فادية مجد :
في يوم المرأة العالمي والذي يصادف في الثامن من آذار من كل عام نتساءل هل يكفي المرأة تخصيص يوم لها والتغني به لنقول إنها نالت كافة حقوقها ومن حقها التباهي بهذا اليوم والاحتفاء به؟! وهل الشعارات الرنانة التي تطلق في مثل هذا اليوم إن لم تطبق على أرض الواقع كفعل إنصاف وتقدير وإيمان حقيقي بعظيم دورها لها معنى وأهمية كبرى ؟!مهما قيل عن أن المرأة أخذت حقوقها وتقلدت مناصب، يبقى مجتمعنا هو مجتمع ذكوري بحت، فمازالت هناك عقول متحجرة تحارب المرأة ، ومازال هناك حرمان لحقوقها في الميراث، ومازالت بنظر أهلها مهما بلغت من مكانة وعمر ضلعاً قاصراً وسندها أي رجل ، دون التفكير بالتوافق الفكري والعاطفي في ذلك الرباط المقدس .ما زالت المرأة المطلقة عند من تفكيرهم فيه لوثة، هي امراة ناشز ومتمردة، والأرملة بنظرهم لقمة سائغةوالصغيرة سناً سهلة المنال، والتي تأخر نصيبها ولم تتزوج فتاة معقدة ومغرورة أو هي فتاة سيئة السمعة، والمتزوجة ( نفّقت حالها ) ؟!ما زالت المرأة والأنثى مهما بلغت سناً وقدراً، ممنوع عليها أن تطالب بحقوقها أو أن تعبر حتى عن مشاعرها النبيلة ، ومازالت المرأة الناجحة مهنياً ، والتي تهتم بعملها وتتابعه ، تتهم اتهامات باطلة، وتتعرض للافتراء والنميمة من قبل الرجل والمرأة على حد سواء .مازالت المرأة تتعرض للتعنيف اللفظي والجسدي ومطلوب منها أن تلتزم الصمت المطبق وألا تبوح بوجعها ، وأن تصبر وتتحمل من أجل الاطفال إن كانت متزوجة ، أو كرمى سمعة العائلة إن كانت عازبة او مطلقة ..نتكلم بلسان كثيرات التقينا بهن ، وعبّرن بشفافية مطلقة عن أوجاعهن، رافضات ذكر اسمائهن ..فيما عبّرت بعض السيدات عما يعنيه هذا اليوم ، فماذا قلن وماهي رسائلهن ..؟
المرشدة النفسية تهامة المعلم ذكرت لنا رأيها بهذا اليوم قائلة : يحتفل العالم في الثامن من آذار من كل عام باليوم العالمي للمرأة، والسؤال الذي يطرح هل هذا اليوم يحمل أهمية خاصة به ، وهل فعلا تحتاج المرأة ليوم في العام لنتذكر وجودها .؟وأضافت : من خلال مسيرتي وجدت أن أغلب النساء والفتيات ، لا تروق لهن فكرة اليوم العالمي للمرأة والاحتفاء به ، وهن مازلن يعانين في مجتمع محكوم بأعراف وتقاليد بالية ، إضافة لعدم دعمها بالقوانين التي تنصفها اجتماعيا ، فعلى الرغم من أن المرأة حققت نجاحاً مهنياً وعملياً ، إلا أن هناك فجوة كبيرة بينها وبين الرجل ، ومازال ينقصها الكثير ، في مجتمع لم ينصفها ، إضافة لتعرضها للعنف بكافة أشكاله .وختمت المعلم كلامها بالقول : العيد الحقيقي للمرأة هو مساواتها بالرجل ، وانصافها معنويا وتخليصهامن الاعراف والتقاليد البالية ، والتي حكمت عليها وكأنها عورة، وكل ذلك لايكون إلا من خلال تعزيزها ودعمها بالافعال وليس بالاقوال والشعارات فقط.
الأستاذة هيام خليل قالت : الحديث عن حقوق المرأة هو طويل وشائك ، فالمرأة في مجتمعنا لها جوانب مشرقة وجوانب مؤلمة، أما المشرقة فقلة قليلة من النساء اللواتي حصلن على حقوقهن ، ووصلن إلى مواقع قيادية في مجالات مختلفة تألقن وأبدعن فيها.ولفتت خليل الى أن الجوانب المؤلمة التي تعيشها المرأة ليست بصورة وبمستوى واحد ، فهي تختلف بين المدينة والريف ، وبين الطبقة الميسورة والمتوسطة والفقيرة ، وبين المرأة العاملة وغير العاملة وهذا كله يعود إلى البيئة وبنية المجتمع .
