آخر الأخبار
الرئيسية » تربية وتعليم وإعلام » قراءةٌ في فكرِ الأسد: برسمِ الصحافةِ الوطنيةِ الرسميةِ وغيرِ الرسمية.

قراءةٌ في فكرِ الأسد: برسمِ الصحافةِ الوطنيةِ الرسميةِ وغيرِ الرسمية.

 

كتب د. المختار

لا شكَّ أنَّ الرئيسَ الأسدَ يرسمُ استراتيجيةً جديدةً تنطلقُ من الواقعِ وتحدياتِه، وتراعي مقتضياتِ هذه المرحلةِ الحساسةِ التي تمرُّ بها سورية داخلياً وخارجياً، وانطلقَ يُظهِّرُ هذه الاستراتيجيةَ من خلالِ اللقاءاتِ المكثفةِ التي يعقدُها مع مختلفِ الشرائحِ والنخبِ من المجتمعِ السوري محملاً إياهم المهامَ، وراسماً لهم ملامحَ التوجهِ الجديدِ للنهوضِ بالبلدِ ومواجهةِ التحدياتِ والصعوباتِ. محاورُ كثيرةٌ جداً طرحَها ورؤى قدّمَها للتفاعلِ والانطلاق.

وكان للصحفيين نصيبٌ كبيرٌ من تلك اللقاءاتِ فقد تمحورَ حديثُ سيادتِه معهم حولَ طيفٍ واسعٍ من المفاهيمِ، سنتعرضُ في هذا المقالِ لمفهومٍ واحدٍ منها طرحَه #الرئيسُ_الأسدُ على شكلِ سؤالٍ على الصحفيين، وهو هل يجبُ على الصحفي أن يقفَ مع الدولةِ، أم يجبُ أن يقفَ مع الناس…؟
بعضُهم أجابَ، يقفُ مع الدولةِ، وبعضُهم أجابَ يجبُ أن يقفَ مع الناسِ. وكان ردُّ سيادتِه لهم كلا الإجابتين خطأ…
يجب ألّا تدافعَ عن الدولةِ، وألا تدافعَ عن الناسِ إنما يجبُ أن تدافعَ عن: (الحقِّ والحقيقةِ). فما هي الرسائل والتأكيدات التي أراد الأسدُ إيصالها…؟

هناك علاقةٌ جدليةٌ قائمة على تبادلٍ فعلي التأثّرِ والتأثيرِ بين #الصحفي_والمجتمع والدولة، أي الصحفي يتأثرُ بالناسِ ويؤثّرُ في الدولةِ، والعكسُ صحيحٌ، علاقةٌ تفتحُ لنا نافذةً واسعةً على رؤيةِ الرئيسِ الأسدِ للكيفيةِ التي يجبُ أن يتعاملَ بها الإعلامُ مع مفرداتِ الأزمةِ وكيفيةِ مقاربتِها.

من أيّ منظورٍ لا يجبُ على الصحفي أن يقفَ مع الناسِ وكيفَ…؟

أولاً: – لأنَّ وقوفَه مع الناسِ ربما يدفعُهم للتصفيقِ له عندما يتطرّفُ في التعبيرِ عن أفكارِهم حتى ولو كانت أفكاراً عبثيةً، وهذا لا يؤدي إلى نتيجةٍ حقيقيةٍ أو تغييرٍ إيجابي على أرضِ الواقعِ. فالأهميةُ القصوى التي ينهضُ بها الإعلامُ في العالمِ المعاصرِ نابعةٌ من كونِه صلةَ الوصلِ للعلاقةِ اليوميةِ بين المسؤولِ ومؤسساتِ الدولةِ من جهةٍ، وبين المواطنِ من جهةٍ ثانيةٍ، عبرَ نقلِه الحدثَ ذا التأثيرِ العامِّ في المجتمع.

ثانياً: – هناك خطورةٌ في هذه الحالةِ أن يقعَ الصحفي ضحيةَ الشعبويةِ سواءٌ عن قصدٍ وهذه سقطةٌ مهنيةٌ، أو عن غيرِ قصدٍ وهذا يُعدُّ جهلاً لا يستحقُ صاحبُه أمانةَ المهنةِ، ويوجدُ لدينا الآن بعضُ هذه الحالات.

ثالثاً: – عندما يتطرّفُ الصحفي في مهاجمةِ الدولةِ والدفاعِ العبثي عن الناسِ فهناك كثيرٌ من الأقلامِ الصفراءِ ستتلقفُ المادةَ وتنشرُها من بابِ التشهيرِ، وتقولُ هذا “إعلامُ النظامِ” الذي يتحدثُ وليس نحن، ونكون قدمنا لهم مادةً مجانية.

