آخر الأخبار
الرئيسية » الزراعة و البيئة » قبل تعرّض أراضينا الزراعية ومواقعنا الحراجية للحرائق :إنفاق وقائي بكلفة قليلة أفضل من إنفاق علاجي بكلفة كبيرة..!!
Screenshot

قبل تعرّض أراضينا الزراعية ومواقعنا الحراجية للحرائق :إنفاق وقائي بكلفة قليلة أفضل من إنفاق علاجي بكلفة كبيرة..!!

 

عبد اللطيف شعبان

 

موسم الصيف بدأ وككل الأعوام، تبدأ الحرائق مبكرا بالتزامن معه، هذه الحرائق التي قد تنجم عن خطأ لسبب ما وكثير ما حدث ذلك، أو يحدث عمدا لغاية التخريب وقد ثبت حدوث ذلك في أكثر من مكان وزمان، أو تشتعل بسبب حرارة الجو العالية ووجود مواد قابلة لتوليد شرارة، وفي جميع هذه الحالات فإن حجم الخسائر والأضرار المتنوعة الأشكال قائمة وتختلف من حريق لآخر، وقد قضت الحرائق على آلاف الدونمات الحراجية ومئات الدونمات الزراعية، ونجم عن بعضها خسائر بشرية وحيوانية، وقد أفاد أحد الباحثين أن الحرائق أتت في عام / 2020 / على / 3 / مليون شجرة في سوربة، وأن مجمل الأضرار المتنوعة ( حرائق وغيرها ) التي لحقت بالغابات السورية من بدء الحرب الارهابية وحتى تاريخه أسفرت عن تناقص مساحة الغابات السورية من / 507 / ألف هكتار إلى / 150 / ألف هكتار، وكم لهذا التناقص من مخاطر بيئية واقتصادية كبيرة.

التراجع الكبير في أعداد الثروة الحيوانية ( الماشية ) تسبب في النمو الكبير للأعشاب ووصولها لمرحلة اليباس القابل للاشتعال، أكان ذلك في الأراضي الحراجية أو البائرة أو الزراعية، كما أن التراجع الكبير في المساحات المزروعة وخاصة عدم زراعة حقول الأشجار المثمرة ( بحجة أن الزراعات الحقلية تضرها ) تسبب أيضا بنمو كبير للأعشاب المؤهلة للحرائق، وقد جرت العادة في السنوات السابقة أن يقوم أغلب أصحاب الحيازات بتنظيف حيازاتهم من الأعشاب، وأن تقوم بعض وحدات الادارة المحلية بتنظيف بعض الأماكن من الأعشاب وخاصة جوانب الطرقات، ماساعد جزئيا في الحد من عدد الحرائق وتخفيف الضرر الناجم عن حدوث بعضها، إلا أن هذا العام يشهد القليل من ذلك، فأعداد غير قليلة من مالكي الحيازات – وتحديدا غير المقيمين بقربها – لم ولن يبادروا لتنظيف حيازاتهم بسبب ارتفاع أجور اليد العاملة وارتفاع سعر القشاشة ( التي أصبح سعرها حوالي مليون وربع بدلا من ال / 25 / ألف في السنوات السابقة ) عدا عن ارتفاع أسعار الوقود اللازم لها، وأيضا يلاحظ ضعف قيام الوحدات الادارية بالتنظيف الواجب للأعشاب على جوانب الطرق ضمن قطاعها، والذي كان معتادا قبل سنوات، أكان إهمالا أو بحجة عدم وجود رصيد مالي لديها يغطي ذلك، نظرا لافتقادها الدخل المعتاد الذي كان يردها عن طريق رخص البناء، والذي توقف شبه كليا في العديد من الوحدات الإدارية نظرا للارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء، ونتيجة الأثار السلبية للقرار الذي قضى بالزام صاحب الرخصة التعاقد مع مقاول لتنفيذها .

