آخر الأخبار
الرئيسية » إدارة وأبحاث ومبادرات » قراءة في مجريات انتخابات مجلس الشعب

قراءة في مجريات انتخابات مجلس الشعب

عبد اللطيف شعبان

من الطبيعي والمعتاد أن تظهر تحالفات بين المرشحين أكانوا أحزابا أو أفرادا، عند كل استحقاق انتخابي، وقد جرت العادة في السنوات السابقة أن تعمل قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي بتشكيل قائمة الجبهة الوطنية التقدمية بدءا بتحديد أسماء البعثيين في القائمة على مستوى كل محافظة في ضوء العديد من الاعتبارات، وعلى أن يكون لقيادات بقية أحزاب الجبهة حق اختيارمن يرغبون من أعضائهم، على أن توزع حصصهم في قوائم الجبهة في جميع المحافظات بما يتناسب واستحقاق كل حزب في ضوء ثقله التنظيمي ومن ثم يتم إصدار قائمة الجبهة الوطنية في كل محافظة، مع ترك أسم أو أكثر ضمن كل فئة من فئتي المرشحين ( آ – ب ) لصالح المستقلين، ويختلف العدد المتروك للمستقلين بين محافظة وأخرى في ضوء العديد من الاعتبارات، وحيث أن انتخاب قائمة الحبهة مُلزمْ أدبيا للناخبين من المنتسبين لأحزابها، فقد جرت العادة تحقُّق نسبة عالية من هذا الالتزام حزبيا، بالترافق مع الالتزام الجماهيري المتعاطف بنسبة تقاربها – مع بعض التباين بين محافظة وأخرى – تواكبا مع ثقة الناس بهذه الأحزاب التي لها الحضور الأكبر بين أصحاب المهام القيادية في كافة السلطات الشعبية والتنفيذية والتشريعية، ولعقود خلت يندر أن حدث عدم نجاح النسبة الأكبر من قائمة الجبهةالوطنية.
لكن الجديد في هذا العام أن قيادة حزب البعث ارتأت أن يكون للقاعدة الحزبية دور في اختيار ممثلي الحزب في مجلس الشعب، واقترحت عليهم الترشيح لاستئناس فيما بينهم بهذا الشأن، ولكن هذا الاستئناس تجلى بعدم وجود ضوابط ومعايير لسوية المرشحين له، ما تسبب في كثرة عددهم الذي تجاوز في بعض المحافظات المئات لآحاد المقاعد المطلوبة،وقد تبين أن من بين المرشحين من لايتمتع بالأهلية القيادية ولا المعرفيه التي تدفع برفاقه لاختياره، وبعض من يتمتع بذلك لم يسبق له حضوره الاجتماعي الذي يدعمه، وبعض من يتمتع بالأهلية والحضورمعا، فإن شهرته محصورة بين من هم بسويته ولا يملك وسائل ومتطلبات الدعاية للتعريف بنفسه ونيل الثقة في أوساط أوسع، ما ترتب أن لعب هذا الدور عدد من المرشحين الذين يملكون بشكل كبيرهذه الوسائل واستطاعوا خلال أيام تحقيق حضور اجتماعي عند أغلب المشاركين في الاستئناس الحزبي بالطرق التي مارسها كل منهم، إذ مامن تعليمات حزبية قضت بتحديد وتقييد طرق وأشكال الدعاية التي من حق المرشح أن يمارسها، ما نجم عنه انشغال المرشحين والناخبين من الفرق الحزبية في الدعاية لعدة أسابيع، وقد أسفر الاستئناس عن نيل أعلى الأصوات لعدد من المرشحين ماسمح للقيادة الحزبية باختيار العدد المطلوب من بينهم لكل محافظة في ضوء الاعتبارات المطلوبة لتمثيلهم مناطقبا.
مع صدور قائمة الجبهة الوطنية التقدمية تكثفت الدعاية من المرشحين المستقلين وبوسائل وطرق متعددة لاقيود لها، وقد أسفرت عن حضور اجتماعي ملحوظ لبعضهم لم يكن مشهود لهم به من قبل، ومع بدء عمليات الاقتراع تكثف حضور مندوبيهم أمام المراكز الانتخابية، وكان لهم دور في تكثيف المشاركة الانتخابية، في حين لم يكن حضور بارز لممثلي أحزاب الجبهة قياسا بما كان عليه الحال في استحقاقات انتخابية سابقة.
وهنا أرى بعض الوقائع الأساسية التي يجب التوقف عندها في هذا الاستحقاق الدستوري وهي :
