أيامها إلا أنه لم يكن مدرباً رئيساً لأوقات طويلة وكان مساعداً لمدربي كولومبيا بين 2012 و2019 قبل أن يعيده الاتحاد الكولومبي مدرباً عاماً في 9/7/2022.
النهائي السابع عشر
طوال أكثر من خمسين عاماً كانت بطولة كوبا أميركا تقام بطريقة الدوري من مرحلة واحدة على اعتبار أن المنتخبات المشاركة كانت قليلة وحتى عندما ارتفع العدد إلى ثمانية كما في نسخة 1967 على سبيل المثال جرى تقليص العدد إلى ستة عبر مواجهتي تصفية أو (بلاي أوف) وعندما اكتمل العدد إلى 10 (المنتخبات المنضوية تحت لواء الكونيميبول) جرى تقسيم المنتخبات إلى ثلاث مجموعات يتأهل أبطالها إلى نصف النهائي إضافة إلى البطل السابق، وبذلك أقيم أول نهائي تتويجي في نسخة 1975 بطريقة الذهاب والإياب كما كل مواجهات المنتخبات المتبارية، وبقي هذا النظام قائماً حتى نسخة 1987 حيث اقتصر النهائي على مباراة واحدة وخاصة أن البطولة أقيمت في دولة واحدة، ولأن نظام حسم المباريات من خلال فارق الأهداف أو ركلات الترجيح فقد أقيم نهائي 1975 و1979 ذهاباً وإياباً ما أدى إلى مباراة فاصلة وحتى عندما انتهت المباراة الفاصلة في 1979 بالتعادل عاد المنظمون لفارق الأهداف.
وعاد نظام البطولة إلى الدوري من مرحلة واحدة في الدور الثاني لنسختي 1989 و1991 قبل أن تعود المباراة النهائية (مباراة تتويج) في نسخة 1993 وحتى الآن مع اختلاف عدد المنتخبات المشاركة وكذلك سنوات إقامة البطولة، وشهدت 16 نسخة سابقة مباريات نهائية وفيما يلي بعض الأرقام المسجلة فيها:
– 21 مباراة يمكن إدراجها ضمن المباريات النهائية انتهى منها 6 مباريات بالتعادل ووصل أربع منها إلى ركلات الترجيح، فتوجت الأورغواي على حساب البرازيل 1995 بنتيجة 5/3 والبرازيل على الأرجنتين 2004 بنتيجة 4/2 وتشيلي على الأرجنتين عام 2015 بنتيجة 4/1 و2016 بنتيجة 4/2، علماً أن ثلاث مباريات منها انتهت بلا أهداف.
– النتيجة الأعلى كانت 3/صفر وتكررت أربع مرات، الباراغواي على تشيلي في ذهاب نهائي 1979 والبرازيل على الأورغواي 1999 والبرازيل على الأرجنتين 2007 والأورغواي على الباراغواي 2011، أما النهائي الأغزر فقد شهد 4 أهداف وتكرر هذا الرقم 3 مرات، ففاز المنتخب البرازيلي على البوليفي 3/1 عام 1997 وعلى البيرو بالنتيجة ذاتها، وتعادل منتخبا البرازيل والأرجنتين 2/2 في نهائي 2007.
– فاز المنتخب البرازيلي 5 مرات عبر المباريات النهائية مقابل 4 مرات للأوروغواي ومرتين للأرجنتين وتشيلي، في حين المنتخب الأرجنتيني الأكثر هزيمة بواقع 4 مرات مقابل 3 مرات للبرازيل.
سيرياهوم نيوز1-الوطن