أين الشعب السوداوي؟.. أين تلك المساحة السوداوية في الشعب الأردني التي طالما تحدّثت عنها نخب رسمية؟
هذا هو السؤال الذي طرحه علنا وبجرأة واضحة الكاتب الصحفي عمر كلاب ضمن حزمة من المقالات التي تحاول فهم وتفكيك ألغاز اندفاع الأردنيين على المستوى الشعبي بصورة عارمة لإظهار حماسهم وفرحهم المنضبط بمناسبة زفاف ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبد الله.
ووصل هذا الإبتهاج العارم إلى حد أن الأمير العريس نفسه أعلن مساء الجمعة في تغريدة إلكترونية خاصة وجديدة له عن شكره لكل أردني مشيرا إلى أنه شعر بأن الشعب الأردني تعامل معه الجميع منه كأخ أو ابن له.
مجددا سأل كثيرون أين تلك السوداوية التي اتهم به الشعب الأردني؟
في مقايسة الكاتب كلاب ما حصل من جملة منضبطة وطنيا تؤسس لحالة تقول بأن الشيفرة بين الملك الأردني والشعب خارج نطاق المساس.
لكن الطبقة السياسية أو ما وصفهم الكاتب بسكان الطبقات العليا هم الذين يوترون العلاقة ويسحبون من رصيد الاصلاح، مشيرا إلى أن المطلوب بعد المهرجان الوطني احتفالا بالأمير العريس ورموز السيادة لاستقرار الدولة الأردنية ومؤسسة العرش تغيير النهج حتى لا يبتلع المجتهدون في المنهج من أبناء الطبقة السياسية والمسؤولين النهج نفسه ويسحبون الرصيد.
عدّة مقالات ظهرت بجُرأة في الصحافة الأردنية تحاول تفكيك ألغاز المشهد الذي تفاعل معه الشعب الأردني كما لم يحصل من قبل في مسألة وملف زفاف ولي العهد حتى بات الأمر مدعاة لحيرة وإشادة وملاحظة رؤساء دول أخرى ووسائل إعلام ممتدة.
ولذلك يعبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أثناء استقباله وفدا رياضيا في رام الله عن تلك الفكرة وهو يبارك للعائلة الهاشمية عرس ولي العهد ويحيى الشعب الأردني على هبّته لإظهار وحدته خلف القيادة الأردنية.
كان مشهد الشارع الشعبي مفتوحا على كل احتمالات التحليل السياسي والقراءة العميقة.
وعضو مجلس الأعيان على السنيد قال إن هذه المبايعة الجديدة أو البيعة كما وصفها الوزير السابق أيمن المجالي تذكرنا بأن على المسؤولين السياسيين والتنفيذيين في الدولة بعد الآن والمؤسسات الرسمية تجنّب خدش العلاقة بين المؤسسة الملكية والناس.
شيء من هذا القبيل بحثا عن سوداوية المجتمع ألمح له وزير الثقافة والشباب الأسبق والكاتب والباحث الدكتور محمد أبو رمان حيث إشارات متراكمة تؤكد هنا بأن السوداوية ليست موجودة اطلاقا إلا عندما يتعلّق الأمر بتقييم الرأي العام للحكومات و الوزراء والأطقم الوزارية والمسؤولين التنفيذيين وأيضا مجلس النواب.
لذلك تُصادق المشاهد المنتظمة والمذهلة والتي أثارت الكثير من التساؤلات في عرس ولي العهد تلك المقولات التي كانت تُحذّر دوما من أداء تنفيذي وبرلماني ونخبوي يسحب في النهاية من رصيد النظام.
وخلال الزفاف قال الأردنيون كلمتهم بمسألة الرصيد فهم على العهد والوعد.
لكن الشكوى والتذمّر والضّجر من التأثير على هذا الرصيد بسبب اجتهادات الحكومات المتعاقبة وأزمة النخب والأدوات وهو أمر يعتقد أنه صدم حتى مراكز القرار وفاجأ الشعب الأردني بالطريقة مغادرته وفرحة في الشوارع احتفالا بولي العهد حتى كبار المسؤولين.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم