ضجّت وسائل الإعلام الدولية والعربية والسورية بمعلومات عن اتفاق بين الإدارة السورية الجديدة و”قسد”، يتضمّن قبول الأخيرة الاندماج في البنية الجديدة للجيش السوري الجديد، وإعادة مؤسسات الدولة إلى مناطقها، في خطوة تبيّن أنها لا تتجاوز إبداء حسن النوايا فقط، وبضعوط أميركية – فرنسية.
ووفق التسريبات، فإنه “تم الاتفاق على انسحاب المقاتلين الأجانب من صفوف قسد وكامل منطقة شمال شرق سوريا، كخطوة لتعزيز السيادة الوطنية والاستقرار”. وأشارت تلك التسريبات إلى أن “الاتفاق تضمّن أيضاً تعزيز التنسيق مع الحكومة السورية وتكثيف الاجتماعات لتعزيز التعاون حول القضايا الوطنية، والتأكيد على وحدة سوريا وتسهيل عودة النازحين والمهجّرين إلى مدنهم وقراهم وتوفير الظروف الملائمة لحياتهم، وتشكيل لجان مشتركة لوضع خطط وآليات تنفيذية لضمان تطبيق هذه البنود بشكل فعّال”.
إلا أن “قسد” سارعت إلى إصدار بيان لم تذكر فيه أغلب تلك البنود، موضحة أنها عقدت اجتماعاً مع كل من “مجلس سوريا الديمقراطية” و”الإدارة الذاتية”، الإثنين، تم خلاله تقييم الأوضاع و”كذلك سير الحوار مع الإدارة الجديدة في دمشق”، مضيفة أنه “تم تأكيد الحرص على إنجاح هذا الحوار، وضرورة إيجاد حل للجزئيات والقضايا التي يتم النقاش حولها، من خلال الوصول إلى آلية تنفيذ لقضايا من مثل دمج المؤسسات العسكرية والإدارية، وعودة المهجرين قسراً إلى أماكنهم الأصلية التي هُجّروا منها، وحل جميع القضايا الخلافية الأخرى عبر الحوار”. وشدّد المجتمعون على “الوصول إلى وقف لإطلاق النار كضرورة لا بد منها للتقدّم في الحوار”. كما دعوا الإدارة الجديدة إلى تحمل مسؤولياتها في ما يخص ذلك.
وجاءت هذه التطورات، بعد يوم واحد من تهنئة القائد العام لـ”قسد”، مظلوم عبدي، الرئيس الانتقالي لسوريا، أحمد الشرع، لتوليه مهامه، وإعرابه في مقابلة مع موقع “نورث برس”، عن أمله في أن “يتمكّن الشرع من قيادة سوريا خلال هذه الفترة الحساسة”، وتأكيده دعم قواته “لأي جهود تصب في تحقيق الاستقرار والوحدة الوطنية”. وحول مفاوضات دمشق مع “قسد”، قال عبدي إن “الجهود لتحضير أرضية مناسبة للتفاوض مع الحكومة في دمشق لا تزال مستمرة”، لافتاً إلى أن “الحوار الجاد والهادف هو السبيل الأمثل للوصول إلى حلول تحقّق المصلحة الوطنية العليا”. كما دعا الشرع إلى زيارة مناطق شمال شرق سوريا، موضحاً أن “هناك نقاط اتفاق مع دمشق، فيما لا تزال قضايا أخرى قيد النقاش”، مشيراً إلى أن “قسد تلتزم بوحدة سوريا على أساس العدالة والمساواة بين جميع السوريين، بعيداً عن التمييز أو المحاصصة”.
“قسد” تبدي حسن نوايا ورغبة في التفاهم مع دمشق بطلب من حليفتيها واشنطن وباريس
وأكّد أن دمشق طلبت منه “إخراج المقاتلين غير السوريين من صفوف قسد، وتسليم الملف الأمني بما يشمل السجناء من تنظيم داعش ليكونوا تحت مسؤولية الحكومة السورية”، معقّباً على هذه الطلبات بالقول إن “قسد منفتحة على التعاون في هذا المجال، إيماناً منها بأن حماية المنطقة ومحاربة الإرهاب مسؤولية وطنية تتطلّب تنسيقاً عالي المستوى بين جميع الأطراف لضمان أمن واستقرار سوريا”. وكشف أنه “يعمل على زيارة دمشق مرة أخرى لمناقشة خطة عمل واضحة لتطبيق ما يتم طرحه”.
وتكشف مصادر مطّلعة، لـ”الأخبار”، أن “إعلان قسد الجديد هو بمثابة إبداء لحسن نوايا مع دمشق لا أكثر، وإثبات لرغبتها في الحوار والتفاهم، وخاصة أمام كل من حليفتيها الولايات المتحدة وفرنسا”، مبيّنة أن “الإعلان جاء بطلب من واشنطن وباريس، للتخفيف من الضغوط التركية على دمشق، واستعجال أنقرة الحلول العسكرية مع قسد”. وترى المصادر أنه “عملياً، لا يوجد أي شيء جديد، نظراً إلى كون النقاط المذكورة سيتم نقاشها بشكل مفصّل عبر لجان لم تُشكّل بعد”، مضيفة أن “النقاط الخلافية لا تزال مستمرة، مع بوادر حسن نوايا، من بينها بدء ضخ الغاز من معمل الشدادي في اتجاه ريف دمشق لتوليد الطاقة الكهربائية، وتسيير قوافل المحروقات من حقل رميلان في اتجاه دمشق”.
كما تصف المصادر إجراءات “قسد” الأخيرة بأنها تتفق مع مضمون رسالة تلقّتها من زعيم حزب “العمال الكردستاني”، عبدالله أوجالان، ورسائل أخرى من رئيس إقليم كردستان العراق، نيجرفان بارزاني، ركّزت على دعوة “قسد” إلى التفاهم مع دمشق.
من جهة أخرى، يبدو أن الضغوط الأميركية – الفرنسية المشتركة على كل من أحزاب “الإدارة الذاتية” وأحزاب “المجلس الوطني” الكردي، لم تثمر حتى الآن، وسط معلومات عن تعثّر عقد اجتماع قومي كردي يهدف إلى توحيد الصف – كخطوة مهمة لإنجاز اتفاق مع دمشق -، ومطالبات من بقية المكوّنات بتمثيلها في أي وفد يفاوض الإدارة الجديدة حول مصير المنطقة. وظهر هذا التعثّر من خلال اجتماع عقده “المجلس الوطني” مع أعضاء اللجنة التحضيرية لمؤتمر “الحوار الوطني”، طالب خلاله بدعوة أحزاب “المجلس” إلى المؤتمر “كونها تمثّل غالبية أكراد مناطق شمال شرق سوريا”.
إلا أن المتحدّث باسم “الوطني”، فيصل يوسف، أكّد أنه تم خلال اجتماع مع ممثلين عن كل من الولايات المتحدة وفرنسا في القامشلي “بحث إحياء الحوارات الداخلية بين الأحزاب السياسية”. وأضاف أن “المجلس يسعى إلى الوصول إلى تفاهم حيال الرؤية المشتركة والوفد المشترك وإيصال صوت الأكراد إلى الأطراف الدولية الراعية للقضية الكردية”، مضيفاً أن “الوطني” أبدى “لوفد التحالف الدولي والولايات المتحدة وباريس موقفه الصريح والمعلن الرافض للإقصاء من اللجنة التحضيرية للحوار الوطني الذي تتّفق عليه غالبية الأحزاب الكردية”.
أخبار سوريا الوطن١_الاخبار