يحضر الملف السوري اليوم، على طاولة النقاش الأميركية الغربية في العاصمة الإيطالية روما، والتي تستضيف اجتماعاً لما يسمى «المؤتمر الوزاري الموسع الخاص بسورية»، وسط محاولات أميركية مستميتة لتمرير أجندتها المرتبطة بما بات يعرف بـ «معركة المعابر» الهادفة لتمديد العمل بآلية إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، والتي ستشهدها أروقة مجلس الأمن الشهر المقبل.
اجتماع روما الذي سيترأسه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ويحضره 15 من نظرائه في مجموعة السبع الكبار (كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، بريطانيا، الولايات المتحدة)، والمجموعة المصغرة (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، مصر، السعودية، الأردن)، وتركيا وقطر والاتحاد الأوروبي، والمبعوث الأممي غير بيدرسون، إضافة إلى إيرلندا والنرويج المسؤولتان عن الملف الإنساني في مجلس الأمن، حرصت الولايات المتحدة على تحميله ما يكفي من رسائل الضغط والمواجهة عبر توجيه الدعوة لجامعة الدول العربية للحضور لبحث مسألة التطبيع مع دمشق، حيث بدا الموقف الأميركي واضحاً تجاه هذه المسألة ومشروطاً بصورة مباشرة بتمرير أجندة «المعابر».
مصدر دبلوماسي غربي اعتبر في تصريح لـ«الوطن»، بأن الموقف الأميركي تجاه ملف التطبيع العربي مع سورية وتجاه مسألة المعابر لا جديد فيه، وكل التحركات والتصريحات الأميركية الأخيرة تأتي في سياق منع فيتو روسي جديد في مجلس الأمن، ولاسيما أن المطلب أو ما بات يعرف بالمقايضة الأميركية تقوم على مبدأ تمرير قرار يمدد العمل بالآلية القائمة فيما يخص معبر باب الهوى ويطالب بفتح معبرين إضافيين.
المصدر اعتبر في تصريحه لـ«الوطن»، بأن الإصرار الأميركي على فتح المعابر غير الشرعية يكشف رغبة واشنطن بمواصلة العدوان على سورية واستمرارها نهب ثروات السوريين والذي يتم يومياً بإشراف ورعاية أميركية مباشرة.
وبيّن المصدر أن انعقاد مؤتمر روما يكشف عدم وجود تفاهمات بين الجانب الأميركي والروسي حول الشأن السوري، معتبراً أن المؤشرات تدل حتى الآن بأن روسيا التي استخدمت 11 فيتو حتى الآن ماضية في موقفها تجاه مسألة المعابر وهذا ما عبرت عنه تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في الرسالة التي وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش والتي نشرتها وكالة «أسوشتد برس»، حيث عبر فيها عن عدم رضا بلاده على تقارير الأمم المتحدة حول عدم وجود بديل لإيصال المساعدات الإنسانية إلى شمال غرب سورية، دون عبورها من تركيا إلى داخل الأراضي السورية. مؤكداً «إصرار موسكو على إمكانية تسليم المساعدات عبر خطوط النزاع داخل البلاد»، كذلك اعتبر لافروف خلال مؤتمر صحفي، أن دول الغرب مسؤولة عن تردي الوضع الإنساني في سورية.
التحركات السياسية الأميركية وازتها تحركات ميدانية حثيثة يقودها النظام التركي والذي تابع نهجه العدواني ذاته عبر ميليشياته وتنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي بتسخين المنطقة واتهام الجيش العربي السوري وقوات الجو الروسية بالتصعيد، وعينه على الاجتماعات و»الاستحقاقات» المرتقبة لتمرير قرارات تخدم أهدافه.
وخلال الأيام الثلاثة الماضية، استهدفت ميليشيات «الفتح المبين»، والتي تقودها «النصرة» وما تسمى «الجبهة الوطنية للتحرير» وتشرف على العمليات في إدلب، نقاط ارتكاز الجيش العربي السوري على طول خطوط التماس من جبل الأكراد ومدينة سلمى بريف اللاذقية الشمالي مروراً إلى سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي وجنوب جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي ووصولاً إلى مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي وحتى ريف حلب الغربي من دون استثناء جبهات ريف حلب الشمالي جنوبي عفرين وريف حلب الشمالي الشرقي في محيط منبج والباب، حسب قول مصدر ميداني لـ«الوطن».
خبراء عسكريون أكدوا لـ«الوطن»، أن من دلالات التصعيد التركي الأخير، توجيه رسائل للدول الغربية والولايات المتحدة وبمكاسب سياسية وميدانية تحت عنوان «الملف الإنساني»، تزامناً مع مؤتمر روما اليوم، وأضاف الخبراء: ينتهز النظام التركي الفرصة قبيل انعقاد أي جولة من مسار «أستانا» لتصعيد الأعمال العسكرية في «خفض التصعيد»، لتبرير استمرار وقف إطلاق النار، الذي تعمد ميليشياته إلى خرقه باستمرار، وهو ما يفعله راهنا قبل الجولة المقبلة الـ١٦ من المسار المقرر بين ٦ و٨ الشهر القادم.
(سيرياهوم نيوز-الوطن)