رابعاً: – يجبُ على الصحفي أن يتمتعَ بنظرةٍ واسعةٍ قائمةٍ على الإلمامِ بالموضوعِ الذي سيُعرضُ له وخلفياتِه من خلالِ تعدّدِ المصادرِ، ومنها نقلُ معاناةِ الناسِ الحياتيةِ والمعيشيةِ، لكن عليه أن يكونَ عالماً وملماً بما يحصلُ في البلدِ من حصارٍ جائرٍ وشحٍّ في المواردِ أدّت إلى أن تديرَ مؤسساتُ الدولةِ مواردَها عن قلةٍ وليس عن وفرةٍ..
وبإمكانِه إجراءُ مقاربةٍ بسيطةٍ بين مرحلةِ ما قبلَ الحربِ وما بعدَها.

وهنا لا نعني أبداً ألّا يتعرّضَ لحالاتِ الفسادِ الموثقةِ.

خامساً: – والأهم يجبُ على الإعلامي ألّا يبحث عن إحداث #ضجَّة_إعلامية لإرضاء الشارعَ بهدفِ تحقيقِ #ترند، أو #سبق_صحفي أو زيادةِ عددِ #اللايكات وعدد المشاهدات، أو الانتقادِ لمجردِ الانتقادِ وإرضاءِ الناسِ وتحقيقِ الشعبيةِ، فليس كل مايُطرح في الشَّارع دقيق أو صحيح، بل عليه طرحُ المعطياتِ الواقعيةِ الموثقةِ والمستندة على وثائق وبيانات خطط الدولة، مواردها واحتياجاتها، لأنَّ الإفراطَ في نقلِ معاناةِ الناسِ بغيابِ شرحِ وجهةِ نظرِ الدولةِ قد يصلُ إلى حدِّ التحريضِ وزيادةِ نقمةِ الناسِ على الدولة.

سادساً: – إنَّ مسؤوليةَ وحساسيةَ الرسالةِ الإعلاميةِ قد تضاعفَت في ظلِّ #العولمةِ وثورةِ الاتصالاتِ، وأصبحَت الحربُ حربَ إعلامٍ في المقامِ الأولِ، وأنَّ الحربَ الإعلاميةَ أصبحَت قادرةً على تشكيلِ #الرأي_العامِّ وقيادته، سواءٌ بالقضايا الخارجيةِ أو المحلية.
إضافةً إلى “الهاشتاكات” التي تبحث عن ترند على حساب الحقيقة، وهنا تكمنُ أهميةُ الإعلامِ الوطني ومسؤوليتُه في هذه المرحلةِ الصعبةِ في تصويب الموقف وإظهار الحقيقة والدفاع عنها، في ظلِّ الحصارِ الاقتصادي الجائرِ والأزماتِ الدوليةِ الملتهبةِ في معظمِ أنحاءِ العالمِ لتشكيلِ رأي عامٍّ واعٍ ومدركٍ لما يدورُ حوله.

من أيّ منظورٍ لا يجبُ على الصحفي أن يقفَ مع الدولةِ وكيف…؟

أولاً: – يجبُ على الصحفي أن يتحلّى بالأمانةِ والمصداقيةِ في حملِ مسؤوليةِ الرسالةِ وأمانةِ المهنةِ التي تقعُ على عاتقِه. فكما يجبُ عليه عدمُ العملِ على إرضاءِ رغباتِ الشارعِ غيرِ الواقعيةِ، فإنّه في الوقتِ ذاتِه عليه تناولُ سلبيات مؤسساتِ الدولةِ بمهنيةٍ وحياديةٍ تستندُ إلى المعلوماتِ الدقيقةِ التي من المفترضِ أنّه تبحَّرَ في الاستقصاءِ والبحثِ عنها وربطِ الأحداثِ واستنتاجِ معطياتِ الواقعِ، وعدمُ التسترِ على الحقيقة بهدفِ تحقيقِ بعضِ المنافعِ الشخصيةِ من مسؤولٍ هنا أو مسؤولٍ هناك، أو الطعن بآخر لقاء منافع أخرى، بل عليه تسليطُ الضوءِ على الخطأِ بحياديةٍ بهدفِ الإصلاح، كائناً من كان المخطئ.

ثانياً: – عدمُ إغفالِ الدورِ الفاعلِ للإعلامِ في كشفِ الفسادِ وتعريته وعدمُ التسترِ على العيوبِ والنواقصِ المستندِ إلى معلوماتٍ وحقائقَ حتى يكونَ إعلاماً مسؤولاً بحق.