1 – عدم وجود شروط حزبية حددت توجّه لترشُّح سويات من ذوي الكفاءات والخبرات، ودون أي توجيه يحدد طرق الدعاية لكسب الأصوات، ما تسبب بترشُّح أعداد لاتتميز بذلك ولا فرصة لها بالفوز، ماأرهق المرشحين والناخبين الحزبيين حوالي شهر، والحال نفسه بالنسبة للمرشحين المستقلين ماأتاح ظهور حالات دعاية متنوعة فاجأت البعض بحجمها ونوعها.
2 – لوحظ ضعف أعداد المشاركين في هذا الاستحقاق الانتخابي قياسا بأعداد أكبر شاركت في استحقاقات سابقة، وكم يجب التوقفف عند هذه الظاهرة.
وهنا من الجائز السؤال هل من المعقول السماح لمواطن أن يرشّشح وليس له حظ 1% من النجاح، فالنتائج أظهرت أن بعض المرشحين لم يحصل على أي صوت أو حصل على صوت واحد أو عشرات أو مئات الأصوات فقط ( كما أو ضحت نتائج هذا الاستحقاق ) من أصل مئات ألاف المقترعين، فهل من حق هذا المرشح أن يشغل الناخبين والسلطات الرسمية لأيام بما لاطائل منه، عدا عما يرافق ذلك من نفقات وارهاقات تتحملها عدة أطراف، وهل من الجائز ألا يتم تحديد طرق ووسائل ممارسة الدعاية للمرشحين، اجتنابا لهدر الكثير من المال والذي قد يكون بعضه في غير مكانه، والأخذ بعين الاعتبار أن أفضل الدعاية تلك التي تتعطر بها سيرة المرشح منذ سنوات مضت من عمره، والتي أثرها متجذر ومثمر منذ سنين خلت، لادعاية عارضة قد تقفر بعد أيام تلت.
ما الذي يمنع من وجود جهة رسمية / تحت اسم ما / تُوكَلْ لها مهمة تقييم سوية المرشحين وتحدّد اختيار أحقية عدد منهم فقط، بحيث لايتجاوز ثلاثة أمثال العدد المطلوب نجاحه على غرار التقييم الذي جرى لمرشحي رئاسة الجمهورية في الدورة الأخيرة، يوم تم حصر عدد المرشحين بثلاثة فقط.
كل ذلك يجعل من المفترض ألا تمر مجريات انتخابات مجلس الشعب دون قراءتها وتقييمها من مراكز دراسات وبحوث رسمية وخاصة ( اللهم إذا كانت موجودة )، ومن باحثين مهتمين / من فئة الغيورين على الوطن ومواطنيه، الذين لايسكتون على الخطأ ولا يتسترون على العيوب والنواقص / للوقوف على وقائعها المثبتة ونتائجها الملفتة، وتحديدا بعض المفارقات الملحوظة بينها وبين ما سبقها من انتخابات في السنوات السابقة، بغية الاعداد لاجتناب حصول مفارقات أكبر وأخطر في استحقاقات انتخابية أخرى قادمة، وحقبقة الأمر أن الجميع ( سلطة ومرشحين وناخبين ) شركاء فيما أشرت له من ملاحظات وربما للسلطة النصيب الأوفر‘ إذ من المفترض أن تكون هي الناظم الأساس.
أوجه الشكر لجميع من شاركوا في العملية الانتخابية وأبارك لجميع الناجحين، والوطن لجميع مواطنبه ولكن خيره من أخيرهم
واختم بالقول:مع تقديري لمن حققوا أعدادا قريبة من الأعداد الي حققها أخر مرشح من الناجحين ….. لاأرى حكمة في فتح باب الترشح دون ضوابط تحدد سوية المرشحين، ……وإن يكن من حق كل مواطن أن يترشح…. ولكن ليس من حق المرشح أن يشغل الناخبين والسلطات بترشيحه البعيد جدا عن احتمالية النجاح ….. وأرى وجوب تكليف كل مرشح بتوقيع تعهد – يرفق مع طلب ترشيحه يتضمن تحمله المساءلة والتغريم حال لم يحقق على الأقل 10% من الأصوات التي حققها آخر مرشح من التاجحين……

*عبد اللطيف عباس شعبان / عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية
(موقع سيرياهوم نيوز)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

عودة خدمة الإنترنت إلى دير الزور والحسكة بعد إصلاح عطل في كابل ضوئي

أعادت الشركة السورية للاتصالات خدمات الإنترنت فجر اليوم إلى ‏محافظتي دير الزور والحسكة، بعد إصلاح العطل الذي وقع ‏ظهر أمس على أحد الكوابل الضوئية الرئيسية المغذية ...