| علي عبود
أكثر الناس تشاؤما لم يكن يتوقع بعد الزيادة الأولى لأسعار المازوت في عام 2008 أن عملية تحرير أسعار المحروقات لن تتوقف حتى تصل إلى مستوى أسعارها العالمية!
نعم، كان سعر المازوت هزيلا جدا ولا يُشكل عبئا على دخل الأسرة التي كان بإمكانها شراء كميات كافية منه مع بداية كل شتاء بمبلغ لايتجاوز الـ 9 آلاف ليرة للألف ليتر !
فجأة تغير مسار أسعار المحروقات صعودا إلى الأعلى مع تخفيض الكميات المخصصة للتدفئة، بل وتقزيمها من ألف ليتر إلى 100 ليتر سنويا!
ولم يطل الوقت حتى امتد تحرير الأسعار إلى حوامل الطاقة بكاملها، مع إنعكاسات كارثية على المستوى المعيشي لملايين الأسر السورية!
لقد كان قرار رفع سعر ليتر المازوت المدعوم صادما وليس مفاجئا فقط من 1100 ليرة إلى2500 ليرة، وكأنّ اللجنة الإقتصادية لم تعد تطيق صبرا فقررت تحرير أسعار المحروقات بسرعة “صاروخية”!
خلال عامين رفعت اللجنة الإقتصادية سعر البنزين المدعوم من 425 ليرة إلى 2500 ليرة أي بحدود ستة أضعاف، والمازوت المدعوم إلى 1700 فإلى 2500 ليرة للصناعيين، مع مايعنيه ذلك من ارتفاع هائل في أسعار السلع والخدمات!!
ولم تكن الكهرباء أفضل حالا فارتفعت الفاتورة هذا العام إلى مالا يقل عن خمسة أمثالها في عام 2021 ، دون أن تسأل الحكومة: من أين ستغطي ملايين الأسر السورية النتائج الكارثية لقرراتها بتحرير أسعار الطاقة والمحروقات!!
مالفتنا وأثار استغراب ملايين السوريين، بل غضبهم تبرير رفع أسعار المحروقات بأنه (بهدف التقليل من الخسائر الهائلة في موازنة النفط)، دون أن تطرح الحكومة سؤالا ولومن باب ترف الجدل النظري: هل المواطن مسؤول بأجره المحدود عن تغطية خسائر وزارة النفط!
إن مصادرة 400 ألف ليتر من محطات الوقود في حلب فقط يشير إلى أن الخسائر الهائلة ليست بسبب بيع أصحاب الآليات كميات أقل من حاجتهم من المحروقات،وإنما بفعل مافيات تسرق ملايين الليترات دون أن تتمكن وزارة النفط أو التجارة الداخلية من وقف بيعها في السوق السوداء!
أما بالنسبة إلى السبب المعلن لتبرير رفع أسعار المحروقات بأنه يأتي (ضماناً لعدم انقطاع المادة أو قلة توافرها) فيثير السخرية، فباستثناء قلة مقتدرة ماديا، فأي أسرة يمكنها تخصيص 200 ألف ليرة سورية تقريبا شهريا لشراء حاجتها من البنزين المدعوم (نظريا)؟
نعرف جيدا إن الكثير من المسؤولين يردون على هكذا سؤال في مجالسهم الخاصة: من لم يستطع شراء البنزين فليبع سيارته و”يتبحتر” بسعرها!
الخلاصة..اللجنة الإقتصادية تؤكد للسوريين وخاصة محدودي الدخل: قراراتنا بتحرير أسعار المحروقات لن تتوقف حتى تصل إلى مستواها العالمي، ومن لم تُعجبه قرارتنا فليبلط البحر!!
(سيرياهوم نيوز-7-8-2022)