أسباب الحرائق قائمة بسبب الأعشاب القابلة لذلك بكثرة في كثير من الأمكنة، بما في ذلك جوار وداخل حرم الكثير من المنشآت العامة والبيوت السكنية، حتى أن بعض الطرق الضيقة ضاقت من تطاول الحشائش على جانبيها، وبالتالي فمقتضيات المصلحة العامة والخاصة تتطلب ضرورة قيام الجهات الرسمية والمجتمع الأهلي بالحد الأدنى من إزالة هذه الأعشاب كإجراءات وقائية للتحفيف من عدد الحرائق ومن أخطار ما يحدث منها، ومهما كانت كلفة هذه الاجراءات فإنها بالتأكبد ستكون أقل كلفة من الإجراءات العلاجية حال حدوث الحريق، وحيث أنه يبدو من الصعوبة بمكان التنظيف الكامل للأعشاب – وبغية تفعيل دور الإدارة المحلية -أقترح أن يتم العمل على إصدار تشريع دائم واجب التنفيذ يقضي بتوجيه أصحاب الحيازات وأصحاب العقارات الخاصة والعامة بضرورة تنظيفها من الأعشاب القابلة للاشتعال كليا أو جزئيا خلال شهر حزيران، وتكليف وحدات الإدارة المحلية، بالتعاون مع الجمعيات الفلاحية ومجالس الأحياء والارشاديات الزراعية ومراكز الحراج، تشكيل لجنة تطوعية أو أكثر ضمن قطاع كل وحدة إدارية ( حسب حجم الوحدة الإدارية السكاني واتساعها الجغرافي ) على أن تقوم اللجنة في العشر الأول من تموز بجولة ميدانية ضمن القطاع الجغرافي المخصص لها، وتحدّد وتوصّف الأماكن التي لم يتم تنظيفها، والأكثر احتمالا بالتسبب بحدوث حرائق أو قد تساعد في توسُّع انتشارها وزيادة خطرها، وتضع تقريرها في مجلس الوحدة الإدارية الذي عليه تكليف الجهة مالكة المكان ( حائز فردي أو جهة خاصة أو رسمية)، بموجب كتاب رسمي يلزم مضمونه وجوب التخفيف الكبير من الأعشاب الموجودة في المكان، بشكل كلي أو تقطيعها والفصل بينها منعا لمزيد من انتشار النار حال حدوثها، وأن يقع على عاتق الوحدة الإدارية تنظيف مماثل لجوانب الطرقات والحداق والساحات الموجودة ضمن قطاعها، وأن يكون مالكي الحيازات الزراعية والبيوت السكنية مسؤولين عن تنظيف ما يخصهم، أما ما يخص المناطق الحراجية وأملاك الدولة وجوائب الأبنية العامة وعقاراتها فيقع ذلك على عاتق الجهات صاحبتها، وحبذا أن يتم هذا الاجراء في قطاعات جميع الوحدات الادارية وخلال الأيام القادمة قبل مضي النصف الأول من تموز، وعلى أن يتم لاحقا تأكد مجلس الوحدة الإدارية من التنفيذ الفعلي لهذه الاجراءات، وتحت طائلة العقوبة اللازمة، فالمقصر في تنفيذ الإجراء الوقائي يعتبر أحد المسببين.

فالتنبؤات الجوية تقول بالمزيد من الحرارة وخاصة خلال شهر آب، وحيث أنه من المعتاد أن جمبع الجهات تتكاتف بالعرق والدموع والخوف لإطفاء الحرائق عند وقوعها والتباكي على الخسائر، فعلى أي منها بل وجميعها عدم التململ من تبعات هذا الاقتراح الوقائي التي هي أقل عناء بكثير من عناء إطفاء الحريق، بل عليها أن تقدر جدواه وأهميته – جماليا وبيئيا وصحيا – إذ هي خدمة واجبة قبل أن تكون وقائية بغض النظر عن الخوف من الحرائق، وتنفيذ الاجراءات الوقائية يكون مكلل بالفرح والابتسامة ولا يحتاج إلا لساعات في كثير من الأمكنة، ولكن إجراءات إطفاء الحريق قد تحتاج في كثير من الحالات إلى أيام بعد أن تكون النار فعلت فعلها وتابعت سيرها، وقد تكون سيارات الاطفاء المطلوبة لإطفاء الحريق غير جاهزة أو مشغولة في إطفاء حريق آخر.

إن تنفيذ هذا الاقتراح يحب أن يكون بالتوازي مع شق طرق زراعية وحراجية تشكل فواصل في المناطق القابلة للاشتعال، وتسمح بوصول الآليات المساعدة في التخديم وفي الاطفاء، وقد أفاد أحد الباحثين بأهمية غرس المزيد من أشحار الصبر ذات الثمرة الطيبة على استقامة واحدة، إذ أنها تشكل مصدات فاعلة للحد من انتشار النار، وكم هي في مكانها الحكمة القائلة ” درهم وقاية خير من قنطار علاج “.

* عبد اللطيف عباس شعبان / عضو حمعية العلوم الاقتصادية السوريه

(موقع سيرياهوم نيوز-١)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مدير عام أكساد يبحث علاقات التعاون مع القائم بالأعمال بالإنابة في سفارة جمهورية السودان بدمشق

  ضمن إطار التعاون والتنسيق المستمر، التقى سعادة الدكتور نصر الدين العبيد المدير العام لمنظمة المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة “أكساد” مع سعادة ...