وأضافت : نعيش في مجتمع ذكوري السلطة فيه للرجل سواء كان أبا أو أخا أو زوجا أو ولدا ، وحتما ستلغى أغلب حقوق المراة ، فسطوة الرجل أحيانا والرضوخ للعادات والتقاليد وربما الموروث الديني والروحي وربما العامل الاقتصادي وأحيانا جهل المرأة نفسها ، وعدم رغبتها في الخروج من عباءة الرجل ، هي مجمل الأسباب التي تؤدي لضياع حقوق المرأة وتعريضها للتعنيف الذي تعاني منه سواء في أسرتها أم لدى زوجها ، وقد يكون هذا التعنيف لفظيا أو جسديا .ورأت خليل أنه حتى تحصل المرأة على حقوقها يجب أن نبني مجتمعا متقدما ومتحررا من الموروث التقليدي والتمييز بحق النساء ، وإقامة مساواة كاملة ، نبدأ بخطواتها الاولى من المنزل والمدرسة بتربية أولادنا وأجيالنا القادمة على مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة ، وحق التمتع بالحقوق التعليمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية في التعليم الرسمي وغير الرسمي ، وتشجيع التمثيل المتساوي للمرأة والرجل في الوظائف العامة وهيئات اتخاذ القرار بهذه الأمور ، عندها نستطيع ان نبني مجتمعا مثاليا متحضرا في حال كنا مقتنعين أن المرأة فعلا هي نصف المجتمع وهي التي تلد النصف الآخر.وهنا يحضرني قول أحدهم إذا أردت أن تعرف رقي أمة بأسرها فانظر إلى نسائها كيف تكون.
وختمت بالقول : ورغم كل الظروف أقول لكل امرأة في سورية كل يوم وأنت المعلمة والرسولة.
المحامية ريما محمود أشارت الى أن المشكلة الحقيقية ليست في معرفة المرأة لحقوقها ، بل في تمتعها لتلك الحقوق وممارستها على أرض الواقع وامكانية خروجها من الظروف القاهرة التي توضع فيها أو التي تعيشها ، فمعظم نسائنا على اطلاع كامل لتلك الحقوق ، ولكنهن لاينلنها سواء بما يخص الكرامة او العمل او النفقة او الحضانة، فترى المرأة صامتة وتقبل بهذا الوضع ، لأنها لاتملك سنداً ومجتمعاً يساعدها ويأخذ بيدها للخروج من كنف العنف الذي تعانيه كثيرات وإن كانت بعضهن لاتجاهر بتلك المعاناة فهي على سبيل المثال لاتستطيع حضانة اطفالها بسبب الفقر او عدم الحصول على عمل مناسب.. ورغم تطور القوانين التي أنصفت المرأة في كثير من المفاصل ، الا اننا نجد المرأة لاتزال تحت خط التطور الذي تطمح له القوانين ، لأنها لم تؤهل نفسيا وماديا و اجتماعيا بالشكل الكافي ، وفي حال كانت مؤهلة لذلك ، تنصدم بالمجتمع الذي يحاربها ولاينصفها بسبب الدين ربما واحيانا العرف ، وعلى سبيل المثال حرمانها من الميراث حتى ولو كانت وحيدة لوالديها وذلك بسبب معتقدات اجتماعية ، رغم أن الشرع أنصفها والقانون أنصفها بهذا الحق، الامر الذي يجعلها تقبل بحرمانها من الميراث برضا وقناعة ، لأن ردة فعل المجتمع أو العائله لها أصعب بكثير من حرمانها من حقها بميراث ، وكذلك الامر فيما يخص النفقة .وأضافت : صحيح أن القانون لم ينصفها تماما ، ولكن بعض التعديلات جاءت لمصلحتها ، لافتة الى أن بلدا يطبق الشريعة الاسلامية لن يطبق القانون الفرنسي كاملا ، إنما ياخذ بما يناسب مجتمعنا ولا يتعارض مع السنة الاسلامية وتعاليم القرآن الكريم .وأنهت محمود كلامها بالتأكيد على ضرورة النهوض بالمرأة من الناحية التعليمية والاقتصادية ، والذي يوازي تعديل القانون من حيث أهمية تطورهما وانعكاس ذلك عليها ثقة وتمكيناً اقتصاديا واجتماعيا.
وأخيرا عيد المرأة الحقيقي يكون عندما تتحرر من تفكير ونظرة العقليات البالية، ونأخذ بيدها ونعزز من قدرها وكرامتها أفعالا ، لاأقوالا، ونبلسم جراحها كافة ، فهي الأم والأخت والزوجة والحبيبة والزميلة والصديقة.
(سيرياهوم نيوز-الثورة٨-٣-٢٠٢٢)