ثالثاً: – عدمُ الإفراطِ في الدفاعِ عن مؤسساتِ الدولةِ بتعصبٍ وتطرّفٍ وبعيداً عن الحوارِ، لأنَّ هذا الدفاعَ يؤدي إلى نفورِ الناسِ وضجرِهم من متابعةِ وسائلِ الإعلامِ الوطنيةِ، ويؤدي إلى ردةِ فعلٍ عكسيةٍ تؤدي بالناسِ إلى مقاطعةِ وسائلِ الإعلامِ الوطنيةِ واتهامِها بالخطابِ الخشبي، والبحثِ عن الخبرِ والمعلومة في وسائلَ أخرى.

إذاً ماذا على الإعلامِ الوطني أن يفعل…؟

بمنتهى البساطةِ ينقلُ الحقيقةَ المجرَّدة بوجدانيةٍ بعيداً عن الأهواء والتكتلاتِ والتحزّباتِ الضيقةِ، ويعملُ على تشكيلِ خارطةٍ للذاكرةِ الوطنيةِ لدى جمهورِه، وأن يعملَ على عرضِ وجهتي نظرِ الفريقين من أجلِ وضعِ مقارباتِ الالتقاءِ إن توفّرت، وإن لم تتوفّر فعليه أن يدعمَ الرؤيةَ التي تخدمُ المصلحةَ العامة..

لا تفوتُنا الإشارةُ إلى أنَّ الإعلام الوطنيّ السوري شأنُه شأنُ القطاعاتِ الحكوميةِ الأخرى تعرّضَ للغزو الهمجي الفاضحِ نفسِه من قبلِ الطارئين والخائضين في ميادينه المتنوعةِ، وإلى حالاتِ مصادرةِ الرأي أو التهديدِ بالقتلِ، وقدّمَ الإعلام السوري كثيراً من ا.لشهد.اءِ والجر.حى، كان استهدافُهم لإسكاتِ صوتِ الحقِّ ولمنعِهم من نقلِ الحقيقةِ وفضحِ جر.ا.ئمِ الإ.ر.ها.بيين والمتآمرين.

وبالمقابلِ هناك عددٌ كبيرٌ من مواقعِ التواصلِ المعا.ديةِ قد غادرَت شرفَ المسؤوليةِ الصحافيةِ مبكراً، وليس بخافٍ علينا أسماءُ تلك الصحفِ ورؤساءِ تحريرِها والجهاتِ التي تقومُ بتمويلِها، ولازالت مصرةً على النيلِ من سوريةَ بكلِّ مقوماتِها. هذا الأمرُ يجعلُنا نشعرُ بخطرِ برمجةِ العقولِ لأهدافٍ خبيثةٍ، واستغلالِ ضعافِ النفوسِ، واستغلالِ سقطاتِ بعضِ الإعلاميين الوطنيين بهدفِ جعلِ الناسِ تصلُ حدَّ اليأس.

وهنا نثبتُ إيمانَنا بثلةٍ من الإعلاميين السوريين الشرفاءِ الذين مازالوا مكافحين منافحين مدافعين عن الحقوقِ ولم يخضعوا لمزادِ وسوقِ بيعِ وشراءِ الأقلامِ الرخيصةِ، كما أنّهم لم يفقدوا الأملَ بالغدِ وبمستقبلِ سورية.

فقد رأينا وسائلَ إعلامٍ كثيرةٍ ظلّت أمينةً على رسالتِها الوطنيةِ، ونهجِها الواضحِ في خدمةِ الوطنِ والمواطنِ رغمَ تبدّلِ الأحوالِ، وشاهدَنا العديدَ من #الإعلاميين_الوطنيين ممن تركَ العملَ في وسائلِ الإعلامِ العالميةِ وعادَ إلى سوريةَ في خضمِّ الأزمةِ رفضاً منه لسياساتِ تلك الوسائلِ الإعلاميةِ المعاديةِ لسوريةَ.
رغم ما كان يحصلُ عليه من دخولٍ عاليةٍ وما عُرضَ عليه من مغرياتٍ، وهناك من رفضَ عروضاً للعملِ في وسائلِ إعلامٍ خارجيةٍ ورفضَ مغادرةَ القطرِ، مع ما كانت تتضمنُ تلك العروضُ من رواتبَ مغريةٍ مقارنةً مع ما يعيشُه من محدوديةِ الدخلِ هنا، ونحن إذ نسلطُ الضوءَ عليها هنا فهو من بابِ الإنصافِ.

(سيرياهوم نيوز ٢-صفحة الكاتب)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

قانون اتحاد الصحفيين… ندوة حوارية‏ في دار البعث

دعا المشاركون في الندوة الحوارية التي أقامها فرع دمشق لاتحاد الصحفيين على ‏مدرج دار البعث تحت عنوان “ماذا يريد الصحفيون من قانون اتحاد الصحفيين” إلى تعديل ...