علي عبود
لن يفهم، ولن يستوعب ملايين السوريين، ماذا قصد رئيس الحكومة في خطابه أمام مجلس الشعب عن إنجازات الحكومة بقوله: لولا الخطوات المسؤولة لكنا في وضع أصعب بكثير من الوضع الحالي!!
السؤال: ماالخطوات المسؤولة التي اتخذتها، أو نفذتها، الحكومة خلال السنوات الثلاث الماضية لمواجهة التحديات وجعل حياة السوريين أقل صعوبة في ظل الحصار والعقوبات؟
عندما تتدهور الأوضاع المعيشية للعامل بأجر إلى مستوى لايستطيع فيها شراء أكثر من سندويشة فلافل يوميا باستثناء أجور النقل والسكن والطبابة..الخ، فهل هذا يعني أن الخطوات المسؤولة للحكومة حالت دون أن يصل هذا العامل إلى وضع أصعب، وبالتالي عليه أن يشكر الحكومة لأنها وفرت له دخلا يتيح العيش دون الحد الأدنى من الفلافل؟
وعندما يعجز الصناعيون عن “تدوير” عجلات مصانعهم لإنتاج سلع كافية للسوق المحلية بأسعار تناسب دخل ملايين السوريين، وسلع منافسة للتصدير، فهل هذا يعني أنه لولا الخطوات الحكومية المسؤولة كانت أوضاعهم أصعب بكثير، كأنّ يعلنوا إفلاسهم أو يغادروا البلاد!
وعندما يصل تقنين الكهرباء إلى أكثر من 20 ساعة يوميا بذريعة قلة التوريدات، فهل هذا يعني أن الخطوات المسؤولة للحكومة منعت أن يكون وضع ملايين السوريين أصعب بكثير كأنّ يزداد التقنين إلى 23 ساعة يوميا!!
وعندما يتدهور سعر صرف الليرة الرسمي من 1256 ليرة إلى 12625 ليرة خلال أقل من ثلاث سنوات فهل هذا يعني أنه لولا الخطوات الحكومية المسؤولة لكان وضع سعر الصرف أصعب وبالتالي بدلا من أن ينخفض الحد الأدنى للأجر من 57 دولار في عام 2021 إلى أقل من 22 دولارا حاليا بالسعر الرسمي ـ وليس حسب دولار الحوالات أو الأسود ـ كان سينخفذض إلى 10 أو 5 دولارات شهريا.
وعندما تختفي مواد أساسية كاللحوم والدواجن والبيض وأخرى ضرورية كالحليب الأجبان والألبان والبقوليات والأكلات الشعبية (الفول والمسبحة والفتات..الخ) عن موائد السوريين، فهل هذا يعني أنه لولا الخطوات الحكومية المسؤولة لكان الوضع أصعب كأنّ يتقلص توفر هذه المواد إلى حد يعجز فيه حتى اصحاب الدخول المرتفعة عن شرائها! ..الخ
وعندما يتقلص الإنتاج الزراعي بفعل رفع أسعار المحروقات والأسمدة والأعلاف والأدوية فهل هذا يعني أنه لولا الخطوات الحكومية المسؤولة لكان الوضع أصعب كأنّ تعجز الحكومة عن تأمينها حتى بالإستيراد!
وعندما يتقلص دعم الأسرة السورية إلى 50 ليتر مازوت وإلى ثلاث أسطوانات غاز، وإلى دفعة واحدة من المواد المقننة (سكر وأرز مع ليتر زيت) سنويا، فهل هذا يعني أنه لولا الخطوات الحكومية المسؤولة لكان وضع السوريين أكثر صعوبة كأن تنخفض كميات الدعم إلى 25 ليتر مازوت واسطوانة غاز وكيلو سكر وكيلو أرز سنويا لكل أسرة!!
بصراحة لم ولن يستوعب ملايين السوريين منتجين ومستهلكين قول رئيس الحكومة: لولا الخطوات المسؤولة لكنا في وضع أصعب بكثير من الوضع الحالي!!
كان يمكن للحكومة استثمار مكامن الغاز والنفط في البر والبحر بدلا من الإعتماد على “التوريدات المتأخرة دائما”!
وكان يمكن للحكومة بالتنسيق مع غرف التجارة والصناعة تأسيس صندوق لتمويل محطات جديدة للطاقة بدلا من هدر مئات المليارات سنويا على الأمبيرات الملوثة والطاقات البديلة الرديئة جدا ، وهو الخيار الفعال الوحيد للقطاعين العام والخاص لدوران عجلات الإنتاج.
وبدلا من التركيز على دعوات الآخرين للإستثمار كان يجب على الحكومة دعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر التي تشكل ركيزة الاقتصاد مثلما تفعل غالبية دول العالم، وكان يمكن من خلال خطوات مسؤولة النهوض بها لكسر الحصار وتأمين بدائل الكثير من السلع المستوردة مع فائض للتصدير.
نعم، بدلا من التباهي بخطوات مسؤولة أوصلتنا إلى وضع صعب جدا، كان يجب على أعضاء مجلس الشعب الحديث مطولا عن الخطوات المسؤولة التي لم تنفذها الحكومة والكفيلة بتحسين اقتصاد البلاد وحياة العباد، بل إن الإصرار على الحديث عن دور لمجلس الشعب مكمل لدور الحكومة هو الذي أوصلنا إلى أصعب أوضاع اقتصادية وخدمية ومعيشية وصلنا إليها بفعل خطوات وسياسات غير مسؤولة!
الخلاصة: بعد الخطوات الحكومية المسؤولة التي أوصلتنا إلى هذا الوضع الصعب، فقد أن الآوان لتتبنى الحكومة القادمة الخطوات التي أعرب المنتجون في القطاعين الزراعي والصناعي عن استعدادهم لتنفيذها بما يضمن إنقاذ البلاد والعباد من الوضع الأكثر صعوبة والقادم بسرعة بفعل انعدام أيّ رؤية حكومية على مدى ثلاث سنوات للإعتماد على الذات في مواجهات التحديات كما فعلتها سورية مع بداية منتصف ثمانينات القرن الماضي.
(موقع سيرياهوم نيوز-٣)